واصلت حركة «طالبان» الأفغانية المتشددة هجومها على مناطق متعددة في أنحاء أفغانستان، بالتزامن مع الانسحاب الأميركي والأطلسي من هذا البلد، الذي اكتمل رمزياً أمس، بعد أن ذهبت قيادة القوات الأميركية في هذا البلد إلى «القيادة الوسطى» مع تسليم الجنرال سكوت ميلر مهامه.

وبعد سيطرتهم على معابر على حدود أفغانستان مع كل من طاجيكستان وإيران وتركمانستان، ما يؤمن لهم مداخيل مالية كبيرة، كثف مسلّحو «طالبان» تسلّلهم داخل العديد من عواصم الأقاليم، واطبقوا الحصار على مدينة غزنة، عاصمة إقليم يحمل الاسم نفسه، جنوب شرقي البلاد، في حين يواصلون الضغط للسيطرة على إقليم قندهار الجنوبي معقل الحركة التاريخي.

Ad

غزنة

وقال عضو مجلس إقليم غزنة، حسن رضائي، أمس، إن «الوضع في المدينة حرج. تستخدم «طالبان» منازل المدنيين مخابئ، وتطلق النار على قوات الأمن»، فيما كشف عضوا المجلس المحلي حميدالله سارواري وغلام سخي زابولي أن «طالبان» انتزعت السيطرة على منطقتين شرطيتين داخل المدينة التي تقع على الطريق الرئيسي بين كابول وقندهار.

من ناحية أخرى، تتواصل معارك كر وفر في قندهار، حيث هاجمت «طالبان» أجزاء من الإقليم مطلع الأسبوع، وحاولت تحرير معتقلين من السجن المركزي.

وأوضح حميدزي لالي، وهو عضو سابق في البرلمان ويقاتل «طالبان» في قندهار مع مسلحين، «يهاجم مسلحون من الحركة منذ 4 أيام مدينة قندهار من اتجاه الغرب».

وأضاف: «تقاتل قوات الأمن، بما في ذلك القوات الخاصة، طالبان وتحاول دفعهم للتراجع».

من ناحيته، قال فؤاد أمان الناطق باسم وزارة الدفاع، أمس، إن الوضع في قندهار «تحت السيطرة الكاملة لقوات الأمن الوطنية الأفغانية» التي نفذت عمليات جوية وبرية خلال الأيام القليلة الماضية.

وأوضح أمان أن القوات الأفغانية تمكنت من استعادة 5 مديريات من «طالبان» في 3 ولايات.

وقال مسؤولون إن قوات أمن، بدعم من ضربات جوية، صدّت هجوما شنه مقاتلو «طالبان» على وسط إقليم طخار الرئيسي في شمال البلاد على الحدود مع طاجيكستان.

في المقابل، أعلنت «طالبان» سيطرتها على 4 نقاط تفتيش بولاية باميان وسط البلاد، ومدينة يورا في ولاية غور بالغرب.

وأفاد عضوان في مجلس إقليم بدخشان، بأن «طالبان» سيطرت على منطقة شرطية جديدة في عاصمة الإقليم الواقع شمال شرقي البلاد. ولاتزال الحركة تسيطر على مواقع في قلعة نو عاصمة إقليم بادغيس غرب البلاد، وتمكن مسلحوها من اختراق المدينة قبل أسبوع.

تركيا

ورداً على عرض كانت تقدمت به تركيا أخيراً لتأمين مطار كابول، بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، طالبت «طالبان» تركيا بسحب قواتها من أفغانستان، مثل بقية الدول الأخرى الأعضاء في الناتو.

وقال الناطق باسم المكتب السياسي للحركة في الدوحة، سهيل شاهين: «باعتبارها عضوا في الناتو، يجب على تركيا سحب قواتها من على أساس اتفاق وقعناه مع الولايات المتحدة في 29 فبراير 2020».

وأضاف: «بما أن تركيا دولة مسلمة كبرى، فإن أفغانستان لديها علاقات تاريخية معها، ونأمل أن تكون لنا معها علاقة وثيقة وطيبة بعد تشكيل حكومة إسلامية جديدة في بلادنا في المستقبل».

وكان تقارير أشارت إلى أن تركيا ستسحب بالفعل قواتها مع القوات الأطلسية، لكنها ستعيد قوة عسكرية لتشغيل وحماية مطار كابول، وفق اتفاق تعقده مع الحكومة الأفغانية.

تنحي ميلر

إلى ذلك، سلم قائد القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان الجنرال، أوستن سكوت ميلر، مهامه أمس في مراسم أقيمت في كابول، إلى الجنرال كينيث ماكينزي قائد القيادة الأميركية الوسطى (سنتكوم) المتمركزة في فلوريدا بجنوب شرق الولايات المتحدة، والمسؤولة عن العمليات العسكرية الأميركية في 20 دولة في الشرق الأوسط وفي وسط وجنوب آسيا، من ضمنها أفغانستان.

وتوقع ماكينزي أن يواجه مسلحو «طالبان» مقاومة قوية في كابول، متوقعاً أن تتوجه الحركة للسيطرة على الأماكن الأقل مقاومة، وتفكر في تسوية سياسية مع المسؤولين الأفغان في حال فشلت في حسم المعركة عسكرياً,

وأضاف ماكينزي أن عواصم الأقاليم في خطر، مضيفا سنرى كيف سنغير ذلك في الاسابيع المقبلة.

من ناحيته، قال وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، إن الوجود الأميركي في أفغانستان وفر الأمن للصين عقدين، وحان الوقت ان تتحمل بكين المسؤولية، مضيفا أنه على القادة الأفغان العمل على توحيد شعبهم بدل بناء قصور جميلة في دول الشرق الأوسط واماكن أخرى.

وبينما قالت صحيفة «واشنطن بوست»، إن إدارة الرئيس جو بايدن لا تخطط لشن ضربات جوية ضد «طالبان» بعد إتمام الانسحاب رسميا، لكنها ستواصل غاراتها ضد «داعش» و«القاعدة»، انطلاقاً من قواعدها في الخليج.

جاء ذلك بينما عبّر مسؤولون غربيون ومسؤولو مساعدات عن مخاوفهم من سعي تنظيمي «داعش» و«القاعدة» إلى استغلال الفرصة لإعادة ترتيب أوراقهم، بما يهدد الأمن الإقليمي والعالمي، بحسب تقرير نشره موقع «إذاعة صوت أميركا».

ونقل التقرير عن مسؤول غربي في مكافحة الإرهاب توقعاته بأن يكون هناك اتفاق بين «طالبان» و«القاعدة» في المستقبل، يلتزم الأخير بموجبه بعدم التسبب في حرج لـ «طالبان» شرط السماح له باستمرار القيام بأعمال تجنيد وتدريب على الأراضي الأفغانية.

وقال التقرير إن «داعش» لم يعد مسيطراً على أراضٍ في أفغانستان، كما كان الحال سابقاً، إلا أنه يحاول وضع الأساس للعودة للحياة مجدداً، كما بدأ التطلع لما وراء الحدود الأفغانية، ويحاول وضع أقدامه في كل من كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.