زار الرئيس الافغاني أشرف غني، أمس، قاعدة باغرام الجوية، التي انسحبت القوات الأميركية منها، أمس الأول، في خطوة رئيسية على طريق إنهاء 20 عاماً من الوجود الأميركي في أفغانستان.وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن تسليم قاعدة باغرام لقوات الأمن الأفغانية التي تبعد حوالي 60 كيلومتراً إلى الشمال من كابول هو «محطة رئيسية» في الانسحاب.
وأكد المتحدث باسم (البنتاغون) جون كيربي، أن القوات الأميركية ستنهي عملية انسحابها من أفغانستان بنهاية أغسطس المقبل، لكن مسؤولين أميركيين أبلغوا (رويترز) أن الأغلبية العظمى من القوات غادرت أفغانستان بالفعل قبل فترة طويلة من الموعد الرمزي الذي حدده الرئيس جو بايدن في 11 سبتمبر، في الذكرى العشرين للهجوم، الذي تسبب بالحرب على أفغانستان.ولفت كيربي إلى أن وزير الدفاع لويد أوستن، اتخذ القرار بنقل القيادة في أفغانستان من الجنرال سكوت ميلر إلى الجنرال كينيث ماكنزي الذي سيحتفظ بجميع السلطات الحالية كقائد للقوات الأميركية في أفغانستان لحماية القوة المتمركزة في كابول.وقال كيربي إنه على الرغم من الوتيرة السريعة للانسحاب فلا يزال الجيش الأميركي يمتلك حالياً سلطة حماية القوات الأفغانية، لكنه لم يفصح عن إطار زمني محتمل لانتهائها.وكشف أن العميد كورتيس بازارد سيقود مكتب إدارة التعاون الأمني الدفاعي في أفغانستان وسيكون مقره في قطر.
«طالبان» ترحب
في المقابل، قال المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، إنه تلقى تقارير عن إخلاء القوات الأميركية للقاعدة، وأضاف: «نعتبر هذا الانسحاب خطوة إيجابية. يمكن أن يقترب الأفغان من الاستقرار والسلام مع الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية».وفي دليل على هشاشة الوضع الأمني، لم تمض ساعات على انسحاب القوات الأميركية من «باغرام»، حتى تعرضت القاعدة للنهب. وحسب «أسوشيتد برس»، استمرت عمليات السرقة عدة ساعات، قبل أن تتمكن القوات الأفغانية من طردهم من القاعدة، واعتقال بعضهم.وضع السفارة
في سياق متصل أشارت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية الى أن مستقبل السفارة الأميركية في كابول يلفّه الغموض، لافتة إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين يواجهون وضعاً صعباً من المرجح أن يتفاقم عندما يحتدم الصراع بين حركة «طالبان» والحكومة الأفغانية.وأوضحت الصحيفة أن السفارة الأميركية وضعت خطة عمل طارئة لمواجهة الوضع، وتم الاستغناء عن موظفيها غير الأساسيين وإخراجهم، لكن ما زال هناك نحو 4 آلاف شخص، بينهم 1400 أميركي، يعملون في السفارة منهم موظفون أفغان ودبلوماسيون ومقاولون.وتشير تقديرات الاستخبارات الأميركية إلى أن «الحكومة الأفغانية قد تسقط في غضون 6 أشهر بعد انسحاب القوات الأميركية، الذي قد ينتهي في أيام معدودة».وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين يدركون أن سحب أميركا تمثيلها الدبلوماسي من كابول سيبعث رسالة سيئة للدول الأخرى التي عملت جنبًا إلى جنب مع واشنطن لمحاولة تحقيق الاستقرار في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين، بما في ذلك الدول الأعضاء في «الناتو».ووسط تسريع السلطات الأميركية إجراءات منح التأشيرة لآلاف الأفغان الذين كانوا يعملون مع قواتها، نقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن مصادر، أن إدارة الرئيس جو بايدن، طلبت من طاجيكستان وكازاخستان وأوزبكستان استضافة نحو 9 آلاف أفغاني كانوا قد ساعدوا الولايات المتحدة «موقتاً».الوضع الميداني
ويأتي الانسحاب الأميركي الذي يجري بوتيرة سريعة بينما تكثف حركة «طالبان» هجومها في أنحاء البلاد خصوصاً مع إخفاق محادثات السلام في قطر في تحقيق تقدم يذكر.وأعلنت «طالبان» أمس، أنها سيطرت على 9 مناطق في إقليمي باداخشان شمال شرقي البلاد وقندهار جنوب البلاد.في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الأفغانية أمس، مقتل أكثر من 300 من مسلّحي الحركة المتمردة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.موسكو
وفي موسكو، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى أفغانستان ضمير كابولوف، إنه لا يجوز أن تتحول عملية سحب القوات الأميركية من أفغانستان إلى إعادة انتشار لبنية «الناتو» التحتية وكذلك الأميركية في الدول المجاورة لأفغانستان، وخاصة جمهوريات آسيا الوسطى.أضاف: «لقد أرسلنا هذه الإشارة إلى واشنطن على مستويات مختلفة، ونأمل أن تنصت لذلك».وتابع كابولوف: «نعتقد أنه بحلول الخريف، عندما تهدأ الرؤوس المتهورة في معسكر المسلحين، ستظهر لحظة مواتية مرة أخرى لبدء عملية التفاوض»، من دون أن يستبعد عقد الجولة القادمة من المحادثات حول أفغانستان في شكل «ترويكا موسعة» بين روسيا والولايات المتحدة والصين وباكستان.وكان سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، بحث أمس الأول في موسكو، التطورات الأمنية في أفغانستان مع مستشار الأمن القومي الأفغاني حمد الله محب.