لا تزال وتيرة المعارك بأفغانستان في تصاعد، خلال العد العكسي لاستكمال الانسحاب الأميركي من أفغانستان، في موعد لا يتخطى الـ 11 سبتمبر المقبل.

ووسط تحذيرات من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، في ظل غياب القدرة السياسية والعسكرية للحكومة الافغانية لحسم الامور مقابل حركة "طالبان" المتشددة التي لا تزال تحتفظ بنفوذ واسع، أشارت معلومات الى أن تركيا تنوي ارسال مقاتلين سوريين موالين لها الى افغانستان.

Ad

ونقل "مركز الفرات الإعلامي" السوري المعارض عن مصادر تنتمي إلى فصائل سورية معارضة أن "أنقرة طلبت خلال اجتماع عُقد في منطقة حوار كلس بتركيا بين ضباط في جهاز الاستخبارات التركية (MIT) وقيادات فصائل المعارضة السورية في 24 يونيو الماضي، تحضير 2000 عنصر من مقاتلي فصائل المعارضة السورية، كدفعة أولى لإرسالهم إلى أفغانستان عند الحاجة".

وأضاف المصدر أن "قادة الفصائل طلبوا مبلغ 3 آلاف دولار كراتب شهري لكل عنصر مقابل القتال في أفغانستان".

حدود طاجيكستان

في غضون ذلك، فرّ 1037 جنديا أفغانياً إلى طاجيكستان ليل الأحد ـــ الاثنين، بعد معارك مع "طالبان" للنجاة بحياتهم، على ما أعلنت لجنة الأمن القومي في البلد الواقع في آسيا الوسطى.

وأكدت أجهزة الأمن في طاجيكستان أن "مقاتلي طالبان سيطروا بشكل تام على 6 أقاليم في ولاية بادخشان الحدودية" بشمال شرقي أفغانستان، تمثل 910 كلم من الحدود المشتركة مع الجار السوفياتي السابق.

وكشف مصدر في لجنة الأمن القومي، أن "طالبان تسيطر حالياً على أكثر من %70 من حدود الدولة مع طاجيكستان.

وسبق أن عبر مئات الجنود الأفغان الحدود هرباً من "طالبان" في الأسابيع الأخيرة، وسمحت لهم طاجيكستان على الدوام بالمرور بموجب "مبدأ حسن الجوار واحترام موقف عدم التدخل في شؤون أفغانستان الداخلية".

وأجرى الرئيس الأفغاني أشرف غني مكالمة هاتفية مع نظيره الطاجيكي إمام علي لبحث الأوضاع الأمنية في الحدود، وأعرب الأخير عن قلقه من تقدم "طالبان" بالمناطق الحدودية بين البلدين.

الكرملين

وفي موسكو، صرح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، عما إذا كانت بلاده تخطط لإرسال قوات إضافية إلى طاجيكستان، فقال: "بالطبع، حسب تطور الوضع، ونحن نرى للأسف أنه لا يتطور بالشكل الأفضل، وبالتالي فإن حراس حدودنا العسكريين سيتخذون القرارات الضرورية". وتساعد قوات روسية في حماية الحدود بين أفغانستان وطاجيكستان.

وشدد بيسكوف على أن روسيا ستواصل مع منظمة معاهدة الأمن الجماعي، تقديم المساعدة لطاجيكستان لضمان أمن الحدود مع أفغانستان.

وقال المتحدث الروسي إن مسألة إدخال قوات روسية إلى أفغانستان غير مطروحة للنقاش، ولا تجري بهذا الشأن أي مناقشات لا مع الحكومة ولا مع "طالبان".

وأعلنت السلطات الروسية أن القنصلية العامة الروسية في مدينة مزار شريف، توقفت عن العمل مؤقتا بسبب تفاقم الأوضاع في شمال أفغانستان. وكانت تقارير أفادت بأن قنصليات ايران وباكستان وأوزباكستان في هذه المدينة اغلقت ابوابها خوفا من التدهور الامني.

هجوم مضاد

في المقابل، تعهّدت الحكومة الأفغانية بشن هجوم مضاد في الشمال. وأفاد مستشار الأمن القومي الأفغاني حمدالله مهيب، لوكالة "ريا" الروسية للأنباء، بأن التخطيط جار تماماً للعملية.

ورأى أن التبعات الأمنية للانسحاب الأجنبي "تمثل خطراً على المنطقة بأسرها وستطال ليس فقط آسيا الوسطى، بل وحتى روسيا"، نافياً من ناحية أخرى اجراء مفاوضات بين كابول وموسكو بشأن إمداد بلاده بالأسلحة.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أنها أرسلت قوات خاصة إلى بدخشان، لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها "طالبان" بالولاية.

وأعلن مسؤولون، أمس، أن مسلحي "طالبان" قتلوا 16 من أفراد الجيش في إقليم هيرات غرب البلاد.

وقال المحلل في كابول عطا نوري "انهارت معنويات القوات الأفغانية". وتابع "إنهم في حالة ارتباك في كل منطقة تقريباً تسيطر عليها طالبان، يرسلون فريقا من الأعيان للتحدّث إلى الجنود وإقناعهم بالاستسلام".

