«طالبان» توتِّر حدود أفغانستان مع 3 دول

طاجيكستان تحشد 20 ألف جندي وطهران تنفي سيطرة الحركة على المعبر الرئيسي بين البلدين

نشر في 07-07-2021
آخر تحديث 07-07-2021 | 00:04
عنصر أمن أفغاني يحرس مدخل أحد مقار الجيش في قندهار أمس (أ ف ب)
عنصر أمن أفغاني يحرس مدخل أحد مقار الجيش في قندهار أمس (أ ف ب)
أدّى تحقيق حركة "طالبان" في أفغانستان انتصارات متتالية إلى استنفار دول الجوار على الحدود وإغلاق المنافذ، خوفاً من تطوّر الموقف الميداني وإجبار آلاف المدنيين على اللجوء إلى هذه الدول.
مع إعلان القيادة الاميركية الوسطى (سنتكوم) في بيان، أنها أكملت أكثر من 90 في المئة من عملية الانسحاب من أفغانستان، تشهد الحدود بين أفغانستان و3 من دول الجوار هي باكستان وإيران وطاجيكستان توتراً، بعدما سيطرت "طالبان" على أكثر من ثلث مناطق أفغانستان في الأسابيع الأخيرة،.

وإلى جانب هذه الدول الثلاث، تراقب الصين بحذر حدودها الضيقة مع أفغانستان التي تقع على مقربة من مقاطعة شينجيانغ المسلمة.

طاجيكستان

ورأى مراقبون أن أهم إنجازات حركة "طالبان" حتى الآن كان سيطرتها على المعبر الحدودي الرئيسي مع طاجيكستان، إذ باتت تستحوذ من خلاله على "عائدات بعشرات الملايين من الدولارات" من الجمارك التي يتم دفعها عبر المعبر.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أمس، إن الحركة اكتسبت "مصدر دخل جديد مربحاً، بعدما سيطرت منذ 22 يونيو الماضي على معبر شير خان بندر، البوابة التجارية الرئيسية إلى طاجيكستان الذي شيدته الولايات المتحدة في مدينة قندوز شمال البلاد عام 2007، وبدأت في تحصيل عائدات الجمارك".

وقال الناطق باسم "طالبان" سهيل شاهين، إن الحركة "تواصلت مع حكومتي طاجيكستان وأوزبكستان، وأكدنا لهما أن العمل الروتيني للحدود والجمارك سيتواصل كما كان مِن قبل، حتى أن موظفي الجمارك لم نغيرهم، ولم نقم حتى بتغيير الطوابع، والسبب هو أننا لا نريد خلق مشاكل لرجال الأعمال والتجار وعامة الناس".

وأضاف أن عائدات الجمارك من التجارة عبر شير خان بندر، والتي كانت تدرّ عشرات الملايين من الدولارات، تذهب الآن إلى "طالبان".

حشد طاجيكي

في غضون ذلك، حشدت طاجيكستان 20 ألف جندي احتياطي، لحماية حدودها التي يزيد طولها على 900 كيلومتر مع أفغانستان.

وأصدر الرئيس إمام علي رحمن قراره هذا بعد أن فرّ أكثر من ألف جندي أفغاني عبر الحدود إلى هذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي تملك فيها موسكو وجوداً عسكرياً.

وفي موسكو، أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين أبدى لنظيره الطاجيكي الاستعداد لتقديم الدعم لمواجهة التطورات، كما قال نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو: "لدينا في طاجيكستان قاعدة 201 العسكرية الروسية وهي مزودة بكل المستلزمات الضرورية لتقديم مساعدة لطاجيكستان إذا لزم الأمر".

باكستان تغلق الحدود

وفي باكستان المجاورة، أعلن وزير الداخلية راشد أحمد، أمس، إغلاق حدود بلاده أمام اللاجئين، مضيفاً أنه "إذا تدهور الوضع، فسنقيم مستوطنات على طول الحدود مع رقابة صارمة وحظر دخول اللاجئين إلى الأراضي الباكستانية".

اشتباك مع إيران

وفي طهران، أقر أمس، الناطق باسم دائرة الجمارك الإيرانية روح الله لطيفي بأنه "منذ نحو 15 يوماً، كان هناك نزاع محدود على الحدود مع افغانستان وتم حله بسرعة". وكانت وسائل إعلام إيرانية كشفت في وقت سابق، أن عناصر "طالبان" سيطرت على "دوغارون"، أهم المنافذ الحدودية بين أفغانستان وإيران. لكن المتحدث الايراني شدد على عدم وجود أي تواجد لطالبان" على الحدود.

معارك متفرقة

على الصعيد الميداني، وبعد أيام من إعلان مسؤولين سقوط عشرات المقاطعات في جميع أنحاء البلاد بيد الحركة، أعلنت قناة "طلوع نيوز" الأفغانية، أن 11 مقاطعة جديدة سقطت في يد "طالبان" خلال الساعات الـ 24 الأخيرة، منها 7 في ولاية بدخشان شمال شرقي البلاد عند الحدود مع طاجيكستان.

