تمكنت إنكلترا أخيراً من فك عقدتها الألمانية وبلغت ربع نهائي كأس أوروبا، بفوزها على الـ"مانشافت" 2-صفر، أمس الأول على ملعب "ويمبلي" في لندن أمام قرابة 40 ألف متفرج.وتلتقي إنكلترا التي حافظت على شباكها نظيفة في مبارياتها الأربع الأولى في بطولة كبرى منذ مونديال 1966، حين توجت باللقب الأول والوحيد له على كل الصعد، في ربع النهائي السبت في روما مع أوكرانيا التي أكملت مغامرتها وأقصت السويد بالفوز عليها 2-1.
صحيح أن الإنكليز توجوا بلقبهم الوحيد على الإطلاق، إن كان قارياً أو عالمياً، بفوزهم في نهائي مونديال 1966 على ألمانيا الغربية على نفس الملعب الذي جمع المنتخبين الثلاثاء، إلا أن الـ"مانشافت" شكل عقدة تاريخية لمنتخب "الأسود الثلاثة" منذ ذلك النهائي المثير للجدل (4-2 بعد التمديد).وودع الإنكليز نهائيات كأس العالم أعوام 1970 من ربع النهائي و1990 من نصف النهائي و2010 من ثمن النهائي على يد الألمان، كما ودعوا البطولة الأخيرة التي استضافوها على أرضهم عام 1996 في كأس أوروبا من نصف النهائي على يد الغريم التاريخي الذي توج لاحقاً بلقبه الثالث والأخير في البطولة القارية.ولعب مدرّب إنكلترا الحالي غاريث ساوثغيت دوراً في الخروج المرير لمنتخب بلاده بإهداره ركلة ترجيحية في تلك المباراة قبل 25 عاماً، ما جعل الانتصار ثأراً شخصياً له، بفضل هدفين متأخرين سجلهما رحيم سترلينغ (75) والقائد هاري كاين (86).ويبدو طريق إنكلترا ممهداً نحو النهائي الذي يقام في "ويمبلي" أيضاً، لأن بعد ربع النهائي ستواجه في حال فوزها الدنمارك أو تشيكيا.وانتصار الثلاثاء بحضور هذا العدد من الجمهور للمرة الأولى في "ويمبلي" منذ بدء تفشي "كورونا" في مارس 2020، كان الأول لإنكلترا في معقلها على الألمان في آخر ثماني مواجهات بين المنتخبين على هذا الملعب، وتحديداً منذ اللقاء الودي بينهما في مارس 1975 (2-صفر).وتخطت إنكلترا بذلك دوراً إقصائياً في البطولة للمرة الثانية فقط منذ ربع نهائي 1996 حين تغلبت على إسبانيا بركلات الترجيح.وبخروجها من ثمن النهائي، ودعت ألمانيا مدربها منذ 2006 يواكيم لوف الذي كان يخوض البطولة الأخيرة مع المنتخب قبل أن يترك منصبة لهانزي فليك.
سترلينغ يواصل التألق
وبعدما كان صاحب هدفيها الوحيدين في دور المجموعات وبعد فرص قليلة الى حد ما مع أفضلية ميدانية للإنكليز، انتظر منتخب "الأسود الثلاثة" حتى ربع الساعة الأخير ليقول كلمته حين مهد له سترلينغ الطريق بافتتاحه التسجيل بعد لعبة جماعية شارك فيها كاين والبديل جارك غريليش ولوك شو الذي مرر الكرة لجناح مانشستر سيتي الذي تابعها في الشباك (75).وبات سترلينغ أول لاعب يسجل أهدافه بلاده الثلاث الأولى في نهائيات كأس أوروبا أو كأس العالم منذ غاري لينيكر في مونديال 1986.وحسمت إنكلترا الأمور نهائياً بتسجيلها الهدف الثاني عبر القائد كاين بكرة رأسية بعدما وصلته الكرة من غريليش إثر خطأ في منتصف المنطقة من الألمان، ما سمح لشو في خطفها وبناء هجمة الهدف القاتل.مولر متألم جداً من إضاعته فرصة لا تهدر
تابع مهاجم منتخب ألمانيا توماس مولر صيامه في نهائيات كأس أوروبا لكرة القدم، في ثالث مشاركاته فيها، بعد إضاعته فرصة لا تهدر في مواجهة إنكلترا، كانت ستمنح التعادل 1-1 لفريقه، قبل أن تتلقى شباك المانشافت هدفا ثانيا لتخرج من الدور ثمن النهائي بالخسارة صفر-2 في الدور ثمن النهائي.واعترف مولر بأن إضاعته للفرصة، عندما انفرد بحارس مرمى إنكلترا جوردن بيكفورد وسدد خارج الخشبات الثلاث، بأنها "مؤلمة جدا"، متابعا: "ان تحصل على فرصة مماثلة للتسجيل ثم تهدرها، فإنك تشعر بألم شديد. تلك اللحظة تبقى عالقة في ذهنك حتى النهاية، هذا الأمر يجعلك لا تنام في المساء".