واصل الدولار تلقي الدعم الأسبوع الماضي، وذلك في ظل استمرار ترقب المستثمرين لتوجهات السياسة النقدية، حيث ارتفع الدولار بنحو 2.5 بالمئة منذ الإعلان عن تحديث السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفدرالي أثناء انعقاد اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة في يونيو، الذي أعلن خلاله عن خطط رفع أسعار الفائدة في عام 2023.

كما أكد محضر اجتماع الأسبوع الماضي أن صانعي سياسة الاحتياطي الفدرالي بدأوا في مناقشة تقليص سياسات التيسير الكمّي تدريجياً. وكشف المحضر عن قناعة "العديد من المشاركين" أن الظروف اللازمة لتقليل مشتريات البنك المركزي من الأصول "ستتم تلبيتها إلى حدّ ما في وقت أبكر مما توقعوا".

Ad

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، وافقت اللجنة على بدء عملية التخطيط للخفض التدريجي للسياسات التيسيرية "في الاجتماعات القادمة" حتى تكون في وضع يمكّنها من التحرك بسرعة أكبر إذا لزم الأمر. ويهدف خيار التحرك بسرعة أكبر نحو تقليص التيسير الكمّي إلى المساعدة في تخفيف مخاطر الاتجاه الصعودي لتوقعات التضخم.

إلا أنّ حالة التفاؤل بدأت تتعرّض في الفترة الحالية للاختبار، نظرا لمخاطر تفشي سلالة دلتا المتحورة من فيروس كوفيد-19 وما لذلك من تداعيات قد تؤدي إلى تعطيل النشاط الاقتصادي مرة أخرى. وفي غضون ذلك بدأت المؤشرات الاقتصادية تعطي إشارات إلى تجاوز لمرحلة الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين التي كانت تقود الانتعاش العالمي في الفترة السابقة، وبدأ زخم النمو في التباطؤ.

وبدأ الاقتصاد الصيني يتباطأ بالفعل طوال النصف الأول من العام الحالي، في حين يبدو أن الربع الثاني قد يكون أفضل أداءً من حيث معدلات نمو الاقتصاد الأميركي. وفي ضوء تلك المخاوف، قد يكون لدى الاحتياطي الفدرالي بعض المساحة لتأجيل الخفض التدريجي للسياسات التيسيرية.

قطاع الخدمات الأميركي

كشفت أحدث قراءة صادرة عن مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات عن تباطؤ وتيرة الاقتصاد الأميركي، حيث أظهر المؤشر نمو أنشطة القطاع بوتيرة معتدلة في يونيو، وإن كان بمعدلات أقل من تلك المسجلة في مايو. وقد يعزى ذلك إلى القيود المفروضة على العمالة ونقص المواد الخام، مما أدى إلى استمرار تراكم العمل الذي لم يتم إنجازه بعد. وصرح معهد إدارة التوريدات بأن قراءة مؤشر النشاط غير الصناعي تراجعت إلى 60.1 الشهر الماضي مقابل 64.0 في مايو، والتي تعد أعلى قراءة في تاريخ المؤشر.

وارتفع مقياس المؤشر لطلبات العمل المتراكمة إلى 65.8 مقابل 61.1 في مايو، بينما انخفض مقياس التوظيف الخاص بقطاع الخدمات إلى 49.3 مقابل 55.3 في مايو. إلا أنه على الرغم من ذلك هناك تفاؤل حذر بأن نقص الأيدي العاملة قد بدأ في الانحسار.

سوق العمل الأميركي

نمت فرص العمل في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي جديد في مايو، بينما انخفضت معدلات التوظيف، في إشارة إلى أن الاقتصاد ما زال يعاني نقص العمالة بعد تخفيف القيود المرتبطة بالجائحة في كل أنحاء البلاد. إذ ارتفعت فرص العمل بمقدار 16 ألف وظيفة لتصل إلى 9.2 ملايين وظيفة في اليوم الأخير من شهر مايو.

