أعمال العنف في أفغانستان تؤثر على لاجئيها بالخارج
سقطت مقاطعة «تولاك» في ولاية «غور» وسط أفغانستان بيد حركة «طالبان» بعد سلسلة من الاشتباكات المكثفة بين القوى المتناحرة، وهي واحدة من 50 مقاطعة استولت عليها «طالبان» منذ أن أعلنت الولايات المتحدة انسحابها العسكري الذي سيكتمل في 11 سبتمبر 2021، أي في الذكرى العشرين للهجوم الإرهابي الذي دفع الولايات المتحدة إلى خوض أطول حرب في تاريخها.تثبت شراسة الاستيلاء على المقاطعات ووتيرة هذه العملية في أنحاء البلد أن أفغانستان بدأت حقبة جديدة من الاضطرابات اللامتناهية، ففي شهر يونيو وحده، قُتِل أكثر من 430 عنصراً من قوى الأمن و200 مدني.لم يتفاقم الوضع بالنسبة إلى الأفغان المقيمين في البلد فحسب، بل إنه انعكس أيضاً على ملايين الأفغان المقيمين في الخارج لأنهم يشعرون بالقلق على مستقبل بلدهم.
كانت باكستان تستضيف نحو 4 ملايين لاجئ أفغاني قبيل غزو الاتحاد السوفياتي السابق، لكن عاد نصفهم تقريباً إلى أفغانستان لاحقاً، واليوم تستضيف باكستان مليونَي لاجئ أفغاني ورغم حرصها على تسهيل حياة اللاجئين، وقع هؤلاء ضحية التمييز العنصري، حتى أن بعضهم يتعرض للاعتقال بسبب تُهَم سخيفة.يخبر اللاجئ أسد وزير (23 عاماً) من ولاية «كونار» الأفغانية قصة إقامته في باكستان: كان يقيم في مخيم يفتقر إلى الكهرباء والمياه، وكانت الشرطة تداهم منازل اللاجئين عند وقوع أي هجوم إرهابي في المدن المجاورة. اتهم وزير السلطات بمضايقة اللاجئين وإساءة معاملتهم واعتبر الأيام التي أمضاها في باكستان من أصعب مراحل حياته.في ظل توسّع الاضطرابات في أفغانستان، من المتوقع أن يتدفق المزيد من اللاجئين إلى باكستان ويسهل أن تضطرب حياة القادمين الجدد واللاجئين الأفغان المستقرين هناك.عبّرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة عن قلقها من تدفق اللاجئين إلى باكستان، وحذر رئيس المكتب الفرعي للمفوضية في «كويتا»، إروين بوليكار، من زيادة أعداد اللاجئين الأفغان القادمين إلى باكستان بعد انسحاب القوات الأجنبية بالكامل من أفغانستان. في الماضي، رحّبت باكستان باللاجئين الأفغان واستضافتهم بأفضل الطرق، لكن تغيّر الوضع كثيراً منذ عام 2001، إلى جانب هجوم 11 سبتمبر ضد الولايات المتحدة، شهدت السنة نفسها بداية موجة إرهابية مريعة في باكستان، وبرزت عواقب أخرى للإرهاب هناك، منها تراجع كرم السكان المحليين وحُسن ضيافتهم تجاه اللاجئين الأفغان الذين باتوا يخافون على مستقبلهم هناك الآن.يظن أشفق دوراني، باحث مرموق في منظمة بحثية في إسلام أباد وخبير في الشؤون الأفغانية، أن الوضع سيزداد صعوبة على اللاجئين الجدد إذا اندلعت حرب أهلية في أفغانستان، حيث سيؤدي هذا الوضع إلى تدهور حياة اللاجئين المقيمين في باكستان أصلاً، وبحسب رأيه، تغيرت نظرة حكومة باكستان وشعبها خلال الحرب على الإرهاب، إذ أصبحت مشاعر انعدام الثقة والعدائية تجاه الأفغان طاغية في البلد اليوم.في باكستان، لم يعد اللاجئون الأفغان مرحّباً بهم لأن الباكستانيين يشعرون بأعباء استضافة مئات آلاف اللاجئين على أرضهم، وتسود مخاوف واسعة في أوساط باكستانية عدة من أن يعوق العدد المتزايد من اللاجئين السلام الذي اكتسبه البلد بأصعب الطرق ويُهدد الديناميات القائمة في قطاع الأعمال والمجتمع ككل.لا يمكن اعتبار مظاهر التمييز ضد اللاجئين الأفغان ووصمة العار المنسوبة إليهم غير متوقعة أو غير مبررة، وستؤدي طريقة تصوير اللاجئين الأفغان في وسائل الإعلام وتدهور العلاقات بين أفغانستان وباكستان، فضلاً عن التداعيات المالية التي سبّبها فيروس كورونا، إلى زيادة مشاكل اللاجئين الأفغان المستقبليين في باكستان في حين تبحث أعداد متزايدة من الأفغان عن ملجأ آمن لها في الخارج.* شهيد أفضل خان