بعد مرور نحو 6 أشهر ونصف على انطلاق دور الانعقاد الأول لمجلس الأمة في فصله التشريعي السادس عشر، أسدل الستار أمس على هذا الدور، عقب جلسة الحالة المالية للدولة، والتي حضرتها الحكومة رغم جلوس 9 نواب من أعضاء كتلة الـ31 في مقاعد الوزراء، الذين اتخذوا من منصة الاستفسارات مقرا لهم خلال الجلسة.

البداية كانت مع افتتاح رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الجلسة الخاصة، في التاسعة صباح أمس، والمقررة لعرض الحالة المالية للدولة طبقا للمادة 150 من الدستور، وفض دور الانعقاد الجاري، وانطلقت الجلسة بتلاوة الأمين العام للمجلس أسماء الأعضاء الحضور والمعتذرين، وعلى الفور طلب وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة مبارك الحريص من الرئيس الغانم الكلمة.

Ad

وقال الحريص، في مداخلة له أثناء بداية بند عرض وزير المالية الحالة المالية للدولة، إن "الحكومة تطلب تحويل الجلسة إلى سرية لمناقشة الحالة المالية للدولة، حسبما تواترت عليه الحالات منذ الفصل التشريعي الأول عام 1963 حتى الآن"، وأجاب الغانم: "تخلى القاعة لمناقشة طلب الحكومة نظر الحالة المالية في جلسة سرية".

وتنص المادة 69 من اللائحة الداخلية للمجلس على أن "جلسات مجلس الأمة علنية، ويجوز عقدها سرية بناء على طلب الحكومة أو رئيس المجلس أو عشرة أعضاء على الأقل، وتكون مناقشة الطلب في جلسة سرية"، وبعد تحويل الجلسة الى سرية دعا الغانم إلى تصويت الأعضاء على طلب الجلسة السرية لتكون النتيجة 32 عضوا مؤيدا، و30 عضوا مع العلنية.

انسحاب الحكومة

وعقب إعلان نتيجة الجلسة السرية، والتي جاءت بموافقة 32 عضوا مقابل رفض 30 عضوا، احتجت الحكومة عندها على جلوس النواب في مقاعد الوزراء، وطالبت بإخلاء النواب منها كي يستمروا في عرض الحالة المالية للدولة، أو الاكتفاء بما تم توزيعه على الأعضاء، لكن طلبهم قوبل بالرفض، وعلى أثر ذلك أعلن الوزير الحريص اكتفاء الحكومة بما تم توزيعه، وفي هذه الأثناء انسحبت الحكومة من القاعة، وظل الحريص، حيث أعلن الغانم الانتقال إلى البند التالي المتمثل في فض دور الانعقاد، عندها تلا الأمين العام لمجلس الأمة المرسوم رقم 139 لسنة 2021 بفض دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي السادس عشر.

وقال الغانم، عقب تلاوة مرسوم فض دور الانعقاد الأول، "ترفع الجلسة، على أن يعود المجلس للانعقاد من جديد في أكتوبر المقبل، إذا الله أعطانا طول العمر".

وأضاف الغانم: "أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الكويت وأميرها وشعبها من كيد الكائدين وعبث العابثين ومن كل مكروه إن شاء الله... ونراكم بأوضاع أفضل في أكتوبر القادم"، ورفع الجلسة.

وفي أول تعليق على ما حدث بالجلسة قال النائب أسامة الشاهين: "صوَّتُ ضمن ٣٠ على علنية جلسة الحالة المالية للدولة، بينما صوت ٣٢ نائبا ووزيرا على سريتها إيمانا مني بحق الشعب في الاطلاع والرقابة"، مضيفا ان الحكومة انسحبت من جلسة الحالة المالية للدولة احتجاجا على جلوس النواب في مقاعد الوزراء، وحسب استعراض وزير المالية الحالة المالية للدولة اطمئن الشعب بأن الإيرادات غير النفطية للعام الخامس على التوالي تفوق الإيرادات النفطية".

من جهته، ذكر النائب د. أحمد مطيع: "لقد فض دور الانعقاد الأول، الذي مر دون تحقيق ما كان يطمح إليه الشعب الكويتي بسبب تعطيل الحكومة للجلسات، فتعطلت المصالح وغابت الرقابة على أعمال الحكومة"، متابعا: "نتمنى أن تراجع الحكومة حساباتها وتعود متعاونة ‏أكثر في دور الانعقاد الثاني ‏إن كانت هناك رغبة حقيقية ‏في إصلاح البلد وتنميته".

حدث في الجلسة
صباح الورد

أثناء جلوس النواب على مقاعد الوزراء قبيل بداية الجلسة بدقائق دخل النائب سلمان الحليلة الى قاعة عبدالله السالم متجها إلى كرسيه في مقاعد النواب، ليفاجأ بجلوس نواب من كتلة الـ 31 على مقاعد الحكومة، فألقى التحية بقوله: صباح الخير، ليرد عليه سعود بوصليب، قائلا: صباح الورد، ثم يضع الحليلة ملفه على مكتبه، ويغادر القاعة إلى الخارج انتظاراً لبدء الجلسة.

أي وزير اليوم؟

خلال دخول حمدان العازمي إلى القاعة قابله مرزوق الخليفة ليصبّح عليه، ثم سأل العازمي الخليفة: «أبوعذبي هاا... اليوم تجلس على مقعد أي وزير؟»، فابتسم الخليفة ثم هم بالجلوس في مقاعد الوزراء مع بقية النواب.

