لعل الأبيات التالية من أشهر أبيات الشعر التي لم ولن تفي أساتذتنا ومعلمينا حقهم البتة، تلك الأبيات التي تفنن بها أمير الشعراء (أحمد شوقي) وهو يمجد وينزل المعلمين منزلتهم الحقيقية في المجتمعات قائلا: قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولاأعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولا؟طبعا المرحوم أحمد شوقي لا يعلم دمار التعليم الممنهج الحاصل في الكثير من البلدان وعلى رأسها الكويت، والذي أتلمسه أنا وغيري من الآباء (ولسا حنشوف كتير وكتير ونسمع أكتر وأكتر) أو لربما كان يستشرف مستقبلا أظلم للمعلم ومهنته النبيلة، فأطلق العنان لأفكاره وأشعاره وكتب تلك الأبيات الشهيرة. التعليم عماد المستقبل وهو الخط الأول والأخير في إعداد الناشئة، جيل المستقبل وعماد الوطن، فمخرجاته يجب أن تواكب العصر وأن تكون متماشية مع متطلبات الحاضر القريب مع أعداد الطلبة لمتغيرات الغد، والمعلم هو الشخص المحوري في هذا كله وراحته (بالأخص راحة باله) يجب أن تكون على رأس أولويات وزارة التربية، وما دفعني لكتابة هذا المقال هو الدردشة ذات يوم مع أحد الأصدقاء المعلمين الذي صدمني بقيمة راتب المعلم الوافد لدولة الكويت والذي يكون بمتوسط 6،000 دك سنويا أي ما يعادل قرابة 20،000 دولار أميركي بالسنة الواحدة علما أن الوافدين يشكلون نسبة لا يستهان بها من الكادر التعليمي بالدولة في مختلف المراحل السنية. هذا المبلغ هو أس أساس المشكلة والذي يعطي إشارة واضحة المعالم للمعلم بأن البلد وأهله مرتع للدروس الخصوصية وأن اعتمادك يجب أن يكون عليها لتأمين مستقبل أبنائك أنت أيها المعلم التربوي!! فماذا نتوقع من المعلم حين يقارن نفسه بأقرانه في المدارس الخاصة (وليست الأهلية لأن ذاك موال آخر) في الكويت؟! من الطبيعي أن المعلم سيلجأ الى الدروس الخصوصية ولن يعير اهتماما لكفاءته الشخصية داخل المدرسة بل سيتساهل في الكثير من الأمور التي تنعكس على التعليم الحكومي الذي من المفترض به أن يكون الأفضل في أي بلد، وفي نظرة خاطفة على متوسط رواتب المعلمين حول العالم، نجد أن أفضل دول من ناحية المخرجات التعليمية هي تلك الدول التي تهتم بحالة المعلم المادية ولنقارن تلك الأرقام بالكويت مثلا، حيث يتقاضى المعلم في لوكسمبورغ، ألمانيا وهولندا ما بين 61،000 إلى 100،000 دولار سنويا كمرتب شامل يجعل من المعلم في مصاف موظفي الدولة أصحاب الدخول المعتبرة. مشاكل التعليم لا تنحصر بالمرتبات والدروس الخصوصية فقط بل متشعبة وممتدة الى أبعد مدى والدمار الحاصل مع أبنائنا وبناتنا الطلبة في مناهجهم وتداخل الدروس ببعضها ومدى جديتها هو أمر يلتمسه أي شخص في الدولة، ولا ننسى كذلك سلب المعلم من أسلحته كأعمال السنة والتي تضاهي الأربعين في المئة من النسبة النهائية والتي يحرص بعض مديري المدارس أن يبلغوا المدرسين بأنها (بالإكرام لا بالعدل) لتدخل المجاملات والواسطة حتى في حقوق المعلم التربوي أمام ضميره وطلبته. ما لم تتم معالجة جملة المشاكل التعليمية في الدولة والاستمرار في تجاهلها فعلى الجيل الصاعد السلام وسندفع أكثر وأكثر للمدارس الخاصة (أو للدروس الخصوصية) لننقذ ما يمكن إنقاذه من مستقبل تعليم أبنائنا وبناتنا. على الهامش: لأنها ليست مسيسة ولا تملك منصة إعلامية ذات صيت ولا يوجد لدينا نقابة للفنانين تستطيع أن تقتص حقوقهم من الدولة التي لا أدري كيف تتعامل مع هذا الملف أصلا، ترقد الفنانة التي أسعدت أجيالاً من الكويتيين والخليجيين انتصار الشراح بانتظار الفرج الإلهي رغم استحقاقها للعلاج بالخارج. قلوبنا ودعواتنا معك يا «أم سالم» وألبسك الرب لباس الصحة والعافية ونراك تعتلين خشبة المسرح مجددا عن قريب، وعلى وزارة الصحة أن تفتح ملفها وملفات الكثيرين ممن يستحقون العلاج في الخارج، وأن تجد لهم الحل، فهم أبناؤنا أصحاب الأولوية مقارنة بالمرضى «السواح» في ادجور روود اللندني. والغريب هو عدم تناول موضوعها من نواب الأمة أو المسؤولين في وزارة الصحة فنسأل الله أن يفرج عنها وعن كل المرضى.
مقالات
قم للمعلم
01-07-2021