لليوم الثالث على التوالي استمر التصعيد، الذي تقوم به فصائل عراقية موالية لإيران ضد القوات الأميركية، الذي أعقب ضربة أميركية لمواقع تابعة للحشد الشعبي في سورية والعراق.

وأعلن الجيش العراقي ليل الأربعاء - الخميس أنّ «مجموعة خارجة عن القانون» اطلقت ثلاثة صواريخ كاتيوشا على سفارة واشنطن بالمنطقة الخضراء الشديدة التحصين، لكنها لم تصب السفارة بل سقطت في أماكن قريبة، بجوار مقر جهاز الأمن الوطني وفي ساحة الاحتفالات وقرب منطقة الشيخ عمر السكني».

Ad

وشدد الجيش على أن «هذه الأعمال التي لا تريد الخير للبلد ستواجه بقوة من الأجهزة الأمنية وستتابع استخبارياً وميدانياً من قام بها»، مؤكداً أنه «ستتم متابعة كل من يهدد حياة المواطنين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية».

وجاء الهجوم الأخير بعيد ساعات من قصف بـ 14 صاروخ كاتيوشا على قاعدة عين الأسد في الأنبار غرب العراق، وهجوم بالمسيرات استهدف موقعاً أميركياً في مطار أربيل، وقاعدة حقل العمر النفطي في دير الزور داخل سورية الذي توجد فيه قوة أميركية إلى جانب «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) الكردية العربية المتحالفة مع واشنطن.

الخزعلي

من ناحيته، تبرأ أمين عام جماعة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي من الهجوم، مؤكداً أنه «من أجل عدم خلط الأوراق ممن يريد خلطها، الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة إلى الآن لم تدخل السفارة الأميركية ضمن معادلة الرد».

وكتب الخزعلي، في تغريدة، «إذا دخلت السفارة في هذه المعادلة فإن الفصائل لن تستعمل صواريخ الكاتيوشا المعروفة بعدم إصابتها الدقيقة لأهداف تقع بجوارها مناطق سكنية خصوصاً مع وجود أسلحة دقيقة الإصابة كما أثبتت الأيام التي مضت»، مضيفاً: «حيا الله المقاومين جميعاً والثأر لدماء الشهداء أمانة في أعناقنا لن نتنازل عنها إلا بخروج كل قوات الاحتلال».

واشنطن وباريس

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إن الهجمات الأخيرة في العراق تعكس الخطر الذي تشكله الميليشيات المدعومة إيرانياً على استقرار العراق، مشدداً على أن واشنطن ليس لديها قواعد في العراق. وقالت مصادر في «البنتاغون» إن واشنطن تجري اتصالات مع الحلفاء وتدرس كيفية الرد.

ونددت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، «بأشد العبارات» بالهجمات المتزايدة في بغداد خصوصاً على المصالح الأميركية، مدينة «الأعمال المزعزعة للاستقرار».

وقالت، في بيان، «مضاعفة الهجمات ضد المواقع الدبلوماسية وقواعد التحالف الدولي أمر غير مقبول». وأضافت: «في مواجهة هذه الأعمال المزعزعة للاستقرار التي تقوض أمن جميع العراقيين، تذكّر فرنسا بتمسكها بسيادة العراق واستقرار إقليم كردستان».

تصعيد منسق

وتوعدت الفصائل العراقية المتحالفة مع إيران بالرد بعد أن قتلت هجمات أميركية على الحدود العراقية - السورية أربعة من أعضائها الشهر الماضي.

وعمليات القصف تزامنت مع زيارة سرية قام بها رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني إلى العراق حسين طائب، التقى خلالها الكاظمي وبحثا ضربات الفصائل، التي أخذت نهجاً جديداً في تسريع عملياتها بعد أن كانت تترك وقتاً طويلاً بين هجمة وأخرى سبقها زيارة لقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» اللواء إسماعيل قآني إلى بغداد.

وقال الزميل المشارك في معهد واشنطن والمتخصص في شؤون الفصائل الشيعية المسلحة بالعراق حمدي مالك، لـ«رويترز» إن هذه الهجمات جزء من تصعيد منسق من قبل الفصائل، ويبدو لي أن لديهم ضوءاً أخضر من طهران، لاسيما أن المفاوضات النووية لا تسير على ما يرام».

تحرك الكاظمي

ويبدو أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي يعمل ضد الفصائل المسلحة ويريد إزالة الحرج الذي يتعرض له أمام المجتمع الدولي. وكانت البيانات السابقة لحكومته تصف هجمات الفصائل على القوات الأميركية والبعثات الدبلوماسية بـ»الأعمال التخريبية» وفي أحيان تصف منفذيها بـ«الخارجين على القانون»، لكن تطوراً حصل في موقفها الأخير مع وصف الناطق باسم الكاظمي للمرة الأولى مهاجمي السفارة الأميركية ومطار أربيل وقاعدة عين الأسد بـ«الإرهابيين والأعداء».

في سياق آخر، حاول رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان أمس الدفاع عن نفسه بوجه انتقادات لاذعة يوجهها له الحراك الاحتجاجي العراقي الذي يعرف بـ «حراك تشرين» والمستمر منذ أكتوبر 2019 .

وبعد اتهامات له بالإفراج عن القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح المتهم باغتيال نشطاء تحت ضغوط إيرانية، قال زيدان، إنه اصدر مذكرات قبض بحق قتلة المتظاهرين والخبير الأمني هشام الهاشمي الذي اغتيل قبل عام.

وأكد أن «بعض قضايا قتلة المتظاهرين أنجزت خصوصاً في الكوت وبابل، منها صدور أحكام الإعدام بحق ضباط في الجيش متورطين في قتل متظاهرين».

ولفت زيدان إلى أن تشكيل لجنة مكافحة الفساد دستورية وقانونية هدفها إعادة الأموال المنهوبة، موضحاً أن «جرائم الفساد معقّدة وصدرت أحكام كثيرة بحق مدانين بالفساد».