هجومان على القوات الأميركية في سورية
الجمهوريون يضغطون على بايدن للرد على حلفاء إيران... وفصائل عراقية تخلي مقارها
وسط ضغوط كبيرة على إدارة الرئيس جو بايدن لردع الميليشيات الموالية لإيران في العراق، تلقت القوات الأميركية في شرق سورية ضربتين صاروخيتين بفارق زمني قليل، في وقت سارعت فصائل إلى إخلاء مقرات لها في البلدين تحسباً لغارات محتملة.
في أحدث هجوم بسلسلة العمليات التصعيدية للميليشيات الموالية لإيران ضد القوات الأميركية، تعرّض، أمس، "حقل العمر" النفطي، الذي يضم أكبر قاعدة أميركية في سورية، لهجوم بالصواريخ، بعد وقت قصير من سقوط قذيفة على موقع يضم جنوداً أميركيين في حقل "كونيكو" للغاز في ريف دير الزور الشرقي.وقال المرصد السوري، إن الصواريخ أطلقت من مناطق في ريف مدينة الميادين بريف دير الزور غربي نهر الفرات، حيث تتمركز قوات موالية لإيران.وأكدت "قوات سورية الديمقراطية"(قسد)، المدعومة أميركياً، الهجوم مشيرة إلى عدم وقوع إصابات.
كما أكد مسؤول في "البنتاغون" تعرض القوات الأميركية في حقل كونيكو لهجوم "غير مباشر" لم يخلف أي إصابات أو أضرار.ومنذ الثلاثاء الماضي، صعّدت الفصائل المسلّحة هجماتها ضد المصالح الأميركية في العراق ونفّذت 5 هجمات عنيفة ومتواصلة، استهدفت مطار أربيل ومعسكر فيكتوريا قرب مطار بغداد الدولي، وقاعدة عين الأسد في الأنبار، وأخيراً السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء في بغداد في العراق إضافة إلى حقل العمر في سورية.
إخلاء مقرات
ومع تزايد الضغط على إدارة بايدن للرد، أخلت الميليشيات الإيرانية جزءاً كبيراً من عناصرها من معسكر "التليلة" بريف حمص الشرقي، وأوقفت التدريب فيه أو استقبال المتطوعين، بحسب شبكة "عين الفرات" السورية المعارضة، مرجعة السبب إلى أسباب أمنية تتعلق بتجنب غارات أميركية محتملة وتزايد هجمات تنظيم "داعش" المتزايدة.وشهد العراق تحركات مماثلة، وأكد مسؤول أمني أمس، أن عدة فصائل منها "عصائب أهل الحق" و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب حزب الله" و"منظمة بدر" و"كتائب الإمام علي" أخلت مواقع رئيسة لها في مناطق عدة تحسباً من ضربات أميركية وشيكة، مبيناً أنها اتخذت إجراءات جديدة ونقلت الكثير من الأسلحة والمعدات والأجهزة إلى مقرات بديلة لمراكزها في جرف الصخر شمال بابل والمحمودية والدورة جنوبي بغداد والطوز شرق صلاح الدين والخالص قرب بعقوبة مركز محافظة ديالى.وهذه المرة الأولى التي يجري التحدث فيها عن إخلاء مواقع قرب بغداد وبلدة جرف الصخر فضلاً عن مواقع في ديالى وصلاح الدين. والأسبوع الماضي، أجرت الميليشيات ذاتها عمليات إخلاء لمواقعها في المنطقة الحدودية السورية العراقية.الأعرجي وقآني
في الأثناء، كشفت مصادر مقربة من "الحشد الشعبي"، عن حراك واسع لمستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي مع عدد من قادة الفصائل بهدف التهدئة لحين عقد الجولة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد المقرّر أن تجرى نهاية الشهر الجاري في العاصمة الأميركية، مع تعهّد حكومة مصطفى الكاظمي بالعمل على سحب القوات الأميركية بشكل كامل.وبينما تتحدث وسائل إعلام أميركية عن تمرد لبعض الفصائل على دعوات إيران لها للتهدئة، كانت "الجريدة" علمت أن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري اللواء إسماعيل قآني منح الفصائل العراقية خلال زيارته الأخيرة لبغداد ضوءاً أخضر للفصائل للرد على أي هجوم تتعرض له من قبل القوات الأميركية. وقال محلل إيراني، إن التصعيد الحالي حاز مباركة إيرانية وأن المحاولات الأميركية للحديث عن تمرد على طهران، هو مجرد محاولة للالتفاف على الضغط. وفي تقرير نشرته الجمعة، قالت وكالة "أسوشييتد برس"، إن قادة ميليشيات بارزة رفضوا الانصياع لتوجيهات قآني عندما اجتمع معهم في بغداد وطالبهم بالتهدئة لحين انتهاء المحادثات النووية.ضغوط على بايدن
وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، فإن عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يضغطون على الرئيس جو بايدن للرد معتبرين أن سياسته غير كافية وليست فعالة، وانتقدوا سياسة "الحد الأدنى" في الرد وفشلها في ردع وكلاء إيران.ونقلت الصحيفة عن عضو لجنة القوات المسلحة جيم إينهوف أنه "لا يمكن التسامح مع استمرار هجوم ميليشيات إيران على الأميركيين في العراق ويجب على بايدن أن يقترح استراتيجية حقيقية لردعها وعدم تعريض حياتهم لخطر متزايد".وبحسب الصحيفة، فان لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ستوافق الأسبوع المقبل على مشروع قانون لإلغاء تفويضين لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق الصادر في 2002. وستستمع اللجنة إلى إيجاز من كبار مسؤولي الإدارة حول كيفية تأثير هذا الإلغاء على العمليات العسكرية الحالية، مع التركيز على النزاع المتصاعد مع الميليشيات المدعومة من ايران.ويجادل بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بأن إلغاء تصاريح حرب العراق لعامي 1991 و2002 من شأنه أن يوجه رسالة خطيرة للفصائل المدعومة من إيران والتي تواصل ضرب المواقع الأميركية في العراق. كما يعتبر الجمهوريون أن هذه الخطوة من شأنها تقييد القائد الأعلى للقوات المسلحة من دون ضرورة لذلك، على الرغم من أن تفويض عام 2002 كان يستهدف تحديداً إطاحة نظام صدام حسين، وتفويض عام 1991 عفا عليه الزمن فعلياً لأنه كان يتعلق بمرحلة حرب الخليج.مع ذلك يقول السيناتور الجمهوري تيد كروز، إنه سيقدم تعديلاً على إجراءات الإلغاء الأسبوع المقبل للمحافظة على قدرة الرئيس على مهاجمة إيران ووكلائها. وتشير "بوليتيكو" إلى أن الرد على الهجمات يعتبر أولوية قصوى بالنسبة للجمهوريين. ونقلت عن عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب مايك روجرز القول: "يجب توضيح أنه إذا تعرضت قواتنا للهجوم في أي جزء من العالم، فلن نرد فقط، بل سنرد بسرعة وبقوة".هدف إيراني
وربط المحلل السياسي السوري درويش خليفة التصعيد بمفاوضات فيينا النووية التي لم تحرز سوى تقدم طفيف قبل توقفها هذا الأسبوع وعرقلت الخلافات تحديد موعد استئناف الجولة السابعة حتى الآن متحدثاً عن "انقسام المفاوضات لسياسية في فيينا وعسكرية في العراق وسورية".في نفس السياق، قالت كارولين روز، كبيرة المحللين في معهد "نيو لاينز": "إيران تريد استخدام الهجمات بالوكالة كوسيلة للضغط في فيينا وتسعى أيضا إلى ضمان تخفيف العقوبات"، مؤكدة أن الهجمات المكثفة الأخيرة مرتبطة بتوجه إيران "لإضعاف الوجود الأميركي في الشرق الأوسط"، في إطار "استراتيجية لتوسيع نفوذها في بلاد الشام والبحر المتوسط".وأضافت روز: "طهران تنظر إلى الوجود العسكري الأميركي بالعراق وسورية على أنه تهديد مباشر لنفوذها، ويبدو أنها لمست بوادر انسحاب لواشنطن من العراق، فقامت بتكثيف هجماتها لتحقيق الانسحاب الكامل".ويؤكد الأبيض على هذه النقطة، قائلاً، إن "الجماعات المسلحة ستستمر بتكثيف هجماتها حتى تنسحب الولايات المتحدة من العراق، كما فعلت في أفغانستان"، إلا "إذا قررت واشنطن مواجهة هذه الميليشيات".