سقوط «قواعد الاشتباك» بين واشنطن وحلفاء طهران

14 صاروخاً تصيب قاعدة «عين الأسد»... ومُسيَّرات مفخخة على مطار أربيل و«حقل العمر»

نشر في 08-07-2021
آخر تحديث 08-07-2021 | 00:05
بعد أيام قليلة من ضربة أميركية لمواقع حلفاء طهران في العراق وسورية قالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إن هدفها الردع، يبدو أن قواعد الاشتباك السابقة بين الطرفين قد سقطت وتحتاج إلى تفاهمات جديدة تنتظر اتفاقاً في فيينا ربما لن يأتي قبل تسلم الرئيس الأصولي إبراهيم رئيسي السلطة الشهر المقبل.
تعرضت ثلاثة مواقع أميركية في العراق وسورية في الساعات الأربع وعشرين الماضية لضربات قوية تقف وراءها فصائل موالية لإيران ما لبثت تهدد منذ أيام بالانتقام لمقتل 4 من عناصرها في ضربة أميركية على قواعدها.

وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن شددت على أن هدف الضربة التي قامت بها الردع لا التصعيد، وتردد أنها أبلغت طهران هذا الموقف عبر وسيط، فإن التصعيد الذي يبدو سيد الموقف في اليومين الماضيين قد نال ضوءاً أخضر من إيران، إذ زار بغداد على التوالي قائد «فيلق القدس» اللواء إسماعيل قآني ورئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري حسين طائب.

وكشف المتحدث باسم التحالف الدولي في العراق الكولونيل واين ماروتو، أن قاعدة «عين الأسد» العراقية التي تضم جنوداً اميركيين وتقع في صحراء الأنبار غرب العراق قرب الحدود مع سورية، تعرضت لهجوم بـ 14 صاروخاً سقطت عليها وعلى محيطها وأدت لوقوع ثلاث إصابات.

وفي حين أكد ماروتو أنه «تم تفعيل تدابير دفاعية لحماية القوات المنتشرة بها»، تبنى الهجوم فصيل يسمي نفسه «ثأر الشهيد المهندس»، نسبة إلى نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، الذي قتل مع قائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني، في ضربة أميركية على مطار بغداد مطلع العام الماضي.

وفيما نشرت وسائل إعلام عدة فيديو لمنصة إطلاق الصواريخ على القاعدة وهي عبارة عن شاحنة كبيرة تعرضت للاحتراق، قام الجيش العراقي بتطويق مكان إطلاق الصواريخ في ناحية البغدادي بمحافظة الأنبار وفرضَ حظراً للتجوال على المنطقة، وبدأ بملاحقة منفذي الهجوم.

وقالت خلية الإعلام الأمني، في بيان، «توقفت بمنطقة البغدادي عجلة بداخلها حاوية كان الظاهر أنها تحمل أكياس مادة الطحين، لكنها كانت قاعدة صواريخ، أطلقت 14 صاروخاً باتجاه قاعدة عين الأسد وأدت إلى أضرار في دور المواطنين القريبة وأحد المساجد».

خسائر مادية

وأفاد مدير ناحية البغدادي شرحبيل العبيدي بأن القوات الأميركية الموجودة فيها ردت على مصادر النيران، مبيناً أن الحادثة أدت إلى احتراق عدد من منازل المواطنين، ووقوع ضحايا.

وتحدث القيادي في «الحشد العشائري» بالأنبار الشيخ قطري السمرمد عن تضرر نحو 50 منزلاً جراء قصف قاعدة عين الأسد ومغادرة أهالي منطقة البغدادي، معتبراً أن ما حدث سببه الصراع الأميركي- الإيراني «الوهمي».

وليل الاثنين-الثلاثاء، أسقطت القوات الأميركية طائرة مسيّرة مفخّخة أثناء تحليقها فوق سفارة الولايات المتّحدة في بغداد، وبعد ساعات تعرض رتل عسكري للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للاستهداف بثلاث عبوات ناسفة في منطقة الصقلاوية.

مطار أربيل

وقبل ساعات من الهجوم الكبير على «عين الأسد»، استهدف هجوم بطائرات مسيّرة مفخّخة ليل الثلاثاء- الأربعاء مطار أربيل الدولي الذي تقع على مقربة منه القنصلية الأميركية في إقليم كردستان، مما أثار حالة هلع وإجلاء الركاب من الطائرات وإطفاء الأنوار وإغلاق المجال الجوي.

