يختار المولدافيون نوابهم اليوم في انتخابات مبكرة دعت إليها الرئيسة الجديدة مايا ساندو، القريبة من الأوروبيين، رغبةً منها في تعزيز موقعها بمواجهة منافسيها الدائرين في فلك موسكو.

وكانت ساندو قد اعتلت سدّة الرئاسة نهاية عام 2020 خلفاً لإيغور دودون المقرّب من جهته إلى موسكو، متعهدة بالتصدي للفساد المستشري في هذه الدولة الصغيرة المحصورة بين أوكرانيا ورومانيا، والتي تهزّها أزمات سياسية متوالية منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي عام 1991.

Ad

إلا أنّ مساعي الخبيرة الاقتصادية سابقاً في البنك الدولي (48 عاماً)، تعرقلها سيطرة حزب إيغور دودون على البرلمان.

وفي ختام مواجهة طالت مع النواب، نجحت ساندو خلال أبريل في حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.

وقالت الخميس: "أمامكم فرصة للتخلص من السارقين وانتخاب حكومة ملائمة"، مناشدة المواطنين المشاركة، وقد أثارت كلمتها حماسة طيف واسع من المولدافيين الذين أرهقهم الفساد.

في العاصمة كيشيناو، تجاهر الطبيبة الخمسينية، آلا فالينغا، بأنّها ستقترع لمصلحة حزب الرئيسة "العمل والتضامن" (يمين وسط)، الذي يرتقب تصدّره الاستحقاق.

وتقول لـ "فرانس برس": "إنّها الفرصة الأخيرة لهذا البلد" من أجل "التغلب على الفساد"، عبر "تقرّبنا من أوروبا".

ويوضح الخبير في الشؤون المولدافية بمركز دراسات "المنظور الأوكراني" في كييف، سيرغي غيراسيمتشوك أنّ "ساندو في حاجة إلى غالبية" من أجل "تنفيذ الإصلاحات الموعودة على صعيدَي مكافحة الفساد والاندماج مع أوروبا".

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن "العمل والتضامن" يحظى بنسبة تتراوح بين 35 و37 بالمئة من نوايا التصويت، في مقابل ما بين 21 و25 بالمئة لمؤيدي روسيا المنضوين في كتلة انتخابية تضم شيوعيين واشتراكيين بقيادة دودون والرئيس الأسبق فلاديمير فورونين.

وينحصر نطاق هذه الإحصاءات في الداخل المولدافي، في وقت يبدو أن الجالية المولدافية التي تعدّ أكثر من ثلث الناخبين ومنحت بغالبيتها دعماً قويا لساندو إبان الانتخابات الرئاسية، قد توفّر لها ما بين 10 و15 نقطة إضافية اليوم.

فقد "تحوّلت (رئيسة مولدافيا) إلى رمز للتغيير"، وفق الباحث في العلوم السياسية أليكسي تولوبر.

وأوضح أن "في مولدافيا حيث صار الفساد وسيلة للحياة لا جريمة، يتطلع الناس إلى أن تأخذ دولتهم أخيراً المسار المناسب بعد 30 عاماً من التآكل".

بيد أنّ هذه الحماسة لا تشمل الجميع. ففاديم، المتقاعد الستيني في كيشيناو، يعتبر أنّ "مولدافيا دولة سوفياتية، أوروبا غريبة علينا".

واتهمالرئيس السابق السلطات، الجمعة، بالتحضير لـ "إجراءات استفزازية" خلال الانتخابات.

كما لوّح بالتظاهر "لحماية نصره" الانتخابي، لكنّ تجمعاً مسانداً له حشد بضع مئات فقط في العاصمة أمس الأول.

وستكون أمام ساندو فرصة لتشكيل ائتلاف حكومي مع كتلة رجل الأعمال الشعبوي ريناتو أوساتي، المرشحة لدخول البرلمان، وذلك في حال أخفقت في تحقيق غالبية مطلقة.

ويجزم العديد من المحللين بأنّ اقتراع اليوم سيوجّه ضربة قوية لموسكو الراغبة في إبقاء مولدافيا ضمن دائرة نفوذها.

ويعرب غيراسيمتشوك عن قناعته بأنّ "الغالبية البرلمانية ستكون موالية لأوروبا، والتأثير الروسي سيضعف".

وعادة ما تتأرجح هذه الجمهورية السوفياتية السابقة ذات الـ 2.6 مليون نسمة، بين دعاة التقارب مع موسكو والآخرين الساعين إلى دخول الاتحاد الأوروبي، في ضوء النتائج المنبثقة عن الانتخابات.

وسبق لساندو أن استفزت "الكرملين" بدعوتها إلى مغادرة القوات الروسية ترانسدنيستري، المقاطعة الانفصالية الخارجة عن السيطرة المولدافية منذ نحو 30 عاماً، كما دعت إلى انتشار مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مكانهم.

ويتنافس 20 حزبا وكتلتان انتخابيتان على مئة ومقعد برلماني واحد لولاية من 4 سنوات. ويتطلب دخول البرلمان حيازة 5 و7 بالمئة من الأصوات على التوالي.