إلا أن عدد الأميركيين الذين تقدّموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة ارتفع هامشياً الأسبوع الماضي، في حين تراجعت طلبات إعانة البطالة المستمرة. وارتفعت المطالبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية بمقدار 2000 طلب لتصل إلى 373 ألفا بعد تعديلها موسمياً، بينما انخفض عدد الأشخاص الذين استمروا في تلقي الإعانات بعد الفترة الأولية من المساعدات بمقدار 145 ألف طلب، ليصل هذا الرقم إلى 3.339 ملايين طلب.

وإجمالاً، تلقى 14.2 مليون شخص إعانات البطالة ضمن كل البرامج في أواخر يونيو مقابل 14.7 مليون طلب في وقت سابق من الشهر. وعلى الرغم من أن المطالبات لا تزال أعلى من نطاق 200-250 ألف طلب الذي يعد منسجماً مع أوضاع قوية لسوق العمل، فإن هذا المعدل شهد انخفضاً كبيراً، مقارنة بالرقم القياسي البالغ 6.149 ملايين طلب المسجل في أبريل 2020.

البنك المركزي الأوروبي

حدد البنك المركزي الأوروبي خلال الأسبوع الماضي مستوى جديدا لمعدل التضخم المستهدف، على أمل إعادة ضبط الاستراتيجية وتعزيز المصداقية. وحدد البنك معدل التضخم المستهدف عند مستوى 2 بالمئة على المدى المتوسط، متخلياً عن الصيغة السابقة "أقل من 2 بالمئة، ولكن قريباً منها"، مما تسبب في ترك انطباع يشير إلى قلق البنك المركزي بشأن نمو الأسعار لتتخطى المعدل المستهدف بدلاً من انخفاضها عن هذا المستوى.

وتتمثّل الرسالة المستمدة من هذا الإعلان في أن البنك المركزي الأوروبي سيتسامح مع تجاوز معدل التضخم هامشياً فوق نسبة 2 بالمئة. إلّا أن هذا الهدف متناسب، مما يعني أن الانحرافات السلبية والإيجابية لمعدل التضخم عن هذا المعدل المستهدف غير مرغوب فيها على حد سواء، وفقاً لتصريحات البنك المركزي الأوروبي.

إلا انه حرصاً منه على المصداقية، أقر البنك بأن تدني معدل التضخم عن المستويات المستهدفة على مدى فترات طويلة يتطلب تحفيزاً قوياً ومستمراً، مما قد يؤدي إلى "فترة انتقالية يكون فيها التضخم أعلى من الهدف بشكل معتدل".

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، في مؤتمر صحافي: "نعتقد أن مستوى 2 بالمئة المستهدف أكثر وضوحاً، وأبسط للتواصل، ويوفر توازناً جيداً".

ونعلم أن معدل 2 بالمئة لن يكون دائماً على الهدف، وقد يكون هناك بعض الانحراف المعتدل والمؤقت في أي اتجاه قريباً من نسبة 2 بالمئة. وهذا الأمر مقبول". إلا أن البنك المركزي الأوروبي لن يتّبع نهج الاحتياطي الفدرالي الأميركي بشأن متوسط معدل التضخم المستهدف، وسيكون أكثر صرامة في محاولة كبح جماح النمو الكبير للأسعار.

الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة

جاءت بيانات الناتج المحلي الإجمالي البريطاني لشهر مايو أضعف بكثير مما كان متوقعاً في السابق، إذ بلغت 0.8 بالمئة مقارنة بمستوى النمو المتوقع البالغ 2 بالمئة الذي تم تعديله في أبريل. ويهدد هذا الرقم التقديرات المطورة لبنك إنكلترا للوصول إلى معدل نمو بنسبة 5.5 بالمئة في الربع الثاني.

