السعودية وعُمان... قفزة بالتعاون الاقتصادي والتقارب السياسي
• الملك سلمان وولي عهده يستقبلان السلطان هيثم في نيوم لإطلاق مجلس تنسيق بين البلدين
• البوسعيدي: ندعم مبادرة الرياض في اليمن وسلوك إيران قابل للتغيير ولا تطبيع مع إسرائيل
يتوِّج سلطان عمان هيثم بن طارق، اليوم، أشهراً من التقارب مع السعودية، بزيارة هي الأولى له إلى الخارج منذ توليه الحكم. ومن المرتقب أن تشهد العلاقة السعودية-العمانية قفزة على صعيد التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي بعد الزيارة.
يبدأ سلطان عمان هيثم بن طارق اليوم زيارة رسمية الى السعودية، هي الأولى له إلى خارج البلاد منذ تسلمه مقاليد الحكم في يناير 2020، وتأتي تلبية لدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في خطوة تعكس التطور المتلاحق للعلاقات بين البلدين.ومن المقرر أن يلتقي السلطان هيثم الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، في مدينة "نيوم" على البحر الأحمر في أقصى شمال غرب المملكة، على أن تتضمن الزيارة توسيع الآفاق المشتركة بين البلدين في مختلف المجالات بما فيها الاقتصادية والسياسية. وبعد سنوات من الركود، عاودت العلاقات بين البلدين التطور بشكل متسارع بعد تولي السلطان هيثم مقاليد الحكم، وقد لعبت مسقط دوراً ملموساً في إتمام المصالحة الخليجية إلى جانب الكويت.
وشهدت الشهور الأخيرة تقارباً متنامياً في علاقة الرياض ومسقط، وتبادل مسؤولو البلدين رفيعو المستوى الزيارات، وأجروا مشاورات موسعة في عدد من المجالات المشتركة لتعزيز الشراكة الاقتصادية وتطوير العمل المشترك في وقت تشهد مسقط أزمة مالية أدت لاندلاع احتجاجات محدودة الشهر الماضي.وأعلنت الحكومة العُمانية قرب افتتاح الطريق البري الواصل بين البلدين بطول 800 كيلومتر، ومن شأنه تعزيز حركة النقل والتجارة، ومن ثم سينعكس إيجاباً على المستثمرين من الجانبين.كما طرحت الحكومة العُمانية على نظيرتها السعودية، منتصف الشهر الماضي، العديد من المشروعات المستقبلية ومجالات الاستثمار التي يمكن لرأس المال السعودي الدخول فيها في إطار مساعي السلطنة لتنويع مصادر دخلها وجذب الأموال الخارجية.وبداية الشهر الجاري، قدم عبدالله العنزي أوراق اعتماده للسلطان هيثم، سفيراً فوق العادة ومفوضاً من العاهل السعودي معتمداً لدى عُمان.
