نجحت الحكومة والنواب الموالون لها في الفوز بكل معاركها مع نواب المعارضة حتى الآن، ورغم أن الصراع لم يكن متكافئاً، حيث تحسم كل المعارك السياسية في الدول الديموقراطية بالكم لا الكيف وبالشطارة لا الصواب، وكان الكم والشطارة في صالح الحكومة ونوابها، فإن نواب المعارضة وضعوا أنفسهم أو وُضعوا أمام امتحان قاس بسبب حجم الخيارات المتاحة لديهم ومدى اتساع الأفق السياسي الذي يمتلكونه، فلم نر من تكتيكهم إلا مقاطعة بعض الجلسات والجلوس بمقاعد الحكومة في جلسات أخرى وهما تكتيكان جيدان وإن لم ينجحا في منع إقامة الجلسات الخاصة أو منع تحصين رئيس الوزراء ووزرائه أو تأخير إقرار الموازنة العامة، إلا أنهما كشفا أربعة أمور سيكون لها أثرٌ سياسي في الفترة القادمة:الأول، أن المعارضة وضعت نواب الموالاة بأقصى الزاوية، حيث بدت صورتهم سلبية أمام ناخبيهم، بعد أن تنازلوا بملء إرادتهم عن أهم أدوات الرقابة والمحاسبة وهي الاستجواب.
الثاني، تبرؤ نواب المعارضة مما تم من فرض بعض الأعراف البرلمانية الجديدة بشكل قد يكون ساهم في نشر ثقافة مناوئة للأهداف السامية التي كتب من أجلها الدستور، وهو عرف إلغاء الجلسات التي لا تحضرها الحكومة.الثالث، أثبت نواب المعارضة أن غياب الحكومة عن الجلسات ليس مبدئياً وإنما تكتيكياً، فقد غابوا مثلاً عن حضور جلسة نقاش سيادية مواد الجنسية وحضروا جلسة إقرار الموازنة وجلسة فض دور الانعقاد.الرابع، وهو الأهم عدم مشاركتهم بالتصويت على الموازنة وترك نواب الموالاة يتحملون لوحدهم التداعيات السلبية التي قد تحدث بسبب موازنة بهذه الضخامة من حيث الحجم الكلي أو من حيث حجم العجز فيها، وهذا لا يعني أن بعض التكتيكات التي استخدمها بعض نواب المعارضة أضرت بهم، مثل استخدام مكبرات صوت خاصة والضرب على الطاولات (والهوشات).ورغم نجاح الفريق الحكومي في تحقيق الفوز في النتائج المباشرة فيما تم طرحه تحت قبة عبدالله السالم للتصويت، فإننا يجب أن نعترف بأمرين، أحدهما أن كل ما تم إقراره من القوانين المخالفة لرغبة المعارضة تعتبر قوانين غير شعبية ولم تنل الرضا الجماهيري وجاءت لمصلحة شعبية المعارضة لا ضدها، وثانيهما أن الفريق الحكومي لم يكن (شاطراً) تكتيكياً ولم يكن ماهرا سياسياً، إنما كان العاملان الحاسمان في هذه الجولة هما الغلبة العددية البسيطة ونقص الخبرة لدى بعض نواب المعارضة.لقد تم فض دور الانعقاد الأول بفوز حكومي لا يعكس حقيقة مستوى الفريقين وبخسارة فريق المعارضة دون أن يكون مستحقاً للخسارة قياساً بالمستوى، ورغم ذلك فلعبة الكراسي على ما يبدو انتهت وعلى نواب المعارضة إظهار تكتيكات جديدة أكثر فعالية ونضجاً، وقبل ذلك عليهم إعادة صياغة أولوياتهم اعتماداً على قاعدتين، إحداهما البحث عن السهل الجيد لا الصعب الممتاز، وثانيتهما تحسس حاجات المواطن العادي وتطلعاته بعيداً عن حصر المطالب بمطلبين كبيرين أو ثلاثة مطالب والتي وإن كان تحقيقها يخدم المعارضة بشكل كبير إلا أنها أشبه بالفرحة اللحظية التي يعقبها سؤال كبير (ثم ماذا؟).أما نواب الموالاة فعليهم الاقتراب أكثر وبسرعة من المنطقة الوسطى وتحسس آمال الشعب وحاجاته لأن المسافة التي قطعوها بعيداً عن قواعدهم الشعبية أصبحت كبيرة وهم بحاجة الى العودة سريعاً قبل فوات الأوان إن كان لهذا المجلس بقية من عمر، أما إن كان عمره قصيراً فأعتقد أن الأوان قد فات والكراسي قد طارت.
مقالات - اضافات
وجهة نظر: «لعبة كراسي» غير موسيقية
09-07-2021