في خطوة تؤشر إلى صعوبة المرحلة المقبلة في أفغانستان، مع اقتراب انتهاء 20 عاماً من الوجود الأميركي العسكري، أعلن مسؤول حكومي أفغاني، إغلاق قنصليات إيران وباكستان وتركيا وأوزباكستان في مدينة مزار شريف، بعد تدهور الوضع الأمني شمالي البلاد، وذلك بعد إعلان واشنطن أنها ستبقي جنوداً لحماية سفارتها في كابول.

جاء ذلك، في وقت اقتربت حركة طالبان الأفغانية من مدينة قندهار، مهدها ومعقلها السابق، وعاصمة الولاية الجنوبية التي تحمل الاسم نفسه، بعدما سيطرت، أمس، على إقليم بانجواي ذي الأهمية الاستراتيجية في الولاية.

Ad

وتأتي السيطرة على بانجواي بعدما حاصر مقاتلو الحركة أخيراً قندوز، كبرى مدن شمال شرق أفغانستان، وبعد يومين على انسحاب القوات الأميركية من قاعدة باغرام الجوية، (أكبر قاعدة للتحالف وتقع على مسافة 50 كلم شمال كابول، وكانت تشكّل مركزاً للعمليات ضد المتمردين خلال العقدين الماضيين).

وعلى مدى سنوات، اشتبكت "طالبان" مع القوات الأفغانية بشكل متكرر في بانجواي ومحيطها، إذ سعى المتمرّدون للسيطرة عليها، نظراً لقربها من قندهار، عاصمة الولاية.

ويتحدّر زعيم "طالبان"، هبة الله اخوند زاده، من بانجواي التي باتت خامس منطقة في قندهار تسقط بأيدي المتمرّدين في الأسابيع الأخيرة.

وقال حاكم إقليم بانجواي هاستي محمد، إن "طالبان سيطرت على مركز الشرطة في المنطقة ومبنى الإدارة المحلية، بعد معارك ليلية مع القوات الحكومية".

من ناحيته، أكد رئيس مجلس قندهار، جان خاكريوال، سقوط بانجواي، متهما القوات الحكومية التي "كانت موجودة بأعداد كافية بأنها تعمدت الانسحاب".

وأفاد قائد شرطة الحدود في المنطقة، أسد الله، بأن قوة الشرطة كانت تقاتل المتمرّدين وحيدة.

وفي وقت لاحق، أمس، قتل مساعد حاكم قندهار عندما انفجرت قنبلة زرعت في سيارته.

وفرّت عشرات العائلات من منازلها في بانجواي، بعدما سيطرت "طالبان" على المنطقة.

مزيد من الأراضي

إلى ذلك، أكدت "طالبان"، أمس، سيطرتها على مديرية فراه رود بولاية فراه غرب البلاد، كما نشرت فيديو يظهر جنوداً أسرى ألقي القبض عليهم أثناء فرارهم. وخلال الـ48 ساعة الماضية، أعلنت "طالبان" سيطرتها على 13 مقاطعة.

وأفادت وسائل إعلام بسقوط 5 مناطق في قبضة الحركة خلال أقل من 12 ساعة، مع أسر مئات الجنود.

ونقلت قناة "طلوع نيوز"، أمس، عن "مصادر مطلعة" تأكيدها أن تلك المناطق هي إضافة إلى بانجواي، زيروك في ولاية باكتيكا جنوب شرقي البلاد، وكوفاب وأركو وكوهستان في ولاية بدخشان بشمال شرقي البلاد.

وبثّت الحركة مشاهد للغنائم التي كسبتها خلال سيطرتها على عدد من مستودعات ومعسكرات الجيش.

من ناحيته، أكد حرس الحدود في طاجيكستان، مساء أمس الأول، أن أكثر من 300 من عناصر حرس الحدود الأفغان اضطروا إلى التراجع عبر الحدود بعد معارك ضارية مع "طالبان".

هزيمة «طالبان»

وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 40 مسلحا من حركة طالبان وإصابة أكثر من 30 خلال غارة نفذتها القوات الحكومية في مديرية بهارك بولاية بدخشان شمالي أفغانستان، التي قالت الحركة إنها أجبرت القوات الأمنية على الانسحاب من 7 مناطق فيها.

وتقول الحكومة الأفغانية إن "طالبان" لم تتمكن حتى الآن من السيطرة على أية ولاية بشكل كامل من ولايات البلاد الـ34. وتشكك في سيل الإعلانات المتكررة عن انتصارات على الأرض من قبل "طالبان".

وقال وزير الداخلية عبدالستار ميرزاكوال، إن سلاح الجو الأفغاني مستعد لهزم "طالبان". وقال لشبكة "تولو نيوز" المحلية "سنقف في وجههم بكل قوة. نستعد لهجمات قريبا".

وأشار إلى أن "المدن خط أحمر بالنسبة إلينا"، مشددا على أن قوات الأمن ستدافع بشراسة عن المراكز الحضرية في البلاد.

تقليص دبلوماسي

وفي طهران، أفادت وكالة "إيسنا" الإيرانية، أمس، بتقليص عدد الموظفين في القنصليتين الإيرانيتين بولايتي بلخ ومزار شريف شمال أفغانستان، جراء تدهور الأوضاع الأمنية.

لكنّ وكالة "مهر" الإيرانية أكدت في المقابل أن قنصليات إيران وباكستان وتركيا في مزار شريف أغلقت أبوابها مع تصاعد الفلتان الأمني.

وحسب "مهر"، أكد محافظ بلخ فرهاد عظيمي للصحافيين، أمس، تعليق الخدمات القنصلية للدول المذكورة في محافظته، مشيرا إلى أن دبلوماسيين من هذه الدول غادروا مزار شريف إلى كابول.

من ناحية أخرى، وفي وقت دأبت وسائل الإعلام التابعة للنظام في إيران والحرس الثوري في الفترة الأخيرة، تدافع عن "طالبان" وتطالب الأقلية الشيعية الموجودة في هذا البلد بعدم الوقوف في وجه الحركة، هاجمت صحيفة جمهوري إسلامي المقربة من التيار الأصولي، أمس، المسؤولين في الحكومة والنظام الذين يدافعون عن "طالبان" وتصويرها على أنها "جماعة سياسية"، مقترحة على المدافعين التوجه إلى أفغانستان للعيش لفترة مع عناصر هذه الجماعة المتطرفة.

وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي "في هذه الأيام، تأخذ بعض المجموعات الإعلامية، من الذين يعتبرون أنفسهم عالمين بكل الأسرار، أقلاما لتطهير هذه المجموعة غير النقية على ورقة بيضاء".

واقترحت الصحيفة "إرسال المدافعين عن طالبان ليجلسوا ويعيشوا بين عناصر الحركة لفترة، ويأخذوا أمتعة من حبّ إخوانهم (طالبان)، ثم يكتبوا ويتحدثوا عن زمانهم".

وأضافت، وهي ساخرة من تحسين صورة "طالبان" في بعض وسائل الإعلام الإيرانية "يمكن أن يساعدنا هذا جميعا في اكتساب فهم جديد لطالبان الذين أصبحوا متحضرين".