قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إن الناس يختلفون فيما بينهم حول القضايا العامة، والاختلاف مهما بلغت تكاليفه تظل أقل من تكاليف بلد الرأي الواحد، ففي ثمانينيات القرن الفائت سقطت دول الرأي الواحد في أوروبا، واستقرت ونهضت دول الآراء المتعددة، وتفككت دول الرأي الواحد إلى دويلات، واتحدت دول منشطرة تحت راية الديموقراطية، ولا يحتاج نموذجا كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية إلى تعليق.

ووفق التقرير، ما لا يفترض الخلاف حوله، هو، إن أثبتت التحاليل والأشعات وجود مرض حقيقي، والتهى أهل المريض بخلافات، وإن مستحقة، تاركين المريض عرضةً لاستفحال مرضه، وهو خطأ لا يمكن تعويضه، ذلك للأسف حال الكويت، لا أحد يريد، بوعي وإخلاص، قراءة كشف أشعتها وتحاليلها، والدعوة الصادقة إلى جمع أهلها لإنقاذها أولاً، ثم الاستمرار بخلافاتهم المستحقة ما شاءوا، وفرص النجاة للبلد تتضاءل بمرور الزمن من دون إجراء جراحي.

Ad

وكشف الأشعات والتحاليل للكويت يذكر وبالأرقام القاطعة، بأن اقتصادها الحقيقي انكمش بنحو 9.9 في المئة في عام 2020، وهو الانكماش الأعلى في إقليمها، وربما من الأعلى عالمياً، وموازنتها العامة تحقق عجزاً قياسياً بعد استنزاف سائل احتياطها العام، وأوقفت الإضافة وبدأت السحب غير المباشر من احتياطي الأجيال القادمة، البطالة المقنعة أكثر من نصف عمالة القطاع العام الذي يوظف 81 في المئة من عمالة مواطنيها، ومثلهم ينتظر الدور، في زمن باتت فيه أقصى الطموحات هي أن يغطي ارتفاع أسعار النفط بضعة أشهر لسداد الرواتب والأجور.

وبسبب ما تقدم وغيره، تتعرض البلد لانحدار في تصنيفاتها الائتمانية بما يرفع تكاليف التمويل على الدولة حال لجوئها إلى الاقتراض، ويرفعها أيضاً على القطاع الخاص، وحتى إن تحقق حلم الحكومة في الاقتراض، ليست هناك ضمانة لعدم شراء استمرارها بهدر تلك الأموال في شراء الولاءات.

والكويت الأولى في محيطها الخليجي إدماناً على النفط، والأخيرة أو قبل الأخيرة في مستوى التعليم ومدركات الفساد ومستوى بناها التحتية، وأكثرها بيروقراطية عقيمة، وأخيراً، ورغم الصرف على كيان لتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، حقق عام 2020 نزوحاً لرأس المال الأجنبي المباشر بنحو 319 مليون دولار، وخلال الأسبوع قبل الفائت، وفي سابقة لم تحدث من قبل، وبمعرفة كل ما سبق من أمراض، تم تمرير أكبر حجم إنفاق لموازنة عامة في الكويت وبرصيد أكثر من 23 مليار دينار، وبجلسة واحدة، وبحكومة صوتت واقفة على حواف قاعة عبدالله السالم، مقدمة أهمية احتلال كراسيها على مصير بلد.

والأسبوع الفائت، ناقش مجلس الوزراء الكويتي "الحالة المالية للبلد"، واستعرض النمو القياسي لقيمة وربما أداء احتياطي الأجيال القادمة، وهو أمر طيب ويستحق القائمين على إدارته كل التقدير والشكر، ما هو غير طيب، هو إعلانه عن ارتياحه للملاءة الاقتصادية للدولة.

المحزن، أن مجلس الوزراء لا يفرق بين الملاءة المالية التي تعني توفر الموارد، وبين الملاءة الاقتصادية التي تعني حصافة إدارتها لتحقيق عائد اقتصادي، مثل نمو موجب متفوق، وخلق فرص عمل مستدامة، وفوائض أو توازن الموازين الداخلية والخارجية... إلخ.

ويكفي واحد من المؤشرات السابق ذكرها للإطاحة بحكومة أو دعوة لانتخابات نيابية مبكرة، والموارد نعمة، قد يؤدي سوء توظيفها وتحويلها إلى نقمة، وفنزويلا المالكة لأكبر احتياطي نفط تقليدي في العالم، أصبحت في وضع مأساوي، لأنها أساءت توظيف وإدارة مواردها الضخمة، وأهملت في الماضي القريب قراءة وفهم مؤشرات أداء اقتصادها، وعلينا التنبه مبكراً، لخطورة غير مسبوقة تعكسها مؤشرات أداء الاقتصاد، ويفترض في مجلس الوزراء، إعلان عدم ارتياحه وتخوفه من وضع البلد الاقتصادي، ورؤاه لعلاجه.