«أمم جنوب شرق آسيا» تطلق مركزاً للتحديات السيبرانية
من بين القرارات الصادرة عن الاجتماع الافتراضي الأخير لوزراء الدفاع في رابطة أمم جنوب شرق آسيا في 15 يونيو، كان إنشاء مركز التميّز السيبراني في سنغافورة الأبرز على الإطلاق، فلم يكن هذا التطور مفاجئاً على الأرجح، لكنه أكد على استمرار أهمية الأمن الإلكتروني كمسألة دفاعية محورية بالنسبة إلى دول جنوب شرق آسيا وعدد من شركائها الأساسيين.زاد تركيز دول جنوب شرق آسيا ورابطة أمم جنوب شرق آسيا ككتلة بحد ذاتها على الأمن الإلكتروني في إطار محاولات المنطقة إيجاد التوازن المناسب بين الفرص التي يقدمها الاقتصاد الرقمي والتحديات التي تطرحها تعقيدات التهديدات الإلكترونية المتوسّعة في عالمٍ يزداد ترابطاً، وتحديد علاقة هذه المسائل بتحديات أخرى مثل الإرهاب. تطرّق اجتماع وزراء دفاع رابطة أمم جنوب شرق آسيا لهذه المسائل حديثاً، وهو يُعتبَر على نطاق واسع المركز الدفاعي الأساسي داخل الرابطة، فقد نشأ فريق عمل جديد يُعنى بالأمن الإلكتروني في عام 2016، وشهدت السنوات الأخيرة أيضاً تشكيل هيئات جديدة مثل مركز بناء قدرات الأمن الإلكتروني بين رابطة أمم جنوب شرق آسيا واليابان، وقد تم الإعلان عنه خلال اجتماع لرؤساء الرابطة في تايلند في عام 2019. زاد التركيز على هذه المسائل مجدداً خلال أحدث اجتماع لوزراء دفاع رابطة أمم جنوب شرق آسيا الذي استضافته بروناي، رئيسة الرابطة الحالية. يذكر "إعلان بندر سري بكاوان" الذي تبناه اجتماع وزراء الدفاع المرتبط بدعم "نسخة سلمية ومزدهرة وجاهزة للمستقبل من رابطة أمم جنوب شرق آسيا" في 15 يونيو جزءاً من التقدم الحاصل في المجال الإلكتروني، وقد طرح أيضاً بعض التدابير المُصمّمة لتحسين النشاطات المستقبلية في هذا القطاع. كانت إحدى الوثائق التي أقرّها الاجتماع تتعلق بإنشاء مركز جديد للتميز السيبراني. يحمل هذا المكان رسمياً اسم "مركز التميز للأمن السيبراني والمعلومات" ويقع مقرّه في سنغافورة، وسيتولى "تعزيز التعاون في مجال الأمن الإلكتروني والمعلومات داخل القطاع الدفاعي، وزيادة التعاون متعدد الأطراف بين المؤسسات الدفاعية التابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا للتصدي للاعتداءات الإلكترونية وحملات التضليل والمعلومات المغلوطة".قد تكون فكرة إنشاء هذا النوع من المراكز في سنغافورة مفاجئة بعض الشيء، فقد كانت سنغافورة تسعى أصلاً إلى ترسيخ نفسها كزعيمة حقيقية داخل رابطة أمم جنوب شرق آسيا في المجال السيبراني عبر إطلاق سلسلة مبادرات تغطي مجالات متنوعة على مر السنين، منها بناء القدرات وتنظيم مناسبات للتحاور، وشملت هذه الجهود الإعلان رسمياً عن نشوء مركز التميز للأمن السيبراني بين رابطة أمم جنوب شرق آسيا وسنغافورة في عام 2019، خلال المؤتمر الوزاري الرابع للرابطة حول الأمن الإلكتروني.
لم تُنشَر تفاصيل كثيرة حتى الآن حول دور المركز الجديد داخل اجتماع وزراء دفاع رابطة أمم جنوب شرق آسيا، فقد تكلم وزير الدفاع السنغافوري، ناغ إينغ هين، عن التنمية كمثال على أهمية إيجاد أدوات جديدة للحوار الاستراتيجي والتعاون العملي بهدف التعامل مع التحديات الأمنية الراهنة والجديدة وتعزيز التحليلات الموضوعية وتقاسم المعلومات رغم انتشار وباء كورونا الذي أدى إلى إلغاء حوار شانغريلا هذه السنة.حين تتضح تفاصيل المبادرة الأخيرة، سيتطلب تطوير مركز التميّز تدقيقاً شديداً ويجب أن يشمل المجالات الأساسية التي يريد إحراز التقدم فيها، منها الأبحاث والتدريبات وتقاسم المعلومات، ولا بد من تقييم مدى تطابق المركز الجديد مع الهيئات القائمة والجهود المشتركة الأخرى أيضاً. في السياق نفسه، تبنى اجتماع وزراء دفاع رابطة أمم جنوب شرق آسيا وثيقة حول إنشاء شبكة للدفاع السيبراني للربط بين مراكز العمليات في الدول الأعضاء، إذ تسمح هذه الأدوات وسواها بتقييم مسار تطور المركز كجزءٍ من جهود واسعة تبذلها دول جنوب شرق آسيا للسيطرة على التحديات السيبرانية خلال السنوات القليلة المقبلة.* براشانث باراميسواران