«تجريم الأسلحة البيضاء» مدفون في مجلس الأمة
إن الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي ينشغل بها الناس في غاية الأهمية، لكن لا يجوز ولا يمكن أن تنسينا تلك الإصلاحات الالتفات لحماية المجتمع وتوفير احتياجاته السليمة والصحيحة، ومن الواجب على كل مؤسسات الدولة التعاضد لوضع سياسة وطنية وقائية ومتكاملة في هذه المجالات تحقق ما أوجبه علينا الدين الحنيف، وما كفله الدستور.
تتوالى الجرائم البشعة في البلد بصورة خطيرة، آخرها الغدر بالشرطي الفقيد عبدالعزيز الرشيدي، رحمه الله، وتقف مؤسسات الدولة مترددة وضعيفة في ممارسة أدوارها في حماية المجتمع من أسباب هذه الجرائم، ترويج المخدرات بأنواعها وسهولة تداول الأسلحة البيضاء وضعف تجهيزات وإعداد وتنظيم أفراد الشرطة وغياب الرسالة التوعوية المركزة والهادفة لشريحة النشء والشباب.مجلس الأمة يتحمل بصورة مباشرة غياب قانون تجريم توريد الأسلحة البيضاء وبيعها للعامة، فهل تعلم عزيزي القارئ أن مشروع تجريم هذه الأسلحة معروض على مجلس الأمة من 8 سنوات دون أن يتم البتّ فيه حتى اليوم؟ وهل تعلم أن هذا القانون قدم في أكثر من مجلس ولم يصدر حتى اليوم؟ وهل تعلم أن هذا القانون موجود في مجلس 2013 وأيضاً مجلس 2016، وما زال حبيس أدراج لجانه، ولم يأخذ الأولوية المستحقة لأسباب مجهولة يسأل عنها أعضاء المجلس ومكتبه ولجنة الأولويات والحكومة ممثلة بوزارة الداخلية؟ تعديلات القانون المقترحة عرّفت «الأسلحة البيضاء» بأنها كل أداة قاطعة أو ثاقبة أو مهشمة أو راضة كالسكاكين والسيوف والخناجر والرماح وغيرها، وألزمت وزير الداخلية بإصدار اللائحة التنفيذية التي تخضع فيها عمليات الاستيراد أو البيع لهذه الأسلحة والمعدات لتنظيمات خاصة، وتتضمن حظر حمل هذه الأسلحة في أماكن وأوقات معيّنة، كما أقرت عقوبات وغرامات لمن يخالف هذا القانون.
للأسف كلما وقعت فاجعة في المجتمع تسابق بعض النواب للتسلق عليها إعلامياً والتكسب على جراح المكلومين وإطلاق التصريحات الفارغة التي لا تعالج الخلل ولا تمنع تكرار الفواجع ولا تحقق محاسبة فعلية للمسؤولين، وينسى أولئك النواب أن جزءاً من الحلول بأيديهم في المؤسسة التشريعية لكنهم يتخلون عن دورهم إما لجهلهم بواجبات وظيفتهم، وإما لعدم فائدته الانتخابية أو لتعارضه مع مصالحهم الخاصة والضحية المجتمع وأفراده وشبابه.إننا نعيد ونكرر ما كتبناه مرات عديدة، وإن الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي ينشغل بها الناس في غاية الأهمية، لكن لا يجوز ولا يمكن أن تنسينا تلك الإصلاحات الالتفات لحماية المجتمع وتوفير احتياجاته السليمة والصحيحة، ومن الواجب على كل مؤسسات الدولة التعاضد لوضع سياسة وطنية وقائية ومتكاملة في هذه المجالات تحقق ما أوجبه علينا الدين الحنيف، وما كفله الدستور، فالتفتوا لتلك الأمور الجسيمة فإنها أمانة عظيمة في رقابكم. والله الموفق.