رفضت محكمة التمييز الإدارية برئاسة المستشار فؤاد الزويد الطعن المقام من سبعة مستشارين في بلدية الكويت للمطالبة بمساواتهم بالدرجات القانونية للعاملين في إدارة الفتوى والتشريع.وأكدت «التمييز» في حكم رفضها طلب المساواة أن قانون البلدية رقم 33 لسنة 2016 نصّ على المساواة في المزايا المالية إلا أنه لم ينص على المساواة من حيث الدرجات، ومنها درجة وكيل الإدارة، كما أن المشرع لم يقرر المساواة في الدرجات الوظيفية، وما أعوزه النص صراحة على ذلك، فضلاً عن الدور الملقى على عاتق كل جهة.
وقالت في حيثيات حكمها رداً على الطعن المقام، إن ثمة فرقاً بين التمييز غير الجائز الذي يخل بمبدأ المساواة والتصنيف أو التقسيم الجائز الذي تنطوي عليه بعض التشريعات التي تخص جماعة أو أفراداً أو فئة أو طائفة بحكم قانوني خاص أو معاملة خاصة استناداً إلى توافر صفة معينة في هذه الفئة أو وجود واقعة خاصة ومتميزة تربطها بالنتيجة التي يرتبها هذا الحكم برابطة منطقية يمكن الوقوف عليها وتحديدها.
القاعدة القانونية
وأضافت أنه بالتالي كلما كانت القاعدة التنظيمية مغايرة بين أوضاع أو مراكز أو أفراد لا تتحد واقعة فيما بينها، وكان تقدير تلك المغايرة قائماً على أسس موضوعية ومستهدفاً تحقيق أهداف مشروعة وكافلة وحدة القاعدة القانونية في شأن مراكز أو أوضاع متماثلة وكانت هذه القواعد في إطار السلطة التقديرية للجهة التي قررتها، ومن ثم فإن تلك المغايرة لا تخل بمبدأ المساواة بين الموظفين طالما التزمت بعدم الخروج على الإطار القانوني المرسوم لها وجاءت خالية من عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.ولفتت المحكمة إلى أن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية أن المساواة في جوهرها تعني التسوية في المعاملة بين المراكز القانونية المتماثلة، والمغايرة في المعاملة بين المراكز القانونية المختلفة، والتمييز المنهي عنه هو ذلك التمييز غير المبرر والذي تتنافر به المراكز القانونية التي تتحد خصائصها وتتوافق عناصرها بحيث تكون القاعدة القانونية التي تحكمها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو أن هذه القاعدة قاصرة بنطاقها عن استيعاب هذه المراكز.وأوضحت أن هناك فرقاً بين التمييز غير الجائز وبين التقسيم أو التصنيف الجائز والذي تنطوي عليه بعض التشريعات التي تخص جماعة أو أفراداً أو فئة أو طائفة بحكم قانون خاص أو معاملة خاصة، والتقسيم أو التصنيف الجائز هو الذي يرتب المعاملة أو الحكم القانوني الخاص بها على أساس توفر صفة معينة أو وجود واقعة خاصة ومتميزة تربطها بالنتيجة التي يرتبها هذا الحكم رابطة منطقية يمكن الوقوف عليها وتحديدها، وبالتالي فإنه كلما كانت القاعدة التنظيمية مغايرة بين أوضاع أو مراكز أو أفراد لا تتحد واقعاً فيما بينها، وكان تقدير تلك المغايرة قائماً على أسس موضوعية مستهدفة تحقيق أهداف مشروعة وكافلة وحدة القاعدة القانونية في شأن مراكز وأوضاع متماثلة، كانت هذه القواعد في إطار السلطة التقديرية للجهة التي قررتها بل متضمنة تمييزاً مبرراً لا ينال من مشروعيتها الدستورية.طرق التفسير
