الصين لن تتراجع عن مسارها وشي يهدر دماء المتنمرين
الحزب الشيوعي يحتفل بمئويته ويتوعد بالرد على أي تدخّل أجنبي
اعتبر الرئيس الصيني شي جينبينغ، أنّ النهضة التي تشهدها بلاده هي «مسيرة تاريخية لا رجعة فيها»، مشيراً إلى أنّ زمن تعرّض العملاق الآسيوي للتنمّر «ولّى إلى غير رجعة»، مع تحذيره بأن «أي شخص يحاول القيام بذلك ستتم اراقة دمه أمام «السور الفولاذي العظيم».
أشاد الرئيس شي جينبينغ في خطاب بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، أمس، بمسار بلاده "الذي لا رجوع عنه" من مستعمَرة مهانة إلى قوة عظمى، مؤكداً انتهاء "عهد التنمر" على بكين، ملوّحاً بإراقة دماء كل من يريد أن يفعل ذلك.وفي خطابه أمام الصورة العملاقة لماو تسي تونغ، التي تطغى على ساحة تيان انمين من المنصة حيث أعلن الزعيم السابق جمهورية الصين الشعبية عام 1949، تحدّث شي لأكثر من ساعة وبعمق عن التاريخ لتذكير مواطنيه الفخورين في الداخل والمنافسين في الخارج بصعود أمته وصعوده شخصياً.وقال إن "عهد التنمر على الصين ولى إلى الأبد"، مشيداً بالحزب لرفعه الدخل واستعادة الكرامة الوطنية.
وأوضح الرئيس الصيني الذي رسم خطاً تاريخياً خلال خطابه من حقبة الخضوع لحروب الأفيون إلى النضال من أجل تأسيس ثورة اشتراكية، إن "الحزب حقق تجديداً وطنياً وانتشل عشرات الملايين من الفقر وغيّر مشهد التنمية العالمية".
مسار تاريخي
وأضاف شي، الذي كان يرتدي سترة "على طراز ماو"، أن "التجديد العظيم للأمة الصينية دخل مساراً تاريخياً لا رجوع فيه" وتعهد بمواصلة بناء جيش "عالمي" للدفاع عن المصالح الوطنية.وصيف 1921 أسس ماو ومجموعة من المفكرين الماركسيين اللينينيين في شنغهاي الحزب الذي تحوّل منذ ذلك الحين إلى واحدة من أقوى المنظمات السياسية في العالم.ويبلغ عدد أعضائه حالياً نحو 95 مليون عضو في البلاد التي مرت بأكثر من قرن من الحرب والمجاعة والاضطرابات، وحققت قفزة في السنوات الأخيرة إلى مكانة القوة العظمى في مواجهة المنافسين الغربيين بقيادة الولايات المتحدة.وفي احتفال طغى عليه البذخ والطابع الوطني، أنشد آلاف من المغنين تساندهم فرق موسيقية أغاني بينها "نحن ورثة الشيوعية" و"بدون الحزب الشيوعي لن تكون هناك صين جديدة" بينما كان الحضور يرددون الهتافات ويلوحون بالأعلام في ساحة تيان انمين المكتظة.وحلّقت مروحيات في أسراب لتشكيل رقم "100" ومطرقة عملاقة ومنجل قبل أن تطلق المدفعية مئة طلقة تحية، بينما تعهد الشيوعيون الشباب بانسجام تام بالولاء للحزب.وعزز شي، الذي ربط في خطابه المعجزة الاقتصادية للصين بعمر الحزب الطويل، حكمه المستمر منذ 8 سنوات من خلال عبادة الشخصية وإنهاء القيود على عدد الولايات الرئاسية ورفض تعيين خليفة.وقام بحملات تطهير بحق المنافسين وسحق المعارضة، من مسلمي الأويغور والناشطين عبر الإنترنت إلى الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في شوارع هونغ كونغ.زمن التنمّر
وفي خطاب نقله التلفزيون من الميدان، قال شي وسط تصفيق حار "لن يسمح الشعب الصيني أبدا لأي قوى أجنبية أن ترهبنا أو تقمعنا أو تستعبدنا أو تتنمّر علينا". وتابع: "لقد ولّى إلى غير رجعة الزمن الذي كان يُمكن فيه أن يُداس الشعب الصيني وأن يُعاني وأن يُضطهد".وأضاف:"من يريد أن يفعل ذلك سيسحق رأسه ويخضب بالدماء على سور الفولاذ العظيم الذي بناه أكثر من 1.4 مليار صيني". وأوضح أن بلاده حققت هدفها المئوي المتمثل في بناء "مجتمع رغيد الحياة باعتدال".