وقال المتحدّث باسم التحالف الدولي، في تغريدة، إنّ طائرة مسيّرة مفخّخة انفجرت «قرب قاعدة أربيل الجوية قرابة الساعة 23:15 بالتوقيت المحلّي»، مضيفاً أنّه لم يبلّغ في الحال عن وقوع ضحايا أو أضرار من جرّاء هذا الهجوم. وأكد جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم أنّ الهجوم «لم يخلّف أيّ ضحايا بشرية أو أضرار مادية وأدّى فقط إلى احترق أعشاب». وكان مطار أربيل حيث توجد القاعدة الأميركية تعرّضّ في أبريل لهجوم بطائرة مسيّرة مفخّخة.

وحذرت مبعوثة الأمين العام للأم المتحدة جينين بلاسخارت من أن الهجمات المستمرة للميليشيات الموالية لإيران تدفع العراق «نحو المجهول وقد يكبد الشعب ثمناً باهظاً»، معبرة أن استهداف أربيل «إهانة لسيادة القانون وتعرض شرعية الدولة للتهديد من قبل جهات مسلحة».

وطالب محافظ أربيل أوميد خوشناو الحكومة العراقية والتحالف الدولي بفتح تحقيق «جدي»، مؤكداً أن ما تعرض له مطار أربيل الدولي عمل إرهابي بامتياز.

وشدد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول على أن الحكومة العراقية عازمة على ملاحقة كل من يستهدف أمن العراق وسيادته، بمن فيهم مستهدفو مطار أربيل وقاعدة عين الأسد، مؤكداً أن «خيارات السلم والحرب هي حق حصري للدولة وليست اجتهادات لمجموعات، أو أفراد، أو توجهات محددة».

ووصف رسول قصف مطار أربيل وقاعدة عين الأسد بأنه انتهاك صارخ لكل القوانين واعتداء على هيبة الدولة والتزاماتها الدولية. وقال: «الحكومة تؤكد رفضها استخدام الأراضي العراقية وأمن مواطنيها ساحة لردود الفعل، مما يستوجب ضبط النفس واحترام مخرجات الحوار الاستراتيجي».

وفي سورية، تعامل حلفاء واشنطن مع هجمات معادية بطائرات مسيرة استهدفت حقل العمر، الذي يضم أكبر تجمع للقوات الأميركية في محافظة دير الزور.

وقالت مدير المركز الإعلامي لقوات سورية الديمقراطية (قسد) فرهاد شامي، في بيان، «تمكنا مع قوات التحالف الدولي من إفشال هجمات معادية بواسطة الطائرات المسيرة في منطقة حقل العمر»، الذي يعد أكبر حقول النفط في سورية مساحة وإنتاجاً، ويقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات.

رئيسي والولائي

وتأتي الهجمات الأخيرة بعيد فوز المحافظ المتشدّد إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، في انتصار وصفه القيادي في الحشد الشعبي والأمين العام لكتائب «سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي بأنّه انتصار «لنهج المقاومة وهزيمة للتطبيع».

وتحاول السلطات العراقية منذ سنوات ردع منفّذي تلك الهجمات، علماً أنّ بعض الفصائل الموالية لإيران بات منضوياً في القوات العراقية الرسمية، أو لديه علاقات وتواصل معها. وأدّت الهجمات منذ بداية العام إلى مقتل متعاقدَين أجنبيين وتسعة عراقيين هم متعاقد وثمانية مدنيين. وفي تطور ينذر بتوسع المواجهة بين واشنطن وطهران، توعد الولائي أمس الأول بالرد على ضربة الرئيس الأميركي جو بايدن للحشد الشعبي على حدود سورية بعملية انتقامية نوعية ليست في العراق أو إقليم كردستان فقط بل في أي مكان».

وبعد أسبوع شهد «انهيار» الشبكة الوطنية وتزايد الهجمات على خطوط نقل الطاقة، أعلنت وزارة الكهرباء أمس عن تعرض خطي الكهرباء إلى محافظتي كركوك وصلاح الدين للتفجير بعبوات ناسفة للمرة ثانية ما أدى إلى خروجهما عن الخدمة بعد يومين من إصلاحهما.

وعشة الهجمات، أعلنت الحكومة «استقرار تجهيز» الطاقة الكهربائية عند «أعلى مستوياتها».

وشدد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على ضرورة رفع حالة التأهب لدى القوات الأمنية من أجل حماية محطات التوليد وأبراج الطاقة، مشيراً إلى إحباط عدد من المحاولات الإرهابية، وإلقاء القبض على عدد من المخربين وقتل آخرين.

back to top