وقال بحسرة: "إنها تلك اللحظة التي تدربت طويلا وعملت جاهدا وحلمت بها لكي تجعل أمة بأكملها تشعر بالنشوة"، مضيفا: "الأمر مؤلم أيضا لأن جميع أنصار المنتخب الألماني وقفوا إلى جانبنا وساندونا خلال كأس أوروبا. أريد أن اشكرهم على دعمهم".ولو قدر لمولر أن يسجل من تلك الفرصة لرفع رصيده الدولي الى 40 هدفا في 107 مباريات دولية، لكنه أخفق بالتالي في التسجيل في 3 نسخ من البطولة القارية أعوام 2012 و2016 والحالية.ساوثغيت: التحدي سيكون كبيراً
حث المدرب غاريث ساوثغيت لاعبي منتخب إنكلترا على اغتنام الفرصة، للفوز بكأس أوروبا لكرة القدم، بعد الفوز التاريخي، أمس الأول، على ألمانيا 2-صفر في ثُمن النهائي.وفيما هتفت الجماهير: "كرة القدم تعود إلى وطنها"، احتفالا بفوز طال انتظاره على ألمانيا، يدرك ساوثغيت أن هذه الأمسية لن تعني الكثير إذا ما ارتبطت بتتويج أول في البطولة القارية.وردّ لاعب الوسط الدفاعي السابق على إمكانية اعتبار فريقه أحد المرشحين للفوز باللقب: "لم أقل لهم ذلك، لكن عندما وصلنا إلى غرف الملابس، كنا نتحدث عن مباراة السبت بالفعل".وتابع المدرب (50 عاما): "الأداء كان هائلا، لكن بكلفة عاطفية وجسدية، ويجب التأكد من التعافي، وأننا في حالة ذهنية مناسبة".وأردف لاعب كريستال بالاس وأستون فيلا وميدلزبره السابق: "هذه لحظة خطيرة بالنسبة لنا. سنحظى بدفء النجاح، والشعور في أنحاء البلاد بأنه يتعين علينا إحراز اللقب. نعرف أن التحدي سيكون كبيرا من الآن وصاعدا. أعتقد أن اللاعبين مدركون لذلك".وشرح ساوثغيت جانبا من خطته لمواجهة ألمانيا: "واجهنا فريقا أحرز لقب المونديال أربع مرات، ومدربا يملك مسيرة لا تصدق. أحترم كل ما قدَّمه. مع خبرتها، أدركنا أن ألمانيا ستفرض طريقة لعبها في بعض فترات المباراة، وأن (توني) كروس و(ماتس) هوملس سينظمان اللعب، ويجب أن نتحلى بالصبر".تابع: "ما يرضيني أكثر شيء، أننا لعبنا بشغف وبقلبنا، لكننا لعبنا أيضا بعقلنا. وجدنا توازنا بين الشجاعة مع الكرة أو الاحتفاظ بها في ملعبنا".
كين: ليلة مثالية لا تنسى
ذكر قائد المنتخب الإنكليزي لكرة القدم هاري كين أن الفوز على المنتخب الألماني كان بمنزلة "ليلة مثالية"، ولكنه سرعان ما نقل تركيزه على مواجهة دور الثمانية في بطولة أمم أوروبا، المقرر إقامتها بعد غد في روما.ونقلت وكالة الأنباء البريطانية "بي ايه ميديا" تصريحات كين التي أدلى بها لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، حيث قال: "إنه انتصار لن ننساه أبدا. كان أداء عظيما، شباك نظيفة مرة أخرى، ليلة مثالية فقط"، مضيفا: "سنستمتع بهذا الانتصار، لكننا نعلم الآن أن لدينا مباراة كبيرة أخرى يوم السبت. نحن نحافظ على نظافة شباكنا ونبني ثقتنا في هذا".وأردف: "هذا سيمنحنا المزيد من الثقة بالنفس، لكن علينا أن نتأكد الآن من تحقيق النتيجة الصحيحة بعد غد. لا يمكننا أن نتوقف. بكل وضوح نريد المضي قدما وتنتظرنا مباراة صعبة"، واعترف بأهمية فوز إنكلترا على ألمانيا، التي لم يتغلبوا عليها في أي بطولة كبرى منذ نهائي كأس العالم 1966.لكنه أكد أن الفريق الذي يدربه غاريث ساوثغيت يستهدف التواجد في المباراة النهائية، متابعا: "لا يوجد أكبر من هذا. مباراة إقصائية أمام بلد كبير، على أرضنا عندما تكون كل الضغوط علينا، كل التوقعات، وحققنا نتيجة إيجابية. ينبغي علينا أن نفخر بهذا الانتصار، لكن المحصلة النهائية أننا لا نريد التوقف هنا، لدينا رؤية عما نريد الذهاب إليه كفريق، مجموعة من اللاعبين والجهاز الفني، ولم ننته بعد".