وفي الوقت الحالي، هناك فرصة ضئيلة للوصول إلى تقديرات بنك إنكلترا، حيث تراجعت كل من أنشطة التصنيع والبناء وتجارة الجملة والتجزئة بوتيرة معتدلة، مما أفسح المجال أمام قطاع الخدمات ليصبح المحرك الرئيسي للنمو. كما دعمت البيانات الوضع الحالي الذي يشير إلى أن توقّعات النمو العالمي في المستقبل ستكون أكثر تفاوتاً، مما يؤكد احتمالية أن يكون الانتعاش بعد الجائحة قد وصل إلى ذروته أو تجاوزها.

البنك الاحتياطي الأسترالي

أعلن البنك الاحتياطي الأسترالي الأسبوع الماضي أنه سيبدأ في تقليص برنامج التيسير الكمي تدريجياً اعتباراً من سبتمبر المقبل. ويخطط البنك لشراء 4 مليارات دولار أسترالي أسبوعياً من الأوراق المالية الطويلة الأجل حتى منتصف نوفمبر على الأقل، بعد انتهاء الجولة الحالية من التيسير الكمي في سبتمبر.

ويمثّل هذا التوجه تباطؤاً متواضعاً مقارنة بالوتيرة الأسبوعية الحالية البالغة 5 مليارات دولار أسترالي. وأشار "الاحتياطي الأسترالي" إلى أنه كان يستجيب لتعافي الاقتصاد بوتيرة أقوى من المتوقع فيما تحسّنت التوقعات من خلال تعديل قيمة الأصول التي يتم شراؤها اسبوعياً. وسيجري البنك مراجعة أخرى في نوفمبر المقبل، مما يتيح له فرصة الاستجابة لحالة الاقتصاد في ذلك الوقت.

وقابل التحديث المتشدد لسياسة التيسير الكمي جزئياً قيام البنك المركزي بإصدار قرار تيسيري يؤكد الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، حتى يصل معدل التضخم الفعلي ضمن النطاق المستهدف المتراوح بين 2 و3 بالمئة بصفة مستدامة، وهو الشرط الذي لا يتوقع تحقيقه قبل عام 2024. وتضع تلك التحديثات الاحتياطي الأسترالي ضمن البنوك المركزية لمجموعة الـ10 التي قد تتخلّف عن الركب عند رفع أسعار الفائدة في السنوات القادمة.

بنك الشعب الصيني

ستخفض الصين كمية السيولة النقدية التي يجب أن تحتفظ بها البنوك كاحتياطي إلزامي، وتطلق حوالي تريليون يوان (154.19 مليار دولار) من السيولة الطويلة الأجل لدعم الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كوفيد-19 الذي بدأ يفقد الزخم.

وقال بنك الشعب الصيني إنه سيخفض معدل متطلبات الاحتياطي لجميع البنوك بمقدار 50 نقطة أساس، اعتباراً من 15 الجاري. وسيساعد جزء من السيولة المحررة لدى المؤسسات المالية على سداد قروض تسهيلات الإقراض المتوسطة الأجل المستحقة وتخفيف ضغوط السيولة الناجمة عن مدفوعات الضرائب. كما ستنخفض نسبة متطلبات الاحتياطي للمؤسسات المالية الصينية إلى 8.9 بالمئة بعد الخفض.

«أوبك» لم تحسم موقفها

أدى فشل "أوبك" وحلفائها في التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة إمدادات النفط إلى دفع أسعار الخام إلى أعلى المستويات المسجلة في 3 سنوات يوم الثلاثاء الماضي. وتراجعت الأسعار منذ ذلك الحين، وسط مخاوف من انقسامات أعمق داخل الأوبك، مما قد يؤدي إلى زيادات عشوائية في الإنتاج من قبل الدول الأعضاء. ومن دون التوصل إلى اتفاق حتى الآن، يظل الخيار الافتراضي هو الإبقاء على الإنتاج دون تغيير، مما يعني أن سوق النفط سيكون أكثر إحكاماً في النصف الثاني من العام الحالي، في ظل زيادة الطلب.