صمت الهدوء *
![خولة مطر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/982_1671286347.jpg)
هناك هدوء تام أو هو صمت الهدوء وهو نادر جداً أو ربما هو ما يبحث عنه الكثيرون رغم أنه قد يكون بداخل كل إنسان، أو ربما هو الهدوء الذي يخلقه هو وحده ولا يعرفه أحد، ويمضي سني عمره يبحث عنه فيما هو الأقرب له بل هو يسكنه.تغير مفهوم الهدوء مع ازدياد حدة الضجيج حتى أصبح له درجات مختلفة كما هي مقاييس الضجيج، ألا يجب أن يكون هناك مقياس للهدوء أيضا حتى يكون هناك تعريف أكثر دقة ووضوحا ولا تختلط الأمور فينتهي البحث عنه إلى العدم أو القول إن الهدوء في القبر كما كان يقول أهلنا إن "الراحة في القبر"! وإن الباحث عنه كذلك الذي يقضي عمره يجري خلف وهم اسمه السعادة وراحة البال. هدوء البحر عند البعض ضجيج وهدوء الغابة عند الآخرين مخيف أو قاتل، وهدوءها يختلف عن هدوئه هو عندما يقول لها تعالي لنرحل صوب الهدوء هناك، وما هناك سوى كثير من الأصوات المتلاطمة أقوى من تلاطم موج ذاك الشاطئ، بل كل الشواطئ. بعضهم لديه عداء تاريخي مع الهدوء لأنه لا يعرفه أو لأن بعضهم قال له إنه يشبه تلك اللحظة التي يسقطونك في حفرة.. الخوف يبقى حاجزاً بين العارف والجاهل، بين من جرب ولم يجرب، بين من صادق وعاشر الشيء وآخر لم يقترب منه، حتى بين من ألف الهدوء حتى صادقه وتلاصق معه وآخرين يبقون في دائرة تجميل حديثهم بالتغزل به بين رشفة من فنجان قهوة وأخرى.بعضهم يقول إنه يبحث عن هدوء البال أو راحته، وآخرون يقولون إن لديهم هدوءاً مع نفسهم، وهناك هدوء حذر وهدوء ما قبل العاصفة وهدوء ما بعدها أيضا، بعضهم هدوءه يشبه البرود أو الفتور وهو كذلك في هدوء الأماكن فليست كلها هادئة بجمال بل أحيانا هادئة بلا لون ولا طعم.. نعم للهدوء ألوان ومذاقات مختلفة وأحيانا أصوات، ألا يقول الشاعر "عجبا أيها الليل.. يقولون عنك هادئ وفيك تصرخ كل القلوب".في الهدوء مساحة لبعض الصوت.. بعض الضوء وبعض الفرح.. للهدوء تنهيداته ومداعباته وكثير من صمته. * ينشر بالتزامن مع «الشروق» المصرية.