في المقابل، نشرت السلطات الأفغانية أمس، مئات الأفراد من قوات خاصة وميليشيات موالية للحكومة بهدف مواجهة الهجوم العنيف الذي تشنه "طالبان" في ولايتي تخار وبدخشان الشماليتين، اللتين كانتا معقلين لتحالف الشمال خلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، ولم يتمكن المتمرّدون يوماً من السيطرة عليهما. ويبدو أن "طالبان" تراهن على انتصار عسكري يتيح لها إطاحة الرئيس أشرف غني.

خطة سلام

على الصعيد السياسي، أعلن الناطق الآخر باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد، أن الحركة تنوي تقديم خطة سلام مكتوبة إلى الحكومة الشهر المقبل على أقصى تقدير، لافتاً إلى أنه "على الرغم من أن طالبان لديها اليد العليا في ساحة القتال لكنها جادة جداً بشأن المحادثات والحوار".

ورداً على هذه التصريحات، اعتبر متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن التوصل إلى تسوية تفاوضية هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب.

من جهتها، الناطقة باسم وزارة شؤون السلام الأفغانية ناجية أنواري، أنه "من الصعب توقّع أن طالبان ستزودنا بوثيقة مكتوبة لخطة سلام في غضون شهر، لكن لنكن إيجابيين، نأمل أن يقدموها لفهم ما يريدون".

مطار كابول

وفي أنقرة، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس، إن بلاده تواصل المباحثات بشأن تشغيل وحماية مطار كابول الدولي، مضيفاً أنه سيبحث هاتفياً مع نظيره الأميركي لويد أوستن الملف اليوم.

وأكد أكار أنه "في حال توقف المطار عن العمل، لن يبقى سفراء الدول الأجنبية في كابول، وستتحول أفغانستان إلى دولة معزولة، وستنجم عن ذلك مشاكل على صعيد العلاقات الدولية".

وكانت معلومات أشارت إلى أنه حتى لا تبدو تركيا وكأنها تقوم بوظيفة "الوكيل" عن حلف الأطلسي في كابول، تقرَّر سحب القوات التركية مع القوات الأجنبية، على أن تتّفق أنقرة بعد ذلك مع الحكومة الأفغانية، على إرسال قوات لحماية المطار وتدريب الشرطة.

ولا يُعرف، حتى الآن، موقف "طالبان" إزاء هذا الإخراج، وهي التي أبلغت الجميع رفضها بقاء أيّ جندي أجنبي، ومنهم الأتراك.

أي دور لباكستان؟

وصفت افتتاحية صحيفة "غارديان" البريطانية، أمس، الانسحاب الأميركي من أفغانستان بأنه "تراجع إلى عدم اليقين". وقالت إنه بسحب القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها من هذ البلد ينفذ الرئيس الأميركي جو بايدن جزءاً من برنامج حملته الانتخابية بأن "الحروب الأميركية الأبدية" تصرف الانتباه عن القضايا الداخلية الأكثر إلحاحاً.

ورأت الصحيفة أنه في الوقت الذي سيكون فيه تأثير الانسحاب محسوسا بشدة في أفغانستان، حيث توجد مخاوف مبررة من أن حركة "طالبان" تستعد لاستعادة السلطة، فإن السؤال الأوسع الذي يطرحه بايدن هو لباكستان المجاورة المسلحة نوويا، والدور الذي تريد أن تضطلع به في المنطقة.

وكانت الصحيفة أكثر تصريحا في رأيها بأن هناك قليلا من الثقة بين واشنطن وإسلام آباد، رغم أن باكستان دولة على خط المواجهة في أطول حرب أميركية، مشيرة إلى أن بايدن عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما كتب في مذكراته أنه فضل عدم إشراك باكستان في الغارة على مجمع أسامة بن لادن في 2011، لأنه كان "سرا مكشوفا"، بأن عناصر داخل الجيش الباكستاني، بخاصة أجهزته الاستخبارية، حافظت على روابط مع "طالبان" وربما حتى مع تنظيم "القاعدة"، مستخدمة إياها أحيانا كأصول إستراتيجية، لضمان بقاء الحكومة الأفغانية ضعيفة وعاجزة عن مواءمة نفسها مع منافس باكستان الأول الهند.

وأضافت الصحيفة البريطانية أن المخاطر المتزايدة باستمرار لسيطرة "طالبان" على السلطة ستشكل ديناميكيات المنطقة، ومنها أن وجود "طالبان" في كابول أعطى باكستان فكرة أنه يمكنها السيطرة على أفغانستان، واكتساب "العمق الإستراتيجي" اللازم لتحدي الهند. ومنذ ذلك الحين اقتربت الصين من إسلام آباد، وحاولت نيودلهي، في مواجهة بكين المعادية، تحسين العلاقات مع باكستان.

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بأن بايدن يعلم أن أفغانستان تعرف باسم "مقبرة الإمبراطوريات"، لذلك يريد أن تكون سياسته الخارجية بمنزلة قطيعة مع الماضي ومواجهة لتحديات المستقبل، لكن نقاط التحول لا تنجح إلا إذا عرف المرء إلى أين يتجه.

وزيرا الدفاع الأميركي والتركي يبحثان اليوم مقترح حماية أنقرة لمطار كابول
back to top