ثمة سؤال كبير يطرحه شباب الكويت من المتعلمين والخريجين وأصحاب الاختصاصات والمهارات، وهو: لماذا تحاربنا الدولة؟ ومع أن ظاهر السؤال يدل على نوع من التشاؤم واليأس والرغبة في أن تلتفت الحكومة لهم، إلا أنه في عمقه يدل على حقيقة مؤلمة، وهي أن الكويت تحارب أبناءها، وتحديداً في إتاحة الفرص أمامهم للمشاركة والمساهمة الفعالة والحقيقية في بناء بلدهم، من خلال تقلدهم مختلف الوظائف في القطاعين العالم والخاص.طُرح تكويت الوظائف الحكومية منذ زمن، لكن واقع التطبيق مازال متعثراً، ومازلنا نرى الكثير من الوظائف الحكومية التي يجب أن يكون تم تكويتها يشغلها غير كويتيين، كالقانونيين والمحاسبين، وغيرها من الوظائف، والسؤال: لماذا مازال هؤلاء في أماكنهم، وبالمقابل لدينا فائض من الشباب الكويتي المتخصص خارج نطاق العمل؟ وهل مجرد طرح شعارات التكويت يكفي ويلبي الحاجة؟
يجب أن ينتقل التكويت من كونه استجابة لشعار حكومي أو بند قانوني يلزم المسؤولين إلى أن يصبح قناعة عامة، وعقيدة وطنية حقيقية، وبالتالي يتم البحث فعلاً عن أصحاب الاختصاصات بين الشباب الكويتي كلما فكَّر المسؤول بتعيين موظف، ويجب ألا يغيب عن الجميع أن كويت اليوم مختلفة عن كويت الأمس في السبعينيات والستينيات وحتى الثمانينيات، فكويت اليوم مليئة بالشباب المتعلم، ويكاد يكون جميع شباب الكويت من الخريجين وأصحاب الشهادات العليا والاختصاصات المتنوعة، وبالتالي لم يعد هناك مسوغ لإبقاء كل هذه الطاقات خارج حساب الحكومة، وخارج أماكنهم التي يفترض أن يكونوا فيها في المؤسسات الحكومية المختلفة، كما يجب أن يكون للحكومة دور فاعل تجاه المؤسسات الخاصة في تكويت كوادرها الوظيفية، خصوصاً تلك المؤسسات التي تستفيد بشكل مباشر من الحكومة، سواء عن طريق عقود أو دعم، والمؤسسات التي يستند نجاحها إلى المال الحكومي، وهي كثيرة.لنأخذ على سبيل المثال الجامعات الخاصة، التي يستند نجاحها واستمراريتها إلى البعثات الداخلية من الكويت، وهذه البعثات مغطاة مالياً من الحكومة، وعلى الأخيرة أن تمارس دورها، بإلزام هذه المؤسسات بالتكويت، ونحن لا نتحدث هنا عن تكويت جميع أعضاء الهيئة التدريسية، بل عن الوظائف الإدارية والفنية داخل هذه الجامعات من موظفين وإداريين وفنيين -مهندسين وخبراء مهنيين وغيرهم- فلا داعي لأن تعتمد هذه الوظائف على غير الكويتيين، وتستطيع الحكومة، باعتبارها العميل الأساسي لهذه الجامعات من خلال البعثات الداخلية، أن تلزمها بنسبة عالية من التكويت، وإلا يتم استثناؤها من البعثات الداخلية.علينا جميعاً أن نقف مع الشباب، فهم طاقة الأمة ومستقبلها، وعلى الحكومة أن تضع دائماً نصب أعينها إفساح المجال لهم، ليمارسوا دورهم لاكتساب المهارات ومراكمتها، بما يحقق الاكتفاء الذاتي، الذي يلبي حاجة المؤسسات الحكومية والخاصة مستقبلاً، وإلا ما معنى أن يكون لدينا مخرجات تعليمية ممتازة دون إعطائها الفرصة والاستفادة من طاقتها؟***"Catalyst" مادة حفّازة:مجتمع شبابي + متعلم ومبدع = استثمار مثالي
أخر كلام
حوار كيميائي: لماذا تحارب الدولة أبناءها الشباب؟
11-07-2021