الصديق ناصر الراشد عاتبني على مقال ضرورة التخصيص، مع أنّي كتبت وجهة نظر رجل أعمال وليست - بالضرورة - تمثّل رأيي.

يقول ناصر إن شركة المخازن العمومية الحكومية، التي ترأّسَها لم تكن نسياً منسياً، فهي حققت نجاحات لوجستية كبيرة، وخصوصاً بعد التحرير مباشرة، وأنها قُيّمت بـ 76 مليون دينار حين أرادوا تخصيصها، وهذا أعلى من قيمتها الدفترية.

Ad

ويضيف ناصر أنه ليس كل شركة أو مؤسسة حكومية نحكم عليها بالفشل، فالقضية هي مسألة حُسن إدارة؛ سواء كانت هذه الإدارة خاصة أو عامة، خذ مثلاً شركة مطاحن الدقيق الحكومية، التي أسسها المرحوم خالد الصقر، فقد حققت أرباحاً للدولة بقيمة 43 مليون دينار، وتنتج خمسة ملايين رغيف يومياً، وكل منتجاتها اليوم عالية الجودة.

ماذا عن الشركات الخاصة هنا، التي تخلط بين الملكية والإدارة بخلاف الشركات الغربية؟ فالأبناء يسيّرون إدارة الشركة بعد الآباء، أو بتفويض منهم، وما أكثر الشركات التي فشلت في هذه الحالة، بسبب "توريث" الإدارة، كما ورثت الملكية!

يستطرد ناصر، كذلك، متسائلاً: لماذا لم تحدد أهداف الخصخصة قبل المضيّ فيها؟ محطات البنزين مثلاً سلّمت إلى شركة أو شركتين، لماذا لم يوضع حدّ لهذا، وتترك كل محطة مثلاً لإدارات شركات شبابية صغيرة؟ مثلاً كل محطة يديرها ثلاثة أو أربعة شباب، وهنا توفّر فرص العمل للكثيرين من الشباب بدلاً من الاحتكار الحالي.

ويدعو ناصر إلى تخصيص مواقع لحاضنات المشاريع للشباب، كي توفّر لهم فرص العمل، بدلاً من إعطاء مواقع كبيرة المساحة لمصانع مجموعات محددة مردودها ضعيف في خلق فرص العمل.

كذلك نحن نطلب من الطبيب شهادة طبّ معترفاً بها كي يمارس عمله، ونطلب من المحامي أن يلتزم بفترة تدريب قبل مزاولة المهنة، لماذا لا نشترط مثل هذا الشرط في معظم المهن لأبنائنا وبناتنا، كما هو حادث في الدول المتقدمة؟

من غير المعقول ـ وهو ما يحصل هنا - أن يأتيك عامل صباغة ويفتح ورشة ميكانيك تصليح سيارات، ويتعلّم "التحسونة برؤوس القرعان"!

ماذا لو فتحنا الباب للمواطنين الشباب للدراسة في معاهد تخصصية حرفية جيدة تعطي شهادات تعليم حرفي بالدولة، وليست بقالات سيئة في معظم المهن والحرف؟

سنوفّر، حينها، العديد من المتخصصين الحرفيين الأكفاء الذين يغنون البلد بعلمهم وجدارتهم، ونوفّر آلاف فرص العمل، أليس هذا أفضل للشاب من العمل موظفاً إدارياً تخصص توقيعات، أو يكون مجرد كفيل لصاحب ورشة أو بقالة يقبض المقسوم من الوافد كل شهر، مستثمراً جنسيته الكويتية، بدلاً من الأعمال المنتجة؟

ماذا عن الخصخصة في التعليم؟ انظر كم جامعة خاصة جيدة لدينا، وأفضل من جامعة الكويت، معظمها تطلب أراضي من الحكومة (بي. أو. تي) ببلاش، وبعدها تطلب من الحكومة توفير بعثات داخلية كي تسيّر أمورها! وشوفوا التحف التي تخرّجها تلك الجامعات.

هناك الكثير يقال عن "بلاوي"، وأيضاً فضائل الخصخصة، حسب وضع الإدارة، وينسب للزعيم الصيني دينغ شياو بينغ حين قالوا له، في أواخر السبعينيات، إنك تحوّل البلد من النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي (الصحيح هو رأسمالية الدولة وليس الدولة الرأسمالية)، فردّ عليهم: "لا يهمّ طالما الكلب ينبح وينبّه للخطر في هذا النظام أو ذاك". فلننظر إلى التجربة الصينية، أو على الأقل نتأمل أنظمة دول شمال أوروبا الإسكندنافية، ولو كنّا هنا نحيا بطقس ملتهب بدرجة حرارة 50 مئوية، وهم هناك يحيون في ربيع مستدام بطقسهم وأنظمتهم السياسية.

حسن العيسى