بالرغم من حجم الضرر الجسيم الذي يقع على المساهمين عموما، جراء وقف السهم عن التداول، والتي يستمر بعضها لأشهر، برز رأي قانوني رقابي يؤكد أن مجالس إدارات الشركات هي التي تُسأل عن ذلك، حيث إن بعضها يتعمد عدم تصويب المخالفات، لاستمرار وقف الأسهم.

وفي هذا الصدد، دعت مصادر رقابية معنيّة، في تصريح خاص لـ «الجريدة»، المساهمين الى ضرورة الحرص على حضور الجمعية العمومية ومحاسبة مجالس الإدارات ومناقشتها، فهي ممثلة للمساهمين.

Ad

وأضافت أن العلاقة بين مجلس الإدارة والمساهمين، تستند الى الوكالة، فمجلس الإدارة هو وكيل عن المساهمين في إدارة الشركة، وهو المسؤول عن جميع أعمال الإدارة، وإلا ما كان من اختصاص الجمعية العامة أو من كان مقيدا له في القانون أو عقد الشركة، ويجمع مجلس الإدارة والمساهمين وحدة مصالح تتمثّل في عقد الشركة، فهذا العقد لا يقوم على تنازع المصالح بل على وحدتها.

فإذا قام مجلس الإدارة، بصفته وكيلا عن المساهمين، بمخالفات وتحفّظ عليها مراقب الحسابات تحفّظا جوهريا، أو اكتشفتها الجهات الرقابية، فعلى المساهمين في الجمعية العامة محاسبته، وربما رفع دعوى المسؤولية عليه، لذلك يتعيّن على المساهم، بصفته الموكل والأصيل، أن يقوم بدوره في محاسبة مجلس الإدارة عن الأخطاء التي أدت الى وقف تداول السهم، فالإيقاف هو دعوة إلى المساهم للتحول من الدور السلبي في محاسبة مجلس الإدارة الى الإيجابي، وبذلك، فإنّ الإيقاف موجّه للشركة المخالفة بوصفها شخصا اعتباريا مستقلا عن المساهمين، ويتحمل تبعية الإيقاف المخالف، ومن نكص عن ممارسة دوره الرقابي، والجهات الرقابية لا تستطيع القيام بدور المساهم، وإنما توقف الشركة حمايةً للمستثمر المستقبلي ولوجود مخالفات جسيمة تلكأ المجلس عن تصويبها تحت أنظار المساهمين وأبصارهم، مع تحميل مجلس الإدارة المخالف المسؤولية وتوقيع العقوبة عليه الى حين تصويب المخالفة.

وتطرح وجهة نظر قانونية تساؤلا، هل يقبل المساهمون وجود شركة تتداول أسهمها ومراقب الحسابات لم يُبد رأيا في بياناتها المالية، أو تستمر في مخالفات جسيمة وتوقّع عليها عقوبات من مجلس التأديب لذات الأسباب مرّات عديدة دون أن تصوّب الشركة المخالفة، وذلك كلّه تحت أنظار المساهمين وأعضاء مجلس الإدارة وأبصارهم، وهل يقبل وجود ملاحظات جسيمة جوهرية في البيانات المالية للشركة، ويتم تداول أسهمها من دون تصويب، ومن دون أن يمارس المساهم دوره في الرقابة والإشراف على مجلس الإدارة؟

أين حماية المتداولين ممن لم يشتر أسهم الشركة، وكيف للجهة الرقابية إلزام الشركة بتصويب المخالفات وهي مستمرة بها، على الرغم من إحالتها إلى مجلس التأديب وتوقيع عقوبة بسيطة لا تتجاوز 3 آلاف دينار في بعض الأحيان؟!

إن الإيقاف عن التداول هو عقوبة للشركة المخالفة بصفتها شخصا اعتباريا مستقلا لحماية السوق، وحماية للمتداولين ممن ليسوا من المساهمين وتنظيفا للسوق من المخالفات، وهو دعوة للشركة بما فيها من المساهمين أو أعضاء مجلس الإدارة الى تصويب الأخطاء، فالجهة الرقابية لا تلجأ إلى الإيقاف إلا بناء على أسباب جوهرية متكررة وتعمّد مجلس الإدارة عدم تصويبها، رغم منحه المُهل الزمنية الكفيلة بتصويب المخالفات دون وجود ثمّة رادع للشركة عن استمرارها في المخالفات، ولا سيما إخفاء الشركة معلومات جوهرية دون الإفصاح عنها في البورصة، رغم المحاولات الدائمة للجهة الرقابية لدعوتها إلى الإفصاح وتواني مراقب الحسابات عن بيانها في البيانات المالية للشركة.

كيف يمكن كفالة توافر المعلومات الصحيحة والفورية للمتداولين عن الشركة وهي الأساس في شراء السهم أو بيعه، وكيف يمكن حماية السوق؟ ألا يفترض في كل شركة أن توفر المعلومات الصحيحة في بياناتها المالية من أجل تمكين المتداول من اتخاذ قراره الاستثماري؟ وهذا الأمر أساس فلسفة السوق، إذ إن وقف تداول السهم هو عقوبة للشركة بما تتضمنه من مجلس الإدارة والمساهمين، وتجب حماية السوق بتوفير بيانات صحيحة عن الشركة من أجل تمكين المستثمر المحتمل من اتخاذ قراره الاستثماري بناء على معلومات دقيقة.

وبنظرة سريعة على أهداف هيئة أسواق المال المحددة في المادة الثالثة من القانون تجد أنها تهدف الى تنظيم نشاط الأوراق المالية بما يتّسم بالعدالة والتنافسية والشفافية وتوفير حماية المتعاملين وتطبيق الإفصاح الكامل، والعمل على ضمان الالتزام بالقوانين واللوائح ذات العلاقة بنشاط الأوراق المالية.

وكذلك نصت المادة 1-18 من كتاب الإدراج من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال على أنه للهيئة وقف الشركة في البورصة لتحقيق حماية المتعاملين، وعند قيام مراقب الحسابات بإبداء تحفّظ جوهري على البيانات المالية، أو عدم إبداء رأي أو إبداء رأي معاكس أو عدم تقديم مستندات تطلبها الهيئة.

محمد الإتربي