التاريخ العماني تاريخ مدهش يثير في نفس المتأمل فيه الفخر والاعتزاز بإنجازات عمانية متميزة وأحداث تاريخية فريدة.كنت أقرأ في بعض الملفات الخاصة في عمان بالأرشيف البريطاني، والتي تتضمن مراسلات جميلة بين حكّام عمان والإنكليز، ثم بدأت أبحث عن مصادر تشرح كيف استطاع العمانيون الاستحواذ على مناطق خارج الأراضي العمانية تبعد مئات الكيلومترات، ويفصلها البحر عن الأراضي العمانية.
لقد امتلك العمانيون مناطق عديدة خارج الجزيرة العربية، مثل زنجبار وموانئ إفريقية صغيرة أخرى ومناطق في باكستان قبل تأسيسها، ومناطق في إيران. والجميل في الأمر أن سيطرة العمانيين على هذه المناطق لم تكن نتيجة حروب أو قتال مع السكان الأصليين في معظم الأحيان، بل كان أمراً طوعياً ورغبة من حكام تلك المناطق والأهالي. لقد امتلك العمانيون أسطولاً بحرياً تجارياً كبيراً في القرون الخمسة الماضية، وكانوا يتنقلون بين موانئ الخليج والموانئ القريبة الأخرى في الهند وإفريقيا، وكانوا محبوبين وأهل أمانة واستقامة، مما جعل أهالي تلك الموانئ يحترمونهم احتراماً شديداً.كانت هذه هي البداية والأساس الذي دفع أمراء تلك الموانئ لاستقبال بعض الأمراء العمانيين الملتجئين إلى أراضيهم استقبالاً حافلاً. لن أستطيع أن أتحدث عن كل التفاصيل العمانية في تلك المناطق، لكنني سأنشر بعض الرسائل التاريخية النادرة، ورسائل تشير إلى انتقال الحكم من حاكم عماني إلى آخر، ثم سأستعرض تاريخ ميناء جوادر الباكستاني وعلاقته بالعمانيين.رسالة اليوم يعود تاريخها إلى عام 1913م، وهي مرسلة من تيمور بن فيصل بن تركي آل بوسعيد، وموجّهة إلى القنصل البريطاني في مسقط، وهذا نصها: "من تيمور بن فيصل الى حضرة صديقنا الافخم الميجر ناكس قنصل الدولة البريطانية العظمى بعد مزيد السلام والاحترام على جنابكم المكرم اخبر حضرتكم بأن سيدنا الوالد توفي ليلة اليوم الرابع من ذي القعدة الساعة واحدة وعشر دقايق عام 1331 وحملناه الى الضريح الساعة اثنين من صباح اليوم المذكور ولقد صرنا في غاية الأسف بهذه المصيبة العظمى وفي يوم ثامن من الشهر المذكور جلست على عرش الخلافة مستعدا للقيام بلوازم ومصالح حكومتنا العمانية مستقبلا لمهماتها امتثالا للأمر الصادر من سيدي الوالد بذلك فلزم اخباركم بذلك لكي ترفعوا الخبر للدولة الفخيمة كما هو من لوازم الصداقة والاتحاد الثابتين بين الدولتين قديما وقصدي واعتقادي ان لا تزال تلك الصداقة والروابط بيني وبين دولتكم المعظمة في تأكدٍ وازدياد هذا ما لزم بيانه والسلام حرر يوم 8 ذي القعدة عام 1331".ونلاحظ من الرسالة أن الأمير تيمور لم يكن يستشير الإنكليز في مسألة مَن سيكون الحاكم بعد وفاة أبيه فيصل، بل كان يبلغهم أن الأمر محسوم، وأنه الحاكم من بعد أبيه بقرار وتوصية من أبيه قبل الوفاة. كما نلاحظ أن الرسالة تشير إلى عمق العلاقات بين عمان وبريطانيا، وأنها قديمة جداً، وأن الحاكم الجديد يتمنّى أن تنمو هذه العلاقات في عهده وتزداد.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ: تيمور بن فيصل للإنكليز عام 1913: والدي توفّي وأنا الأمير من بعده طبقاً لوصيته
02-07-2021