وباتت "طالبان" تسيطر الآن على ما يقرب من ثلث جميع الولايات ومراكز المقاطعات في البلاد.

طالبان

ووسط تقارير عن احتمال بقاء ألف جندي معظمهم من الولايات المتحدة، لحماية البعثات الدبلوماسية ومطار كابول الدولي، أعلن الناطق باسم "طالبان" سهيل شاهين، في مقابلة مع BBC، أن أي "قوات أجنبية تبقى بعد الموعد النهائي للانسحاب في سبتمبر، ستكون معرضة للخطر بصفتها محتلة".

وأوضح أن الاستيلاء على كابول عسكريا "ليس سياسة طالبان"، وشدّد في الوقت نفسه على أن العديد من المناطق سقطت من خلال الوساطة، بعد أن رفض الجنود الأفغان القتال.

ووصف شاهين الحكومة الحالية بأنها "محتضرة"، وأشار إلى البلاد باسم "الإمارة الإسلامية"، في إشارة إلى أن الجماعة تحمل تصوراً ذا أساس ديني لحكم البلاد، ومن غير المرجح أن توافق على مطالب الحكومة بإجراء انتخابات.

مشاورات إقليمية

وفي سياق متصل، أجرى رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، محادثة هاتفية مع الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي وناقشا الوضع الأمني "المتدهور" في أفغانستان.

وحذّر خان من أن التطورات الأخيرة قد تسفر عن تداعيات "خطيرة" على كل من باكستان وإيران، ما قد يؤدي إلى تدفق اللاجئين نحو المناطق الحدودية بين البلدين.

هكذا نسيت واشنطن درس فيتنام

رأت صحيفة الغارديان البريطانية، أنه في خضم الحماسة التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001، نسيت واشنطن "الدرس المستفاد" من حربها في فيتنام، وبقيت تقاتل في أفغانستان لـ 20 عاماً، بينما حاربت في فيتنام لـ 8 سنوات.

وأوضحت أن "الدرس العسكري المستفاد من فيتنام، هو أن الولايات المتحدة لا تستطيع القيام بمكافحة تمرد، على بعد آلاف الأميال من الوطن، ضد عدو مدفوع أيديولوجيًا ومتجذر في مجتمع رأى القوات الأميركية في نهاية المطاف قوة احتلال".

وأضافت: "أصبحت كلتا الحربين مثل الوحل، حيث سحبت المزيد والمزيد من القوات والمال والمعدات لتبرير وحماية ما تم إنفاقه أو فقدانه بالفعل. وبمجرد أن قُتل الأميركيون والأفغان من أجل طرد طالبان وفتح المدارس للفتيات ودعم الجيش، بدا الانسحاب وكأنه خيانة".

وشددت الصحيفة اليسارية البريطانية على أن "هذه العقلية أبقت على الحرب الأبدية مستمرة، لكن هذا لا يعني أن الحرب لم تكن حقيقية، أولئك الذين يحملون السلاح للدفاع عن قراهم والعديد من الأفغانيات ونشطاء المجتمع المدني يشعرون الآن بالخيانة، من قبل الأميركيين المغادرين". واختتمت: "مهما حدث، فإنّ المزيد من الموت والمعاناة أمر لا مفر منه. لن يتمكن جو بايدن والولايات المتحدة من الإفلات من درجة معيّنة من المسؤولية، حتى لو لم يكونوا هناك (في أفغانستان)".

الصين تتأهب لـ«غزو استثماري»

قالت صحيفة "ديلي بيست" الأميركية في تقرير، إن الصين تتبنى مجموعة من الاستراتيجيات لتحلّ مكان الولايات المتحدة في أفغانستان، أبرزها الجانب الاقتصادي، مشيرة إلى أن السلطات في كابول تناقش مع بكين تمديد الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني ليشمل أفغانستان.

والممر الصيني ـ الباكستاني، (جزء من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية)، وهو عبارة عن مشروع اقتصادي ضخم يضم عدداً من مشاريع البنى التحتية بقيمة 62 مليار دولار، يهدف لإنشاء طريق بري يربط بين مدينة كاشغر في الصين وميناء كوادر الباكستاني.

ومن بين المشاريع التي تتم مناقشتها حالياً، تشييد طريق رئيسي بين أفغانستان ومدينة بيشاور شمال غربي باكستان.

ومن المقرر أن يكتمل المشروع بحلول عام 2049، حيث ستقدم الصين قروضاً ضخمة لباكستان والآن لأفغانستان من أجل دعمها في إنشاء بنية تحتية أفضل بما في ذلك بناء طرق سريعة جديدة وخطوط سكك حديدية وخطوط أنابيب للطاقة بين باكستان والصين وصولاً إلى أفغانستان.

ويمكن لأفغانستان التي تمثل محوراً مركزياً يربط الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأوروبا أن تمنح الصين موطئ قدم استراتيجياً في المنطقة للتجارة.