مجموعة العشرين وحتمية التحركك الآن لتطعيم العالَـم

نشر في 11-07-2021
آخر تحديث 11-07-2021 | 00:00
لا نزال غير آمنين إلى حد بعيد في كل مكان، والوفيات المؤكدة بكوفيد 19 حتى يومنا هذا، والتي بلغ عددها أربعة ملايين هي النتيجة المأساوية لفشل العالم في الاستجابة للجائحة بوضوح، وتعاون، وتعاطف.
 بروجيكت سنديكيت بعد اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في مدينة البندقية في التاسع والعاشر من يوليو، ينبغي لهم أن يتبنوا خطة لتحصين العالم ضد فيروس كورونا (كوفيد19)، ستكون كل الدول المنتجة للقاحات حاضرة: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصين، وروسيا، والهند. تنتج هذه الدول مجتمعة ما يكفي من الجرعات لإكمال عملية التحصين للعالم بأسره بحلول أوائل عام 2022، ومع ذلك، لا يزال العالم يفتقر إلى خطة لإنجاز هذه المهمة.

الواقع أن الجهد العالمي القائم لجلب تغطية اللقاحات إلى البلدان الفقيرة، والمعروف بمسمى "مرفق الوصول العالمي إلى لقاحات كوفيد19" (كوفاكس)، كان حتى الآن مُـقَـصِّـرا بدرجة كارثية في تحقيق الهدف المنشود، فقد استخدمت البلدان المنتجة للقاحات إنتاجها لتطعيم سكانها، وما زالت تحتفظ بعدة ملايين من الجرعات الفائضة، كما عقدت الشركات المنتجة للقاحات صفقات سرية مع الحكومات لبيع اللقاحات بشكل ثنائي وليس من خلال كوفاكس بتكلفة أقل.

إن العالَـم مبتلى بأنانية البلدان المنتجة للقاحات، وجشع الشركات، وانهيار الحوكمة التعاونية الأساسية بين مناطق العالم الرئيسية، ونحن نشك في أن خبراء من الحكومة الأميركية التقوا (ولو حتى عن طريق تطبيق زووم) مع نظرائهم في الصين وروسيا للتخطيط لحملة تلقيح عالمية. كانت الولايات المتحدة أكثر اهتماما بشحن اللقاحات إلى تايوان، على الأرجح لإحراج جمهورية الصين الشعبية، من اهتمامها بالعمل مع الصين لحماية العالم بأسره.

كان العلماء يدقون نواقيس الخطر محذرين من أن التأخير في تغطية اللقاحات قد يكون مدمرا للعالم أجمع، مع ظهور متحورات جديدة للفيروس قادرة على مراوغة اللقاحات الموجودة. وقد بدأ هذا الانفجار المفاجئ المشؤوم بالفعل، حيث تشير تقارير علماء إسرائيليين إلى أن فعالية لقاح فايزر-بيونتِك لا تتجاوز 64% ضد المتحور دلتا، مقارنة بفعاليته التي تصل إلى 95% ضد الفيروس الأصلي (وإن كانت أربع دراسات أخرى وجدت فعالية أعلى بشكل ملحوظ).

النبأ السار هنا هو أن تغطية اللقاحات على مستوى العالم مهمة ممكنة، فقد أصبحت مستويات الإنتاج العالمية الآن عالية بالقدر الكافي للوصول إلى مستوى التغطية الشاملة للسكان البالغين في كل البلدان في غضون بضعة أشهر، وما نحتاج إليه الآن هو خطط لمشاركة جرعات اللقاحات بين البلدان في مختلف أنحاء العالم، الغنية والفقيرة على حد سواء، بدعم من الخدمات اللوجستية والتمويل، ولا شيء من هذا بعيد المنال إذا بدأت بلدان مجموعة العشرين أخيرا التخطيط بجدية.

الحقيقة الصادمة هنا هي أننا لن نجد أرقاما رسمية منهجية وشاملة ومحدثة حول الإنتاج الشهري المتوقع من اللقاحات وفقا لكل شركة ودولة منتجة، وقد استندنا في تقديراتنا لإنتاج اللقاحات المحتمل في الأشهر المقبلة إلى الجرعات التي جرى تسليمها بالفعل وتصريحات كل شركة، بشكل أساسي في بيانات موجهة إلى المستثمرين لغرض التصريحات الصحافية. من هذا المنطلق، وضعنا جدولا زمنيا أوليا لتحقيق مستوى مرتفع من تغطية اللقاحات على مستوى العالم، ومن الواضح أن تقاعس مرفق كوفاكس، ومنظمة الصحة العالمية، ومجموعة العشرين، والبلدان المنتجة للقاحات، عن القيام بذات الشيء من المحتم أن يُـفضي إلى انهيار مأساوي للتعاون العالمي.

