واشنطن تنسحب من أفغانستان خلال أيام وتبقي ألف جندي

● طهران تسعى لتكرار سيناريو «الحشد» العراقي مع «فاطميون»
● قلق صيني من دور تركيا
● ألمانيا وإيطاليا تستكملان إخراج قواتهما... وإصابة جنود باكستانيين بقذيفة طائشة

نشر في 01-07-2021
آخر تحديث 01-07-2021 | 00:04
جنود ألمان في أفغانستان (رويترز)
جنود ألمان في أفغانستان (رويترز)
تتجه الأوضاع في أفغانستان بسرعة إلى مزيد من التصعيد الميداني والغموض السياسي، في وقت يبدو أن الرئيس جو بايدن مصمم على الخروج من «المتاهة الأفغانية» التي علق بها 3 رؤساء أميركيين والانتقال إلى مرحلة أخرى عبر فرض أمر واقع جديد.
كشف مسؤولون عسكريون أن الولايات المتحدة ستكمل انسحاب قواتها من أفغانستان في غضون أيام قبل نحو شهرين من موعد 11 سبتمبر الرمزي الذي حدده بايدن لإنهاء أطول حرب أميركية.

وفي وقت لم تتضح بعد نتيجة المحادثات الأميركية مع تركيا لإبقاء جنود أتراك في كابول للاستمرار بتشغيل مطار العاصمة الأفغانية، وربما المساهمة في مهام أمنية أخرى، نقلت «رويترز» و«سي إن إن»، عن مصادر أميركية مسؤولة، أن واشنطن ستبقي نحو ألف جندي أو أقل قليلاً مع معداتهم، بعد الانسحاب الرسمي، للمساعدة في تأمين مقر السفارة الأميركية في كابول ومطار العاصمة الدولي.

وهذا الاقتراح ليس جديداً على الساحة، فسبق أن دعا إليه حرفياً السناتور جيمس إنهوف، كبير الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» قبل أسابيع .

واقترح إنهوف إبقاء ألف جندي حتى ربيع عام 2022 على الأقل ما سيسمح لواشنطن «بالحفاظ على قوة سريعة لمكافحة الإرهاب مع تطور البيئة السياسية والأمنية، وتمكين عمليات الاستخبارات وتنفيذ عمليات مراقبة واستطلاع أكثر فعالية؛ والمساعدة في حماية سفارة الولايات المتحدة أثناء ما يتوقع مجتمع الاستخبارات أنه سيكون انتقالاً فوضوياً؛ وإتاحة المزيد من الوقت لمعالجة التأشيرات للأفغان الذين ساعدوا القوات الأميركية ويخشون الآن على حياتهم».

ألمانيا وإيطاليا

تسريع القوات الأميركية وتيرة انسحابها رغم تصاعد العنف ربما أثر كذلك على دول أوروبية أخرى للقيام بخطوات مماثلة. فقد أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أمس الانتهاء من سحب قوات بلادها من أفغانستان بعد وجود عسكري على الأراضي الأفغانية استمر قرابة 20 عاماً.

بدورها، أعلنت إيطاليا إحدى أكثر القوى الغربية حضوراً في أفغانستان، أمس، أنها استكملت عملية سحب آخر جنودها، مؤكدة أن «التزام المجتمع الدولي، بدءاً بإيطاليا، تجاه أفغانستان لا يتوقف عند هذا الحد. سيستمر في أشكال أخرى من تعزيز التعاون إلى التنمية ودعم المؤسسات الجمهورية الأفغانية».

معارك

ميدانياً، لا يبدو أن «طالبان» تستمع إلى الدعوات الدولية لها لوقف الهجمات على قوات الحكومة الأفغانية واستئناف مفاوضات السلام المتوقفة.

فقد أعلنت الحركة، أمس، السيطرة على مقر مديرية كلدار ففي ولاية بلخ (شمالي أفغانستان) بعد ساعات على تسليم القوات الألمانية قاعدتها في هذه الولاية.