وقالت المحكمة: المقرر أنه إذا كانت عبارة النص واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو أن يقيدها أو يزيد عليها لما في ذلك من استحداث لحكم جديد مغاير المراد المشرع عن طريق التفسير والتأويل بما لا تحتمله عباراته الصريحة الواضحة، وأنه لا مجال للاجتهاد مع وضوح تلك العبارة أو البحث في حكمة التشريع ودواعيه إلا عند غموض النص أو وجود لبس في مفهوم عباراته إذاً الا عبرة بالدلالة مقابل التصريح وأن تفسير النص مشروط بألا يكون فيه خروج على عباراته أو تشويه لحقيقة معناه.وتابعت أنه «لما كان ذلك وكانت المادة 36 من القانون رقم 33 لسنة 2016 بشأن بلدية الكويت تنص على أن يكون للبلدية إدارة قانونية تتبع الوزير، تتولى مباشرة جميع القضايا والحضور عنها أمام جميع المحاكم وهيئات التحكيم وإبداء الرأي القانوني وإجراء التحقيقات، كما تتولى إعداد المشروعات والمراسيم واللوائح والأنظمة والقرارات المتصلة بنشاط البلدية وذلك مع مراعاة حكم المادة الثانية من المرسوم الأميري رقم (12) لسنة 1960 بقانون تنظيم إدارة الفتوى والتشريع. «ونصت المادة ۳۷ من ذات القانون على أن» يسري على القانونيين من شاغلي الوظائف الخاصة بالإدارة القانونية ما يسري على أعضاء إدارة الفتوى والتشريع بشأن المرتبات والبدلات والعلاوات والترقيات وسن التقاعد وكافة المزايا المالية والعينية»، وهو ذات ما نصت عليه الفقرة الثانية من القانون رقم 5/2005 في شأن بلدية الكويت - الملغي - وكانت وظائف ومرتبات أعضاء إدارة الفتوى والتشريع قد نظمت بالمرسوم رقم 32 لسنة 2007 - المعدل للجدول المرافق للمرسوم رقم 144/2003 والذي ورد به تسع درجات وظيفية على نحو:» محام ب، محام أ، نائب من الدرجة الثانية، نائب من الدرجة الأولى، مستشار مساعد، مستشار، وكيل إدارة ، نائب رئيس الإدارة، رئيس إدارة».انتفاء القرار
وقالت إن الحكم المطعون فيه - المؤيد لحكم أول درجة والمكمل لأسبابه، قد انتهى بقضائه إلى عدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري السلبي المطعون عليه، تأسيسا على أن المادة 33 من القانون رقم 5/2005م - الملغي - المقابلة للمادة 37 من القانون رقم 33/2016 في شأن بلدية الكويت قد نصت على أن: يسري على القانونيين من شاغلي الوظائف الخاصة بالبلدية ما يسري على أعضاء إدارة الفتوى والتشريع بشأن المرتبات والبدلات والعلاوات والترقيات وسن التقاعد وكافة المزايا المالية والعينية»، وأن هذا النص جاء صريحا جلي المعنى، باستحقاق أعضاء الإدارة القانونية بالبلدية من شاغلي الوظائف الخاصة بها لذات المرتبات والبدلات والعلاوات والترقيات وسن التقاعد وكافة المزايا المالية والعينية المقررة لنظرائهم من أعضاء إدارة الفتوى والتشريع، بما مفاده: أنه قد أوجب صرف ومنح تلك المميزات المالية و العينية لكل درجة وظيفية بالإدارة القانونية لبلدية الكويت بما عسى أن يقابلها من درجة وظيفية لدى إدارة الفتوى والتشريع وكذا سريان المدد البيئية اللازمة اللترقية، وسن التقاعد. دون أن يلزم بوجود ذات الدرجات بكل من الجهتين.وأفادت: إذ لو أراد المشرع ذلك لما أعوزه النص صراحة بوجوب سريان المساواة في الدرجات الوظيفية سواء في صلب المادة 37 سالفة البيان أو أي مادة أخرى أو بالإشارة إليها في المذكرة الإيضاحية للقانون وهو ما لم يحصل، بما مؤداه: احتفاظ كل جهة من الجهتين بدرجاتها الوظيفية ومسمياتها، وتفردها في عدد الدرجات وفقاً لحاجاتها، وذلك لاختلاف الدور الملقى على عاتق إدارة الفتوى والتشريع عن ذلك الملقى على عاتق الإدارة القانونية بالبلدية، وإن تطابقت طبيعة عمل الجهتين، لأن الأولى تمثل أغلب وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها العامة، بينما الأخيرة تمثل فقط بلدية الكويت بما لا يمكن معه التذرع بقاعدة المساواة الواردة بنص المادة 33 التي تقابلها المادة 37 سالفتا الذكر - بضرورة أن يتضمن جدول درجات ومرتبات الإدارة القانونية بالبلدية ذات الدرجات الواردة بجدول مرتبات أعضاء إدارة الفتوى والتشريع بما فيها وظيفة (وكيل إدارة) السابقة لدرجة مستشار والمطلوب إدراجها والترقية عليها أسوة بأعضاء الإدارة الأخيرة.تطابق العمل
