في ختام زيارة تاريخية يتوقع أن تفتح آفاقاً أوسع للعلاقات بين البلدين الخليجيين، أكّدت السعودية وسلطنة عمان، في بيان مشترك صدر أمس، أهمية "التعاون والتعامل بشكلٍ جديٍ وفعّال مع الملف النووي الإيراني وتهديدات برنامج طهران الصاروخي بكل مكوناته وتداعياته، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، والتأكيد على مبادئ حُسن الجوار واحترام القرارات الأممية والشرعية الدولية وتجنيب المنطقة كل الأنشطة المزعزعة للاستقرار.

وشدد الطرفان، في ختام الزيارة التي بدأت أمس الأول، وتعد الأولى للسلطان منذ توليه السلطة في يناير 2020، على تطابق وجهات النظر بشأن مواصلة الجهود لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، قائم على "المبادرة الخليجية" وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، ومبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني.

Ad

ورحّب الجانبان بالتوقيع على مذكرة تفاهم بشأن تأسيس مجلس تنسيق سعودي - عُماني برئاسة وزيري خارجية البلدين لتعزيز علاقاتهما الثنائية في شتى المجالات.

تكامل اقتصادي

وفي مجال الاقتصاد، اتفق الطرفان على توجيه الجهات المعنية للإسراع في افتتاح الطريق البري المباشر والمنفذ الحدودي الذي سيُسهم في سلاسة تنقّل مواطني البلدين وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين البلدين.

وقال البيان المشترك، إن الجانبين أكدّا رفع وتيرة التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تحقّق طموحات الشعبين، وتساهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040.

كما شددا على تعزيز التعاون في مجالات البيئة والأمن الغذائي ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان، لما فيها من منفعة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.

ورحب الجانبان السعودي والعماني، بتعزيز التعاون حول تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أقرّته مجموعة العشرين كإطار متكامل وشامل لمعالجة التحديات المترتّبة على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وإدارتها من خلال التقنيات المتاحة.

واتفق الطرفان على توجيه الجهات المعنيّة للقيام بدراسة فرص الاستثمار المتبادل بينهما في التقنيات المتطورة والابتكار ومشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والصناعة، والمجال الصحي والصناعات الدوائية، والتطوير العقاري، والسياحة، والبتروكيماويات، والصناعات التحويلية، وسلاسل الإمداد والشراكة اللوجستية، وتقنية المعلومات والتقنية المالية.

كما رحّب الجانبان بمشاركة الشركات السعودية للاستثمار في المشروعات النوعية التي تسعى السلطنة لتحقيقها.

وأكدت المملكة والسلطنة أنهما تدعوان إلى استمرار التعاون بين "أوبك" والمنتجين الآخرين المتحالفين معها، لتحقيق الاستقرار والتوازن في سوق النفط.

لقاءات وزارية

وعُقدت لقاءات وزارية بين وزير الاستثمار السعودي ورئيس جهاز الاستثمار العماني، وبين وزيري النقل والاتصالات وتقنية المعلومات العماني ووزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، ولقاء ثالث بين وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني ووزير التجارة السعودي.

ووفقاً لوكالة الأنباء العُمانية، اتفق الجانبان على تشكيل فريق عمل مشترك بين جهاز الاستثمار العماني ونظيره بالمملكة، لعمل دراسات أوّلية وتمكين القطاع الخاص في البلدين والمشاريع التي سترسّخ التكامل الاقتصادي بينهما.

مغادرة ووداع

وغادر السلطان، أمس، المملكة بعد زيارة استمرت يومين، وكان في وداعه لدى مغادرته مطار خليج نيوم، وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وقبل مغادرته وجّه السلطان دعوة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لزيارة بلده الثاني سلطنة عُمان، فيما أعرب الملك سلمان عن تقديره وترحيبه بالدعوة.

وشكر سلطان عمان العاهل السعودي وولي عهده على ما لقيه والوفد المرافق من حُسن الاستقبال وكرم الضيافة.

وكان العاهل السعودي قد عقد، أمس الأول، جلسة مباحثات مع السلطان هيثم، بحضور ولي العهد في قصر خليج نيوم، تم خلالها استعراض آفاق التعاون المشترك وسُبل تطويره في مختلف المجالات.

كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن المسائل والقضايا التي تهمّ البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكّدا العمل على تنسيق مواقفهما بما يخدم مصالحهما ويدعم ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

ورأت وكالة بلومبرغ في زيارة السلطان هيثم الى المملكة، "إشارة الى تغيّر التحالفات في المنطقة، حيث تعمل الرياض على التواصل مع الدول الإقليمية ذات العلاقات الأعمق مع إيران"، وقالت إن الرياض عززت علاقاتها أخيرا بدول كانت تحتفظ بمسافة عنها، بسبب الاختلافات بشأن النهج تجاه إيران، مشيرة بهذا الخصوص الى قطر والعراق وسلطنة عمان.