الاقتصاد ومجلس التنسيق
وكشف وزير خارجية عمان بدر البوسعيدي في مقابلة صحافية نشرت أمس، أن قمة "نيوم"، ستشهد إطلاق مجلس التنسيق العماني ــ السعودي، معتبراً أن "هذا المجلس سيمثل إطاراً لكثير من الاتفاقيات التي من المزمع توقيعها بين البلدين".وأمل أن تشهد العلاقات بين السعودية وسلطنة عمان قفزة في المستقبل القريب بمجالات التعاون والشراكة، «خصوصاً في ضوء الافتتاح التاريخي المرتقب لأول منفذ حدودي بري مباشر بين البلدين، وما قد يتبع ذلك من مشاريع لوجستية وبنى أساسية تكاملية واعدة».وتوقع المحلل العُماني عوض باقوير إلى احتمال توقيع اتفاق إقامة منطقة صناعية سعودية في السلطنة. وسبق أن قال السفير العُماني لدى الرياض فيصل بن تركي آل سعيد، إنه "من المتوقع أن نشهد في القريب العاجل توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين، ونتطلع إلى أن يكون القطاع الخاص في البلدين مكوناً رئيسياً فيها".ولفت بن تركي في تصريح لوكالة "واس" السعودية إلى "عمق العلاقات الثنائية والتوافق بين رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040 في كثير من القواسم، التي تسهم في تعزيز التطلعات والتعاون في العديد من المجالات والبرامج". وقال الكاتب والمحلل الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري، إن الزيارة لها دلالة وأهمية كبيرة على المستوى الاقتصادي. وأوضح الجبيري، أن "العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشهد آفاقاً جديدة، تُعزّزها الرؤى الاستراتيجية المشتركة، التي تهدف الى رفع مستوى البرامج الاقتصادية المشتركة، في مختلف المجالات، ومنها أهداف التنمية المستدامة والاستثمارات البينية".وأضاف أنها ستمكن كذلك مُنشآت القطاع الخاص وقطاعات الأعمال، للقيام بدور مُهم ومحوري في رفع معدلات النمو الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين، وكذلك إطلاق عدد من المبادرات والفرص الاستثمارية المشتركة.تقارب بالسياسة الخارجية
سياسياً، تأتي الزيارة في وقت تشهد محاولات وقف حرب اليمن زخماً دولياً، ووصلت الى مرحلة حاسمة مفاوضات فيينا حول إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي أدت مسقط دوراً أساسياً في التوصل إليه في عام 2015، وكذلك تأتي بعد مفاوضات سعودية ـــ إيرانية يقول متابعون، إنها حققت تقدماً. وكانت تقارير أشارت إلى أن المفاوضات بين الرياض وطهران انتقلت من بغداد إلى مسقط. ووسط المخاوف التي تخيم على الوضع بعد وصول إبراهيم رئيسي، المحسوب على المحافظين، إلى رئاسة إيران، فإن زيارة سلطان عُمان للمملكة قد تفتح أبواباً جديدة لتقليل هذه المخاوف، وربما تقدم رؤى على أعلى مستوى لحلحلة الخلافات ولو جزئياً.وستركز المحادثات السعودية ـ العمانية، بحسب مصادر دبلوماسية، على تطورات الوضع اليمني في إطار مساعي عُمان لإنهاء القتال المستمر منذ أكثر من سبع سنوات، وإطلاق حوار مباشر بين الأطراف، تمهيداً لإنهاء الوضع الإنساني المتردي. وكثفت مسقط، خلال الأشهر الماضية، جهودها المتمثلة في تنسيق لقاءات على مستوى منخفض بين التحالف العربي والحوثيين، إضافة إلى تنظيم سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين دوليين وغربيين والوفد الحوثي. وتحظى عُمان بعلاقات جيدة سواء مع الإيرانيين أو الحوثيين فضلاً عن علاقات قوية مع الرياض؛ وهو ما يمكنها من إحداث خرق في عدد من الملفات الصعبة.كما ستتناول نتائج مفاوضات الملف النووي الإيراني، ودفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي.وأكد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، في مقابلة صحافية نشرت أمس، أن «السعودية وسلطنة عمان تنسقان بشكل مكثف في كثير من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية اليمنية».وشدد البوسعيدي على «دعم بلاده لمبادرة المملكة العربية السعودية لوقف إطلاق النار في اليمن»، نافياً وجود مبادرة عمانية لحل الأزمة اليمنية، «إنما مساعٍ عمانية للتوفيق بين جميع الأطراف».وحول توقعاته بتغير السلوك الإيراني في المنطقة بعد انتخاب الرئيس، إبراهيم رئيسي، قال البوسعيدي: «كل سلوك قابل للتغيير والتطور إذا توفرت القناعات والإرادة السياسية لذلك بصورة جماعية ومتبادلة وعبر الحوار والتفاهم»، نافياً قيام بلاده بمبادرة لتنظيم حوار إقليمي مع طهران.وأكد الوزير العُماني أن بلاده لن تكون ثالث دولة خليجية تطبّع مع إسرائيل ، مشيراً إلى دعم بلاده عودة سورية إلى الجامعة العربية.