وخلصت المحكمة إلى عدم وجود ثمة إلزام على مجلس الخدمة المدنية بتعديل جدول الدرجات الخاص بشاغلي الوظائف الخاصة بالإدارة القانونية ببلدية الكويت ليتطابق مع نظرائهم من أعضاء إدارة الفتوى والتشريع، وأن امتناعه عن ذلك لا يشكل قرارة سلبية يقبل الطعن عليه بالإلغاء، مما ينتفي معه القرار الإداري السلبي المطعون فيه، ورتب على ذلك قضاءه سالف الذكر، وهو من الحكم إعمال لصحيح حكم القانون؛ بما يكفي لحمل قضائه، ويضحي النعي عليه والذي يدور حول تعيبه في ذلك وارد على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.قرار مجلس الخدمة المدنية 5/2005
أشارت «التمييز» إلى أن مجلس الخدمة المدنية كان قد أصدر قراره رقم 3/2005 بشان تعديل جدول مرتبات الوظائف الخاص بالإدارة القانونية لبلدية الكويت المرافق لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 8/2002 فأورد به سبع درجات: محام ب، محام ، نائب من الدرجة - الثانية ، نائب من الدرجة الأولى، مستشار مساعد، مستشار، مدير الإدارة القانونية «ومفاد ذلك أن المشرع أنشأ إدارة قانونية بالبلدية، أسند إليها مباشرة جميع القضايا - سواء التي ترفع من البلدية أو عليها. وما يستتبعه ذلك من الحضور عنها أمام جميع المحاكم بسائر أنواعها ودرجاتها، وأيضاً أمام هيئات التحكيم، كما أسند إليها إبداء الرأي القانوني فيما يعرض على الإدارة من مسائل يقتضي أخذ الرأي فيها، إلى جانب إعداد مشروعات القوانين والمراسيم واللوائح والأنظمة والقرارات المتصلة بنشاط البلدية.وبينت أنه لما كانت هذه الاختصاصات تتقارب مع اختصاصات إدارة الفتوى والتشريع المنصوص عليها في المرسوم الأميري رقم 12 لسنة 1960 بقانون تنظيم إدارة الفتوى والتشريع، حدا ذلك بالمشرع إلى تقرير قاعدة المساواة بين أعضاء إدارة الفتوى والتشريع وبين القانونيين من شاغلي الوظائف الخاصة بالإدارة القانونية ببلدية الكويت في كافة المزايا المالية والعينية، ذلك أن المادة (37) من القانون رقم 33 السنة 2019 قد أوردت حصرأ حملة العناصر التي يتم المساواة فيها بين القانونين ببلدية الكويت وأعضاء إدارة الفتوي والتشريع وهي 1- المرتبات. 2- البدلات. 3- العلاوات. 4- الترقيات. 5- سن التقاعد. 6- كافة المزايا المالية. 7- كافة المزايا العينية، ولم يرد ذي تلك العناصر التماثل في تسلسل الدرجات أو مسمياتها أو اختصاصها أو مضمونها.وتابعت من ثم أن نطاق هذه المساواة يقتصر على ما يتمتع به شاغل الدرجة الوظيفية ببلدية الكويت مع نظيره من شاغلي ذات الدرجة إن وجدت بإدارة الفتوى والتشريع، دون أن يتسع ذلك أو يمتد نطاقه لوجوب تماثل الدرجات الواردة بجدول مرتبات الوظائف الخاصة بالإدارة القانونية ببلدية الكويت في تعدادها ومسمياتها ومع تلك الواردة ببلدية الكويت ، إذ لكل جهة منها نظامها ودورها ومسؤولياتها وبناءها الهيكلي والذي يختلف في جوهره ومضمون عن الأخرى، والقول بغير ذلك يعد افتئاتا على إدارة المشرع وتحميل النص بما لا يحتمل بالمخالفة للقواعد المقررة للتفسير.