أكد مصدر مقرب من الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي لـ «الجريدة» أن عبدالناصر همّتي مرشح الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة سلّم رئيسي تقريراً خاصاً، في اجتماع عقد أمس الأول، يشير إلى أن فريق الرئيس المعتدل المنتهية ولايته حسن روحاني يعملون على «إحداث فلتان اقتصادي» في البلاد قبل تسليم السلطة له، مطلع أغسطس المقبل، كي يواجه كوارث لا يمكن حلّها فور تشكيل الحكومة التي ستتسلم «أرضاً محروقة».

ولفت المصدر إلى أنه على الرغم من أن روحاني أكد لرئيسي أن كل إمكانات حكومته في تصرّفه، وأنه أمر جميع الوزراء بالعمل مع فريقه لتسلم السلطة، فإنه - عملياً - أوعز لرئيس مكتبه محمود واعظي بأن «يفلت» صمام أمان الاقتصاد، الذي كان مضغوطاً خلال الأشهر الأخيرة من قبل الحكومة كي يكون الوضع ثابتاً نوعاً ما قبيل الانتخابات الرئاسية، وعلى أمل الوصول إلى اتفاق في مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية عن طهران.

Ad

ومنذ ذلك الحين خسرت العملة الإيرانية نحو 15 بالمئة من قيمتها الشرائية بعد الانتخابات التي فاز بها الأصولي المتشدد رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي.

وحسب المصدر، فإن التقرير الذي قدّمه همتي، (الرئيس السابق للبنك المركزي)، إلى رئيسي، يؤكد أن المصرف الحكومي بدأ تطبيق خطط سوف تؤدي بشكل حتمي إلى ارتفاع سعر العملة الصعبة والذهب في البلاد بشكل فلكي، في غضون شهر، وبالتزامن موعد تسلّمه دفة الحكم في الخامس من الشهر المقبل، إضافة إلى أن الحكومة المنتهية ولايتها، بدأت بعقد اتفاقيات مع العمال المضربين في الشركات العامة المختلفة تتضمن وعوداً بسداد ديون تقدر بآلاف المليارات من التومانات، وأرجأت تنفيذها لما بعد تسلّم رئيسي السلطة، وهو ما سيجعل حكومته في مواجهة «عجز مالي وصدام عمالي» شبه مؤكد.

وأوضح أن الحكومة الحالية أعادت خلال الأسبوعين الماضيين جدولة قسم كبير من ديونها للتجار والشركات الخاصة والقطاع العام، مع فوائد عالية جداً، مع ترحيل موعد السداد لنحو 6 أشهر، وسنة.

عرقلة نووية

وأشار المصدر إلى أن رئيسي طلب من روحاني العمل بجدية على إقفال مباحثات الملف النووي في فيينا قبل وصوله إلى السلطة، لكي يتفرغ لحل المشاكل الداخلية. واتهم الحكومة المنتهية الصلاحية بالتلكؤ وعدم الرغبة في إقفال الملف قبل تسليم السلطة.

وبيّن أن روحاني يتلكأ ويصر على إعطاء «الضوء الأخضر» لكبير المفاوضين عباس عراقجي وحده لتوقيع الاتفاق المتبلور في فيينا دون إدخال آراء جديدة، بعد قيام رئيسي بتكليف علي باقري كني ومندوب آخر بالإنابة عنه إلى جانب عراقجي في أيّ تفاهم يتم التوصل له مع الغرب.

وإضافة إلى ذلك، يتمسك روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بأن مندوبي رئيسي يمكنهما حضور الاجتماعات فقط، دون طرح آراء، نظراً لأن جميع البنود تمت، وإذا ما دخلت عناصر جديدة يمكن أن تنسف كل ما تم الاتفاق عليه في الجولات الـ6 السابقة.

وذكر المصدر أن عراقجي أكد أن بلاده غير مستعدة للتوقيع على أي معاهدة غير «الاتفاق النووي»، بعد طرح مسودة تضمن ضمانات تلزم أي حكومة إيرانية مقبلة بالقيود الذرية. وأصرّ عراقجي في المقابل على أن إيران مستعدة للتوقيع على تلك المسودة، لكن بعد تنفيذ واشنطن للصفقة الذرية المبرمة عام 2015 بحذافيرها، وبعد أن يقر الجانب الأميركي الاتفاق الجديد في «الكونغرس»، ويرفع جميع العقوبات عبر قانون يمنع أي رئيس مقبل من الانسحاب، على غرار ما فعله دونالد ترامب عام 2018.

وأضاف المصدر أن الجانبين الأوروبي والأميركي مصرّان على أخذ الضمانات من الرئيس الإيراني المقبل، ورغم أن رئيسي كان مستعداً لأن يقدم ضمانات بالالتزام بأي اتفاق يتم التوقيع عليه في فيينا، دون الإشارة إلى فحواه أو بنوده، فإن روحاني وظريف تعللا بأن ذلك يخالف الأعراف الدبلوماسية، وغير صحيح مادام الجانب المقابل لا يقدّم ضمانات مماثلة.

في غضون ذلك أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، قراراً بتعيين رجل الدين المتشدد، الخاضع لعقوبات أميركية، غلام حسين إيجئي، في منصب رئيس السلطة القضائية، خلفاً لرئيسي.

مفاوضات فيينا

على صعيد متصل، أكدت روسيا أن بعض الأطراف المشاركة في المفاوضات الجارية في فيينا بشأن إمكانية استئناف الاتفاق النووي مع إيران ليست مستعدة حتى الآن للانتقال إلى المرحلة النهائية من الحوار.

وكتب مندوب موسكو الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف عبر «تويتر»: «يحتاج بعض المشاركين بفيينا إلى مزيد من الوقت». وأشار إلى أنه من غير المرجح أن تعقد الجولة السابعة من المفاوضات قبل الأسبوع المقبل.

وأمس الأول، قال نائب مبعوث واشنطن لمجلس الأمن الدولي جيفري ديلورينتس إن الجولات الأخيرة من مفاوضات فيينا «ساعدت على بلورة الخيارات التي ينبغي أن تتخذها» طهران وواشنطن من أجل العودة للالتزام ببنود الاتفاق.

وأضاف: «الولايات المتحدة ملتزمة بضمان عدم امتلاك إيران أبداً لسلاح نووي، ونعتقد أن الدبلوماسية، بالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا في المنطقة، هي أفضل سبيل لتحقيق هذا الهدف».

وتزامن ذلك مع تأكيد دبلوماسي بأن إيران تقيّد وصول المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة إلى منشآتها الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في نطنز، متذرّعة بمخاوف أمنية، بعد ما قالت إنه هجوم شنته إسرائيل على الموقع في أبريل الماضي.

وذكر دبلوماسيون أن الخلاف، الذي قال أحد المسؤولين إنه مستمر منذ أسابيع، في طريقه للحل، لكنه أثار التوترات مع الغرب، مع تأجيل المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن إحياء الاتفاق النووي دون تحديد موعد لاستئنافها.

طهران - فرزاد قاسمي