من العودة المفاجئة لكريم بنزيمة إلى الخروج المدوي من الدور ثمن النهائي لكأس أوروبا لكرة القدم على يد سويسرا، عاش الفرنسيون أبطال العالم شهراً مضطرباً، بين سوء تفاهم داخلي واستعدادات صعبة وإصابات وعروض مخيبة للآمال.

الابتسامات التي رافقت عودة بنزيمة بعد غياب خمس سنوات وسبعة أشهر عن منتخب "الديوك" في اليوم الأول للفريق في مقر التدريبات بكليرفونتين في 6 مايو، سرعان ما اختفت عن الوجوه.

Ad

منذ المباراة الاستعدادية الثانية ضد بلغاريا (3-صفر)، اشتكى المهاجم أوليفييه جيرو علناً أن "الكرات لا تصل"، مستهدفاً كيليان مبابي من دون أن يسمّيه، الذي يعتبره لاعباً أنانياً جداً.

سارع لاعب باريس سان جرمان إلى الرد في مؤتمر صحافي معتبراً "كنت أفضّل أن يأتي (ويقول ذلك في وجهي) ويكون أكثر ضراوة".

الانقسام داخل المجموعة

ما يعتبره "تفاهات" في غرفة تبديل الملابس هو دلالة على الانقسام داخل المجموعة، حيث كانت المنافسة محدودة جداً حتى قبل بدء البطولة.

لمدة شهر، انقسم الفريق في الواقع إلى قسمين في التدريبات، بين الركائز الذين يجب إراحتهم والبدلاء المسؤولين عن المحافظة على الإيقاع. وبالكاد لعب جيرو بعد ذلك.

لم يخفِ أنطوان غريزمان أن هناك إرهاقاً بدنياً، حيث قال "في المباراة الأولى، كانت أقدامنا ثقيلة قليلاً بسبب الاستعدادات"، وفي الثانية ضد المجر في بودابست "درجة الحرارة كانت خيالية" و"الجسد تأثر بذلك".

لكن مهاجم برشلونة الاسباني لم يكن قلقاً حينها، مقتنعاً بأن الصعود التدريجي في كأس العالم 2018 سيتكرّر. لكن بعد عشرة أيام، من الواضح أن "لي بلو" (الزرق) لم يتمكنوا من الارتقاء الى ما توقعوه من أنفسهم، وما زالوا تحت تأثير الموجة الحارة في أوروبا الشرقية.

الاستعدادات التي قام بها الجهاز الفني، والتي تشمل حصصاً تدريبية لقدرة تحمل كبيرة في كليرفونتين في نهاية مايو، لم تحق مرادها.

قد يكون التدريب المكثف الذي تم إعداده للبدلاء، في ظل درجة بلغت 35 درجة في اليوم التالي للمباريات، أضر ببعض اللاعبين، مثل كينغسلي كومان الذي امتعض من أعباء هذا الواقع.

لم تؤثر الإصابات على التشكيلة المستدعاة من المدرب ديدييه ديشامب قبل البطولة، باستثناء فرلان مندي وأنتوني مارسيال، لكن سرعان ما لازمت الفريق منذ المباراة الأولى.

عانى لاعب الوسط أدريان رابيو (الكاحل) والظهير الأيسر لوكاس هرنانديز (الركبة) من إزعاج متكرر بسبب الإصابة، مما أجبرهما على البقاء على مقاعد البدلاء أحياناً أو الخروج من أرض الملعب في أحيان أخرى. عانى الظهير الأيمن بنجامان بافار من صدمتين في مباراتين، أثارت أولهما ضد ألمانيا، عندما فقد الوعي لبضع ثوان إثر التدخل العنيف لروبن غوزنس، العديد من الانتقادات حول التنفيذ السليم للبروتوكول الطبي.

توالت الضربات وعانى عثمان ديمبيليه إصابة خطيرة في الركبة بعد نزوله بديلاً في المباراة الثانية ضد المجر ليعود ويغادر أرض الملعب. أما لوكا ديني الذي دخل مطلع الشوط الثاني في المباراة الاخيرة من دور المجموعات ضد البرتغال (2-2)، خرج بعد قرابة الست دقائق بسبب الإصابة.

أصيب ماركوس تورام في مقرّبه الأيمن أثناء التدريب، وتعرض توما ليمار لإصابة قوية في قدمه اليسرى!

بعد إنجاز كأس العالم 2018 في روسيا، لم يقدم المنتخب الفرنسي الأداء المتوقع بعد ثلاث سنوات، على الرغم من وجود لاعبين نجوم في جميع المراكز.

أظهر رافايل فاران الذي قدم مستويات رائعة في روسيا، بعض العيوب، ولم يكرّر نغولو كانتي ما قدّمه في المراحل الأخيرة من مسابقة دوري أبطال أوروبا التي فاز بها مع تشلسي الإنكليزي.

صحيحٌ أن الحارس هوغو لوريس تصدى لضربة جزاء ضد سويسرا في الوقت الأصلي، لكنه لم يقم بتلك التصديات النادرة خلال البطولة. كما أنه أفلت من الطرد ضد البرتغال بعد أن لكم دانيلو بيريرا.

وفي طليعة كل ذلك، لم يجد الثلاثي الهجومي المفترض أن يرعب القارة العجوز بريقه: كيليان مبابي الذي لا يهدأ عادة، لم يسجل في كأس أوروبا وفشل في ترجمة الركلة الترجيحية التي أقصت أبطال العالم من أوروبا (5-4).

خسر أنطوان غريزمان نفوذه في المباريات، وحده كريم بنزيمة نجح من خلال ثنائية في مرمى كل من البرتغال وسويسرا.

وفي دلالة على معاناة تكتيكية، قام ديشامب بتعديل خططه في عدة مناسبات، حتى أنه اختار الزج ببعض اللاعبين في غير مراكزهم الاعتيادية، مثل جول كونديه وكورنتان توليسو على الجهة اليمنى. وهذا كلّفه فشل فرنسا في تحقيق الثنائية (كأس العالم واليورو توالياً) للمرة الثانية في تاريخها بعد مونديال 1998 وكأس أوروبا 2000.