أضاف شي، وهو أقوى زعيم صيني منذ ماو تسي تونغ، أن الفكرة الشاملة لعمل الحزب خلال المئة عام الماضية كانت تجديد شباب الأمة.وقال: "لا يجيد الشعب الصيني تدمير العالم القديم فحسب، بل خلقَ عالماً جديداً أيضاً.الاشتراكية فحسب يمكنها إنقاذ الصين".ومثّل شي وجه التحدي لخصومه في الخارج بقيادة الولايات المتحدة، الأمر الذي أحيا النزعات القومية. كما تصدى للانتقادات حيال سلوك حكومته في هونغ كونغ وتجاه تايوان ومعاملة الأويغور.وعارض ما يسمى بـ "قوى الاستقلال" في تايوان، التي تتمتع بحكم ذاتي، لكن الصين تعتبرها جزءا من جمهوريتها، ودعا إلى "إعادة التوحيد السلمي" مع الجزيرة.وقال إنه لا ينبغي لأحد أن يقلّل من تصميم الصين وقدرتها على الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، مؤكّداً في الوقت نفسه أن الصين تريد حل "مسألة تايوان" لتحقيق "إعادة توحيد" كاملة للبلاد و"تحطيم" أي محاولات للاستقلال الرسمي للجزيرة.ورداً على ذلك، قال المجلس التايواني لشؤون صنع السياسة حيال الصين إنه "بينما حقق الحزب الشيوعي تنمية اقتصادية معينة، فإنه ظل دكتاتورية قمعت حريات الشعب، ويجب عليها اعتناق الديمقراطية بدلاً من ذلك".وأضاف المجلس أن "أخطاء بكين التاريخية في صنع القرار وأعمالها الضارة المستمرة تسببت في تهديدات خطيرة للأمن الإقليمي".وأكد المجلس رفض شعب تايوان لمبدأ "الصين الواحدة"، الذي ينص على أن الجزيرة جزء من الصين، مشيراً إلى أنه يتعين على بكين التخلي عن "ترهيبها العسكري" والتحدث مع تايبيه بالندية.وصادفت أمس أيضاً الذكرى السنوية الـ24 لتسليم هونغ كونغ، المستعمرة البريطانية السابقة إلى بكين، وهو التاريخ الذي قوبل حينها بتظاهرات معارضة حاشدة.واحتفلت هونغ كونغ بذكرى عودتها للحكم الصيني في الأول من يوليو1997 بمراسم رفع العلم أمس، حيث تم رفع علم هونغ كونغ بجانب العلم الوطني الصيني في مراسم أقيمت في ميناء فيكتوريا.وقبل عام من اليوم، فرضت الصين قانوناً صارماً للأمن القومي على المدينة رداً على احتجاجات ضخمة غلب عليها العنف.وتم بموجب القانون توجيه اتهامات لناشطين وتجريم الشعارات المناهضة للصين وحتى إغلاق صحيفة معارضة في وقت يغرق القانون المدينة التي كانت تحظى في الماضي بحريات لا مثيل لها في البر الرئيسي في حالة "طوارئ في ما يتعلّق بحقوق الإنسان"، حسب منظمة العفو الدولية.وسار 4 ناشطين رافعين لافتة قرب موقع إحياء الذكرى أمس، يتبعهم 200 شرطي، هم جزء من آلاف العناصر الذين تم نشرهم في أنحاء المدينة لمنع المدافعين عن الديمقراطية من تنظيم أي تحرّكات.وقال أحد سكان هونغ كونغ عرّف عن نفسه باسم كين: "فليذهب الحزب الشيوعي الصيني إلى الجحيم.. يدمرون كل ما يحمل قيمة".بوتين وكيم
وبينما هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظيره الصيني بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي، مشدّداً على أن "بكين تلعب دوراً بناءً في مواجهة التهديدات العالمية"، تعهد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، بدفع علاقات بلاده مع الصين إلى "مستقبل مشرق".وقال كيم في رسالة تهنئة بعثها كيم إلى شي أمس، "على الرغم من الوضع الدولي المعقد، فإن الحزبين والبلدين، بإيمان راسخ بعدالة القضية الاشتراكية والشيوعية، كلاهما يتقدمان بوتيرة سريعة نحو مستقبل أكثر إشراقاً، ويتغلبان على الصعوبات والمحن من خلال صداقتهما الوطيدة وأواصر التقارب".
تايوان تتحدى وتتمسك بالدفاع عن سيادتها وديموقراطيتها