يبدو أن المشروعات الضخمة في الكويت، كُتب لها أن تكون معلنة البداية والتنفيذ، ومجهولة المصير والنهاية، هذا الواقع المرير هو حال معظم المشروعات الحيوية المهمة والمصيرية التي يفترض أن تمثل نقلة نوعية وخطوة إلى الأمام للدخول في مستوى خدماتي أكثر تطورا وانفتاحا ومنافسة على أقل تقدير.في المقابل، فإن الوضع مختلف في دول الخليج الشقيقة، التي تسبقنا بخطوات كثيرة على مختلف الصعد، خصوصا في ما يتعلق بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو مشروع الألياف الضوئية الذي تنفذه وزارة المواصلات.
أكثر من 16 عاماً مرت على البدء بتنفيذ هذا المشروع الذي يعد أحد مشاريع الخطة التنموية لـ "كويت 2035"، ولا أحد يعلم متى سينتهي، ومع إعلان الوزارة قبل فترة وجيزة، الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية، وتدشين المرحلة الثالثة والأخيرة، فإن الواقع مختلف تماما على ما يبدو، خصوصا مع استمرار بعض المعوقات التي كشفتها مصادر مطلعة في "المواصلات"، إذ أكدت ان أعمال "الثالثة" التي تشمل جميع مناطق البلاد التي لم تصل إليها خدمة الفايبر وعددها 90 منطقة، والتي أعلنتها الوزارة عن طريق مدير إدارة المشاريع، لم يتم البدء بها، مما يؤكد أن إنجاز المشروع سيواجه مشكلة في التأخير، علما بأنه أحد أهم المشروعات المدرجة ضمن الخطة التنموية للكويت.
«كورونا» والتأخير
من جهته، أكد مصدر قيادي في "المواصلات"، ان "المشروع أوشك أن ينتهي بعد دخول مرحلته الثالثة الخطوات الأخيرة من التنفيذ"، موضحا أن "الأمور تسير بشكلها الطبيعي وفق جدول زمني محدد".وبينما نفى المصدر، "أي تأخير في تنفيذ المشروع"، أكد أن "التأخير في بعض مراحله سببه ظهور فيروس كورونا، الذي تسبب في ربكة عالمية شملت كل الدول ومختلف المشروعات والاقتصادات العالمية"، وهو تبرير يرى كثير من المتابعين أنه غير دقيق، فقد شكلت أزمة كورونا فرصة كبيرة لإنجاز الكثير من المشاريع المعطلة كما فعلت الوزيرة رنا الفارس في معالجة مشكلات الطرق، إذ استفادت من الحظرين الكلي والجزئي لإصلاح الجزء الأكبر من تبليط الشوارع. وهنا يتساءل المتابعون عن إمكانية تدخل الوزيرة الفارس لحسم هذا التأخير غير المبرر كما فعلت في أزمة الطرق.معوقات المرحلة الأولى
ويشكو بعض سكان مناطق سلوى، الرميثية، السالمية، البدع، ممن لا يمتلكون (بوكس) الفايبر أو جهاز الفايبر، من أنهم لا يستطيعون استخدام انترنت عبر الألياف الضوئية، خصوصا ان المرحلة الأولى لم تنته بشكل تام، إذ حدثت مشكلة قبل سنوات حول الأجهزة، وإلى الآن لم يتم حلها، وتوقف المشروع إلى الآن، والعمل يقتصر على النظام القديم، فأي بيت جديد لا يستطيع تشغيل الإنترنت على شبكة الألياف الضوئية، مما اضطر قيادي الوزارة الى مخاطبة إدارة الفتوى والتشريع لاستكمال تنفيذ هذه المرحلة المتأخرة، وهناك موافقة من "الفتوى" بدفع القيمة المتبقية للشركة المعنية بالاعمال لتقوم باستكمال المشروع.مقارنة خليجية
بدوره، قال مصدر مطلع: "من خلال مقارنة سريعة مع دول الخليج العربي، نستطيع معرفة الفارق بين مشروع الألياف الضوئية في الكويت والدول الشقيقة"، مشيرا إلى ان "قطر انتهت في 2017 من تمديد الفايبر إلى جميع المناطق وتصل سرعتها إلى 1 تيرا، وكذلك الأمر في الإمارات بالتعاون مع القطاع الخاص إذ استطاعت ان تغطي جميع مناطقها بسرعات ضخمة جدا، بالإضافة إلى السعودية التي بدأت بتنفيذ المشروع وتغطية مناطق كبيرة هناك، وكذلك عمان أنجزت مراحل كبيرة في هذا المشروع، في حين نحن نعاني، ليس من تأخير المشروع فقط، بل من سوء التنفيذ أيضا، خصوصا فيما يتعلق بالسرعات، إذ ان أقوى (بوكس) لدينا يغطي 100 ميغا فقط، والدول الأخرى عشرة أضعاف السرعة التي نوفرها!".التسلسل الزمني لمراحل المشروع
كشفت تصريحات صحافية لمسؤولين سابقين وحاليين في الوزارة، عن تباين في المعلومات حول المشروع، ما يبرهن على أن المشروعات الحيوية تتطلب جدية ومتابعة من المسؤولين مع الشركات المعنية بالتنفيذ حتى ترى النور دون مماطلة أو تأخير... وفيما يلي التسلسل الزمني للمشروع:•21 مايو 2008: أعلن وزير المواصلات آنذاك، عبدالله المحيلبي، ان "الوزارة تقوم بتنفيذ هذا المشروع الحيوي منذ عام 2005 كمرحلة أولى لتطبيق نظام الألياف الضوئية، والتي من المفترض ان تنهي اعمال التنفيذ في شهر يونيو 2009".• 7 فبراير 2013: أكد الوكيل المساعد لقطاع الاتصالات والخدمات المساندة في وزارة المواصلات السابق، منصور البدر، ان "المرحلة الثانية من مشروع شبكة الألياف الضوئية ستبدأ في يوليو المقبل (2013)، وتستمر حتى منتصف عام 2015 وتغطي 29 منطقة و66 ألف قسيمة".•11 أكتوبر 2013: أكد وزير المواصلات الأسبق عيسى الكندري، أن "إنجاز المرحلة الثانية من المشروع سيكون نهاية عام 2015"، مضيفا: "عقب الانتهاء من المرحلة الثانية من مشروع الألياف الضوئية ستبدأ المرحلة الثالثة التي تضم 64 منطقة سكنية قديمة، وتشمل 100 ألف وحدة سكنية".• 5 ديسمبر 2018: أعلنت مديرة إدارة المشاريع لقطاع الاتصالات الدولية في وزارة المواصلات م. غدير النقي: "انتهاء الوزارة من تنفيذ مشروع الألياف في المرحلتين الأولى والثانية للمدن السكنية الجديدة، وتدشين المرحلة الثالثة لاستكمال المشروع الوطني المدرج ضمن خطة التنمية 2035".• 10 مارس 2019: أوضحت وكيلة الوزارة الحالية، المهندسة خلود الشهاب، في مؤتمر "مستقبل المدن الذكية"، أن "المرحلة الأولى بدأت عام 2010 وشملت 28 منطقة، والمرحلة الثانية التي دشنت خدماتها خلال 2018 بلغت عدد مناطقها 34 منطقة، في حين ستشمل المرحلة الثالثة والأخيرة 90 منطقة".