وأشارت تقارير أن الحركة اصبحت تسيطر على 50 مديرية من بين أكثر من 300 مديرية في عموم أفغانستان منذ مايو الماضي، وخاصة الشمال والغرب، كما أشار إلى تأكيد الحكومة استعادة قواتها 10 مديريات من «طالبان».

وفي تطورات ميدانية أخرى، قال مسؤول أمني أفغاني إن 5 أشخاص على الأقل قتلوا أمس، في تفجير عبوة زرعت على جانب الطريق في ولاية «غزنة» (وسط أفغانستان).

بدوره، أعلن الجيش الباكستاني أمس أن جنديين قتلا وأصيب آخران جراء قذائف طائشة أطلقت من داخل الأراضي الأفغانية على نقطة مراقبة باكستانية في منطقة خضر خيل في شمال وزيرستان.

وسيطرت «طالبان» أخيراً على معبر حدودي رئيسي مع طاجيكستان في الشمال ومناطق أخرى محيطة بمدينة قندوز، وفرضت حصاراً فعلياً على المدينة.

كما حاصر المسلحون جميع المدن الرئيسية تقريباً في البلاد، مما أثار مخاوف من أنهم قد يقومون أيضاً بهجوم عسكري للسيطرة على كابول بعد مغادرة القوات الأميركية وقوات الناتو.

ضربات جوية

الأنباء عن نية واشنطن إبقاء ألف جندي أميركي في كابول، جاءت غداة تحذير الجنرال الأميركي الكبير أوستن ميلر، وهو القائد الأعلى للقوات الأميركية في أفغانستان، بشن ضربات جوية ضد طالبان إذا واصلت هجماتها للسيطرة على مناطق جديدة، مصراً على أن الجيش الأميركي ما زالت لديه القوة النارية لشن ضربات جوية ضد المسلحين حتى وهو يواصل الانسحاب.

ميلر الذي يوشك على تسليم منصبه الى جنرال آخر، حذر في مقال في «نيويورك تايمز» من أن تفاقم العنف قد يؤدي إلى حرب أهلية، وهو سيناريو توقعته أيضاً روسيا قبل أيام.

ويشكك المسؤولون الحكوميون الأفغان في تأكيد «طالبان» الاستيلاء على مناطق جديدة فيما يصعب التحقق من ذلك بشكل مستقل.

لكن الخبراء يقولون إن أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت طالبان قادرة على السيطرة على عشرات المناطق الجديدة في الأسابيع الأخيرة هو افتقار القوات البرية الأفغانية التي تقاتل في مناطق ريفية الى الدعم الجوي الأميركي.

إيران والحشد الأفغاني

من جهة أخرى، علمت «الجريدة» أنه خلال اجتماع وزراء خارجية إيران وتركيا وأفغانستان الأخير في مدينة آنطاليا التركية، اقترح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على نظيريه التركي والأفغاني نقل «لواء فاطميون» الموالي من طهران والمكون من أفغان شيعة يقاتلون في سورية، الى أفغانستان وضمهم كفصيل مساند للجيش على غرار «الحشد الشعبي» في العراق رغم أن الشيعة الأفغان يشكلون أقلية.

وقال المصدر، إن ظريف أكد أنه في حال قبلت الحكومة الأفغانية ضم «لواء فاطميون» إلى القوات المسلحة الأفغانية، فإن طهران سوف تحاول إقناع مجموعات «طالبان» التي لديها علاقات جيدة معها بتعليق عملياتها العسكرية خلال المفاوضات.

وتحدث المصدر عن قلق إيراني ـ روسي ـ باكستاني من الحضور العسكري التركي في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي والأطلسي.

ولفت إلى أن بكين تتخوف حصراً من أن حضور الأتراك في أفغانستان من شأنه أن يؤدي «نظرياً» إلى وجود خط دعم لوجستي عسكري تركي للمسلمين الأيغور الذين يتحدثون التركية ولجأ عدد كبير منهم إلى تركيا في السنوات الأخيرة.

طهران - فرزاد قاسمي

back to top