مركز قوي

من ناحية أخرى، أصدر وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار خليفة حمادة بيان الحكومة حول الحالة المالية الدولة، مؤكدا أن المركز المالي للكويت قوي جدا، لأنه مدعوم بالكامل من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، مؤكدا أن إيرادات الصندوق لا تدخل في الميزانية، بل يعاد استثمارها كما نص عليه قانون إنشائه.

وأضاف الوزير حمادة، في بيان صحافي بشأن الحالة المالية للدولة كما في 31 مارس 2021، أن أداء الصندوق كان الأفضل في تاريخه، إذ حقق نسبة نمو بلغت 33 في المئة في هذه السنة، متفوقا على نظرائه من الصناديق السيادية العالمية التي تفصح عن أدائها، وعلى أداء المؤشرات الرئيسة ليس فقط لهذا العام بل أيضا على أساس 3 سنوات و5 سنوات و10 سنوات و20 سنة.

وأفاد بأن النمو في صندوق احتياطي الأجيال في السنوات الخمس الماضية فاق إجمالي الإيرادات النفطية للفترة نفسها، وحقق نتائج تفوق الأهداف الموضوعة في استراتيجية الصندوق للفترة ذاتها، "وهذا يعود إلى كفاءة ومهنية القائمين على إدارة الصندوق للوصول إلى هذا الأداء القياسي والمتميز"، لافتا إلى ارتفاع إجمالي الموجودات مقارنة بالسنة السابقة بنسبة 19.2 في المئة، في حين انخفض إجمالي الالتزامات مقارنة بالسنة السابقة بنسبة 27.9 في المئة مع ارتفاع الموجودات عن الالتزامات مقارنة بالسنة السابقة بنسبة 28.7 في المئة.

وذكر أن السيولة في خزينة الدولة (الاحتياطي العام) "استنفدت بالكامل في الصيف الماضي نتيجة السحوبات التي تمت لتغطية مصروفات الدولة التي تعاني من اختلالات هيكلية متراكمة، ما أدى إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتوفير السيولة، منها إيقاف تحويل 10 في المئة من الإيرادات إلى صندوق الأجيال بأثر رجعي اعتبارا من نتائج السنة المالية (2018-2019)، فضلا عن بيع بعض الأصول في خزينة الدولة (الاحتياطي العام) على صندوق احتياطي الأجيال القادمة".

وأضاف أنه نتيجة لهذه الإجراءات تم توفير سيولة بما يقارب 7 مليارات دينار (نحو 23 مليار دولار) في خزينة الدولة لمواجهة مصروفات الميزانية العامة. وعن السيولة وارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة، أفاد بأن ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة وفر سيولة في خزينة الدولة (الاحتياطي العام) لكن تحدي شح السيولة مازال قائما.

تلاشي العجز

وبين الوزير حمادة أن سعر التعادل في موازنة (2021-2022) هو 90 دولارا "أي يجب أن تكون الإيرادات النفطية بمعدل سعر 90 دولارا لكل برميل يوميا خلال السنة المالية المذكورة، حتى يتلاشى العجز في الميزانية العامة للدولة وعليه فإن التحدي مازال قائما وهذا واقع لا يمكن إنكاره وتم تأكيده في برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي السادس عشر".

وأشار إلى أن البرنامج أرسل إلى مجلس الأمة في 30 مارس 2021 ومدته 4 سنوات محدد بفترة الولاية الدستورية لهذه الحكومة ويحمل عنوان "استدامة الرخاء برغم التحديات" ويحتوي على أربعة محاور رئيسة مستمدة من رؤية الكويت 2035، ومنها تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي، مضيفا أن برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي يتضمن مشاريع قوانين عدة تختص بتوفير السيولة، إضافة إلى مبادرات إصلاحية، وأكد أن مشاريع القوانين التي تختص بتوفير السيولة هي ليست مشاريع إصلاح بل أدوات مالية ضرورية تمهد للاصلاح ولا تغني عنه.

وفيما يتعلق بالتصنيف الائتماني للكويت، قال إن وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى أصدرت تقاريرها أخيرا حول المركز المالي للكويت، "ولا يزال التصنيف من ضمن التصنيفات الممتازة لأنه مدعوم بحجم الأصول في صندوق احتياطي الأجيال القادمة، ولكن يجب الحفاظ على هذه التصنيفات المتقدمة"، مؤكدا أن قرارات وكالات التصنيف الأخيرة "السلبية" هي مؤشرات سلبية يستوجب معها استكمال عملية الإصلاح المالي العامة للدولة وتعزيز السيولة في خزينتها.

وأكد أنه آن الأوان لتسريع عملية الإصلاح المالي للدولة وتصحيح المسار واستكمال الجهود التي تمت في هذا المجال منذ عام 2016، لافتا إلى أنه في السابق كان الجميع يتحدث عن عدم تفويت فرص الإصلاح، أما اليوم فالإصلاح المالي لم يعد فرصة بل ضرورة ملحة، وشدد على أهمية التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ومناقشة المقترحات المطروحة بأقرب وقت والتركيز على الحلول التي تدعم الخزينة.

محيي عامر وفهد التركي