تشير تقديراتنا إلى التالي: سيبلغ متوسط الإنتاج الشهري من جانب كل الشركات المنتجة للقاحات كوفيد19 والتي تلقت قائمة الاستخدامات الطارئة من قِـبَـل منظمة الصحة العالمية والسلطات التنظيمية الوطنية، والتي يتم تسليمها على نطاق واسع خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2021، نحو مليار جرعة.

يبلغ عدد سكان العالم 7.8 مليارات نسمة، منهم 5.8 مليارات نسمة في سن 15 عاما أو أكثر، وإذا عَـرَّفنا التحصين الشامل على أنه تغطية بنسبة 80% من السكان البالغين (15 سنة فأكثر) في كل بلد، فلابد أن يستهدف العالم تحصين 4.6 مليارات فرد.

حتى الثلاثين من يونيو، حصل نحو 850 مليون شخص على التحصين الكامل، ونحو 950 مليون شخص آخرين حصلوا على الجرعة الأولى من اللقاح، ولتحقيق تغطية تطعيم البالغين بنسبة 80% على مستوى العالم، يستلزم الأمر توفير 6 مليارات جرعة.

فمع تقديم نحو مليار جرعة من اللقاح كل شهر وما يقرب من 6 مليارات جرعة مطلوبة، يمكننا تحقيق هدف التغطية الشاملة للقاح في غضون ستة أشهر تقريبا، أي بحلول أوائل عام 2022، وتعتمد الأرقام الدقيقة على المجموعة المحددة من اللقاحات، لكن هذا لن يتأتى إلا إذا توافرت خطة عالمية تتضمن جدولا زمنيا لتخصيص الجرعات في مختلف البلدان، وخطة لوجستية لنقل اللقاحات، وخطة تنفيذ داخل كل بلد، وخطة تمويل.

الوضع مُـلِـح بشكل خاص في إفريقيا، حيث جرى تحصين نحو 16 مليون شخص فقط، أو 2% فقط من السكان البالغين، بشكل كامل حتى الثلاثين من يونيو، وهذا معدل منخفض إلى حد لا يصدق مقارنة بمعدلات التطعيم الكامل لنحو 17% من السكان البالغين على مستوى العالم خارج إفريقيا، ومعدلات أعلى كثيرا في البلدان المنتجة للقاحات: 57% من السكان البالغين في الولايات المتحدة، و59% في المملكة المتحدة، و40% في الاتحاد الأوروبي، و15% في روسيا، و6% في الهند حتى الثلاثين من يونيو، و19% في الصين حتى العاشر من يونيو.

الحق أن المخاطر العالمية هائلة، فالآن يسجل المتحور دلتا ارتفاعا كبيرا عبر إفريقيا، وهو ما ينذر بكارثة هائلة ما لم تتسارع تغطية التحصين بشكل كبير، وقد أصدرت فرقة عمل إفريقيا التابعة للجنة لانسيت كوفيد19 نداء عاجلا لطلب 300 مليون جرعة لقاح لأجل إفريقيا.

علاوة على ذلك، قد تظهر قريبا متحورات جديدة تتمتع بقدرة أكبر على مراوغة اللقاحات المتاحة، وكانت حركة مناهضة اللقاحات العالمية وحملات التضليل من الأسباب التي حفزت التردد بشأن تعاطي اللقاح، وهذا يعني أنه حتى في حال توافر الجرعات، فإن الإقبال على تعاطيها يظل أقل كثيرا من مستوى التغطية الشاملة للبالغين.

باختصار، لا نزال غير آمنين إلى حد بعيد في كل مكان، والوفيات المؤكدة بكوفيد19 حتى يومنا هذا، والتي بلغ عددها أربعة ملايين (تشير أرقام الوفيات الزائدة إلى أن الوفيات الفعلية ربما تكون أعلى بعدة مرات) هي النتيجة المأساوية لفشل العالم في الاستجابة لجائحة كوفيد19 بوضوح، وتعاون، وتعاطف. ويظل تعهد مجموعة السبع الشهر الماضي بالتبرع بنحو 870 مليون جرعة، تكفي لتحصين نحو 435 مليون شخص بشكل كامل، بعيدا تماما عن تحقيق هدف الخطة العالمية.

من المحتم أن يعمل أعضاء مجموعة العشرين على توفير اللقاحات اللازمة، لأن صحة العالم تعتمد على ما يخرج من اجتماع المجموعة في مدينة البندقية.

* جيفري ساكس أستاذ في جامعة كولومبيا، ومدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، ورئيس شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة، وجوليانا بارتلز مساعِـدة خاصة لمدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا.

«بروجيكت سنديكيت، 2021» بالاتفاق مع «الجريدة»

جيفري ساكس وجوليانا بارتلز

back to top