لليلة الثانية على التوالي، اتسع نطاق الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها إيران، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع ومتكرر في أجزاء مختلفة من البلاد، مساء أمس الأول.وتركزت الاحتجاجات الشعبية في جنوب طهران والمحافظات الوسطى والشمالية، ورفعت شعارات مناهضة للنظام، وطالبت بإقالة وزير الطاقة رضا أردكاني.
وجاءت الاحتجاجات على شكل تجمعات في الشوارع في مدن ري في طهران، وبابل وبابلسر وقائم شهر وأمل ورستمكلا وبهشهر وبهنمير في مازندران، وكازرون في محافظة فارس، وخمام في كيلان، وبندر كز في محافظة كلستان.ومساء الأحد، شهدت مدن كنبد كاوفوس، وكردكوي وآق قلا بمحافظة كلستان، وكازرون في محافظة فارس، وعدداً من المدن الأخرى احتجاجات شعبية ضد انقطاع التيار الكهربائي الذي يتسبب بتوقف محطات ضخ المياه ورفعها.وتكرر الهتاف المندد بالمرشد الأعلى علي خامنئي، «الموت للدكتاتور» و«الموت لخامنئي» في احتجاجات ليل الاثنين ـ الثلاثاء، بعد عدة ساعات من انقطاع التيار الكهربائي في شيراز.وبينما انتقد الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي انقطاع التيار الكهربائي، واعتذر الرئيس حسن روحاني عن سوء الخدمات، ملقياً باللوم على وزير الطاقة، أفادت تقارير بسقوط 7 قتلى بانفجار في محطة غاز جنوب غرب إيران.
شلل عمالي
وترافق اتساع احتجاجات الكهرباء مع استمرار الإضراب العام الذي تنفذه «نقابات عمال النفط والبتروكيماويات والغاز» على مستوى البلاد، حيث دخلت يومها الثاني عشر.وانضمت العديد من النقابات المهنية والقطاعية في البلاد إلى الإضرابات النفطية، مما يؤشر إلى إمكانية انتشار الإضرابات والتظاهرات التي تهدد بشل الحياة بمختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد.وأصدر عمال النقل في شركة «جنوب زاغروس» الحكومية بياناً أعلنوا فيه وقف أعمالهم في الكثير من المناطق، والشركة المذكورة تُعتبر الأكبر على مستوى البلاد، وتقدم خدمات لوجستية على مستوى النقل للكثير من القطاعات الاقتصادية.ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لاحتجاجات نفذها السائقون العاملون بـ»زاغروس» في مناطق بارسيان وآجار وديلان، أمام المقرات الرئيسية للشركة الحكومية في هذه المُدن.ونقل اتحاد سائقي الشاحنات في ولاية زنجان الإيرانية قراراً جماعياً من المنتمين إلى النقابة بإعلانهم الإضراب المفتوح عن العمل، وإيقاف تنفيذ العقود المبرمة مع الجهات الحكومية. وعلل الاتحاد ذلك بالاحتجاج على ارتفاع أسعار الوقود وعدم اكتراث السلطات بمشاكل السائقين وارتفاع تكلفة قطع غيار السيارات بسبب العقوبات الأميركية.ويأتي ذلك في وقت استثنائي، يتمثل في الفترة الفاصلة بين انتهاء ولاية الرئيس المعتدل حسن روحاني، واستعداد الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي لتسلّم مهام منصبه رسمياً مطلع أغسطس المقبل.الرياض وفيينا
إلى ذلك، وصف المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي المحادثات التي جرت بين بلاده والسعودية حتى الآن بأنها إيجابية، موضحاً أنها «تناولت القضايا بين البلدين بحسن نية وحققت بعض التقدم».وأضاف أن إيران ستواصل المفاوضات «حتى تضييق نقاط الخلاف إلى أقل ما يمكن». وتابع أن «الحوار مع السعودية بدأ انطلاقاً من إيمان إيران الراسخ بأولوية دول الجوار وضرورة التعايش السلمي لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة».واستطرد بالقول: «ندرك التعقيدات التي تحيط بعض أسباب الخلاف، الأمر الذي يتطلب الوقت الكافي لحلها». وأشار إلى أن طهران ستواصل الحوار مع الرياض من أجل «التوصل إلى نتائج إيجابية».في موازاة ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زادة، إن «على المسؤولين السعوديين أن يعلموا أن من أولويات إيران المبدئية تحقيق الأمن والسلام في منطقة الخليج بواسطة دول المنطقة»، مضيفاً أن «إيران رحبت وترحب دائماً بالحوار من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية، وأنها تنظر بتفاؤل إلى محادثاتها مع السعودية».وكانت طهران أكدت في مايو الماضي رسمياً بدء إجراء محادثات مع الرياض.من جانب آخر، أكد زادة، أنّ بلاده ليست مستعجلة للوصول إلى اتفاق في مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة مع واشنطن، الرامية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ورفع العقوبات، قبل أن يستدرك بالقول، إنها «لن تسمح بإطالتها وأن تصبح استنزافية». وأوضح زادة، أنّ «التقدم الحاصل في مفاوضات فيينا حقيقة تعترف بها جميع الأطراف»، غير أنه أكد في الوقت نفسه أنّ «هناك قضايا مهمة مازالت متبقية، وبحاجة لقرارات سياسية من بقية الأطراف وخصوصاً أميركا».وأشار إلى أنّ وفد بلاده المفاوض يسعى للوصول إلى الاتفاق في أقرب وقت لترفع العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بعد انسحابه من الصفقة الذرية عام 2018. وأوضح أنّ طهران لن تحدّد مهلة للمفاوضات للوصول إلى نتيجة، وأنها ستستمر «حتى التوصل لاتفاق مطلوب».وجدد المتحدث تأكيد طهران أن موقفها من الاتفاق النووي ورفع العقوبات من «السياسات الأساسية للنظام، ولا تتغير بتغيير الحكومات، ولذلك بحال التوصل لاتفاق ستبقى حكومة رئيسي ملتزمه به».ضرر نووي
على صعيد آخر، أعلنت السلطات الإيرانية أن ضرراً طفيفاً لحق بمبنى منشأة تابعة لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية في يونيو الماضي نتيجة محاولة تخريبية بعد أن كانت قد أعلنت إحباط الهجوم الذي نفذ بواسطة طائرة مسيرة «درون» بشكل كامل.ورغم أن صوراً التُقطت بالأقمار الصناعية تُظهر أن جزءاً من سطح المبنى الواقع في مدينة كرج سقط، قال المتحدث باسم الحكومة: «لم تلحق أضرار بالمعدات. حدث ضرر طفيف بالسطح وصور الأقمار الصناعية التُقطت عندما أُزيل السقف لإصلاحه».وجاء التراجع الإيراني الرسمي بعد أيام من تعرض سفينة مملوكة جزئياً لرجل أعمال إسرائيلي لهجوم في المحيط الهندي وغداة تأكد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن بلاده تعمل من داخل إيران وأنها لن تسمح لها بالتسلح نووياً بمعزل عن تقدم مباحثات فيينا.واتهمت إيران إسرائيل في العديد من الهجمات على منشآت مرتبطة ببرنامجها النووي وبقتل علماء نوويين في السنوات الماضية.