عودة لاجئي الروهينغا إلى ميانمار مستبعدة
منذ الانقلاب العسكري في ميانمار في 1 فبراير الماضي، أصبحت جميع تدابير ترحيل لاجئي الروهينغا المسلمين من بنغلادش إلى ميانمار عالقة، فبعد أيام على الانقلاب، أعلن رئيس المجلس العسكري، الجنرال مين أونغ هلاينغ، في خطاب متلفز أن المجلس العسكري سيتابع استقدام لاجئي الروهينغا إلى ميانمار.كان مسلمو الروهينغا قد هربوا إلى بنغلادش بدفعات كبيرة بعد حملة القمع العسكرية التي قادها الجيش ضد المسلمين في ولاية "راخين" في غرب ميانمار، لكن المؤشرات على عودة اللاجئين إلى حياة آمنة تَقِلّ في "راخين"، ففي شهر مايو الماضي، أخبرت رئيسة وزراء بنغلادش، الشيخة حسينة، رئيس الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، فولكان بوزكيرن، أثناء زيارته إلى دكا بأن عودة أعضاء الروهينغا الآمنة والكريمة ليست مؤكدة بعد في ظل تفاقم الوضع في ميانمار.وفي 22 أبريل، قال وزير خارجية بنغلادش، شهريار علم، إن استمرار النهج الذي يستعمله المجتمع الدولي للتعامل مع الانقلاب في ميانمار يشجّع القوات المسلحة "تاتمادو" (إنه الاسم الذي يُعرَف به جيش ميانمار) على متابعة أعماله الوحشية بحق الأقليات العرقية.
تتلقى قوات "تاتمادو" ملايين الدولارات من الشركات الأجنبية حتى الآن، لذا لن تتوقف أعمال العنف التي دفعت جماعة الروهينغا إلى الهرب من "راخين" إلى بنغلادش، في غضون ذلك، لم تصبح الظروف في ميانمار مؤاتية بعد لعودة اللاجئين.في مدن مثل "يانغون" و"نايبيداو"، لا تهتم جماعة "بامار" الذي تشكل الأغلبية العرقية في ميانمار بعودة اللاجئين، ووفق محلل أمني من ميانمار تكلم مع صحيفة "دبلومات" شرط عدم الإفصاح عن اسمه، تُعتبر قضية الروهينغا آخر ما تفكر به أغلبية "بامار" في الوقت الراهن، وبحسب رأيه، "أدرك معظم الناس مدى وحشية العمليات العسكرية في "راخين" وهم يتعاطفون مع معاناة الروهينغا، لكنهم يشعرون بالاستياء من الناشطين المنتمين إلى هذه الجماعة لأنهم يلومون زعيمة "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، أونغ سان سو كي، وبقية جماعات ميانمار بدل تحميل قوات "تاتمادو" وحدها مسؤولية الاعتداءات ضدهم.منذ الانقلاب العسكري، توسعت مظاهر التضامن العرقي بين مختلف الجماعات، ووفق معلومات المحلل الأمني، تبرز مؤشرات مفادها أن الناس باتوا أكثر تقبّلاً لجماعة الروهينغا شرط أن تقف هذه الأخيرة إلى جانب الجماعات الأخرى التي تحارب قادة الانقلاب.على صعيد آخر، لا يريد معظم اللاجئين المقيمين في مخيمات "كوكس بازار" في بنغلادش العودة إلى ميانمار، فقد كشف استطلاع أجرته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة في عام 2019 أن 214 عائلة لا تريد العودة قبل تلبية مطالبها الأساسية. يريد لاجئو الروهينغا العودة إلى ميانمار بعد نيل حقوق المواطنة التي يستحقونها وضمان سلامتهم، لكن يظن معظمهم أن ولاية "راخين" لا تزال عدائية وغير آمنة لهم.يقول ساقيب الشيخ، مدير البرامج في مشروع الروهينغا في مخيّمات "كوكس بازار"، إن الوضع الميداني غير آمن ولن تتحقق شروط الترحيل التي وافقت عليها ميانمار في عام 2018 في أي وقت قريب على الأرجح، لكن قد تكون عودة لاجئي الروهينغا إلى ميانمار تكتيكاً مفيداً لقوات "تاتمادو" كي تكسب الشرعية الدولية التي تطمح إليها، فقد عمدت هذه القوات إلى تشويه سمعة "الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية" المعارِضة لطرح نفسها كحامية للقومية البورمية وتعزيز وحدة صفوفها، ومن المتوقع أن يستفيد الجنرالات من عودة اللاجئين لتحسين صورتهم ومصداقيتهم بنظر المجتمع الدولي.لكن إذا بدأت عودة اللاجئين في ظل لامبالاة جماعة "بامار" بمآسي الروهينغا، فستتراجع فرصة عودتهم إلى ولاية "راخين" بطريقة تضمن الحفاظ على كرامتهم، مما يعني أن يحصل أعضاء هذه الجماعة على الجنسية ويكتسبوا حق امتلاك أراضي أجدادهم. دعت رابطة أمم جنوب شرق آسيا المجلس العسكري إلى التحاور في 14 أبريل الماضي، مما يثبت أن الجماعة الإقليمية تريد التعامل مع هذا المجلس.ثم دعا قرار الأمم المتحدة المرتبط بميانمار في 18 يونيو إلى إعادة إرساء الديمقراطية والاعتراف بدور رابطة أمم جنوب شرق آسيا المحوري، لكنه لم يذكر شيئاً عن عودة مسلمي الروهينغا أو معالجة الأسباب الأصلية لأزمة اللاجئين.من الواضح أن قادة العالم سيكتفون بإطلاق مواقف شفهية حول 750 ألف لاجئ من جماعة الروهينغا في بنغلادش في حين يتابعون التعامل بالطريقة نفسها مع ميانمار.* آصف مزتبى حسن