يقدم الدبلوماسي المخضرم السفير عبدالله يعقوب بشارة في مؤلفه الجديد، عصارة تجارب امتدت إلى سبعة عشر عاماً (1964 – 1981)، حددها في قضايا وأحداث كانت خلاصة ما وفرته له الظروف على مدى ثلاثة عقود. مشاهدات أقرب إلى الذكريات، كانت حصيلة «قناعة حق التاريخ في تسجيل أحداثه» التي يعرفها ووقف عندها، ولمس ثمارها.
مشاهد سجلها بشارة من الذاكرة، أيام عاشها في وزارة الخارجية والأمم المتحدة، حيث حرص على تدوين ما يهم القراء، وما له علاقة بالكويت وحياتها ومصيرها. بأسلوبه الجامع، الذي يميزه، وهذا ما تقع عيناك عليه، سواء في مقالته الأسبوعية أو في الكتب التي أصدرها وباتت علامة فارقة وغنية بتاريخ الدبلوماسية الكويتية، يسرد «مسارات إنسان في مشاهد الزمان» ويطل من خلال ثلاث محطات، عاش فيها وعايشها وتعلم منها وأخذته إلى مواقع لم يكن يتوقع المرور فيها، أولها عمله مديراً لمكتب وزير الخارجية، والتي بدأت في يناير 1964 وانتهت في سبتمبر 1971، ثم دخل إلى مرحلة العولمة، حيث تم تعيينه مندوباً دائماً للكويت في الأمم المتحدة من عام 1971 إلى 1981، وخلال هذه الفترة شاهد الكثير، وتكلم أكثر، وتفتحت أمامه مسارات أوصلته إلى موكب الكبار وأصحاب القرار المؤثر في مصير البشرية، ولا سيما في الفترة من 1978 إلى 1979، ليدون تلك التجربة في كتاب صدر له في الثمانينيات تحت عنوان «عامان في مجلس الأمن». كانت تلك فترة خصبة شارك فيها بمداولات مجلس الأمن حول قرارات لها علاقة بالأمن العالمي والسلم السياسي والاستقرار الاجتماعي، وترسيخ مبدأ حسن الجوار، لكي لا تشتعل النار بين الجيران مثل تركيا واليونان وإسرائيل وسورية وغيرها.ثم جاءت المرحلة الثالثة في مجلس التعاون الخليجي (مايو 1981) وبترشيح من الكويت، وتم اختياره أول أمين عام للمجلس (1981 – 1993) حيث عاصر فيها اضطرابات عربية في حوض الشام وانقسامات عربية مع تحرك الرئيس أنور السادات خلال الفترة من 1978 إلى 1979 لاسترجاع الأراضي المصرية المحتلة. بعدها وقعت حرب العراق مع إيران (سبتمبر 1980) واستمرت ثماني سنوات، وتلاها الغزو العراقي لدولة الكويت وواجب التحرير والافتراق العربي التاريخي مع تصويت 12 دولة مع تحرير البلاد بكل وسيلة ممكنة، وتهاون تسع دول رفضت دعمها، ومنها انهار النظام العربي السياسي القديم وتعاظمت المشاعر الوطنية وتلاشت الجاذبية القومية، وتآكلت نبرة التضامن العربي وسعى مجلس التعاون إلى نظام عربي جديد، وتلك الأحداث سجلها في كتاب أسماه «بين الملوك والشيوخ والسلاطين». عبر الحلقات التالية، نستكمل بعض فصول كتابه الصادر حديثاً عن دار ذات السلاسل للنشر والتوزيع، تحت عنوان «مشاهدات عبدالله بشارة».في الحلقات التالية نستعرض بعض فصول الكتاب الصادر حديثا عن «دار ذات السلاسل للنشر والتوزيع»، نبدأ بالفصل الأول، الذي يتناول مشاهداته أثناء عمله في وزارة الخارجية.
العلاقات مع إيران في الستينيات
في 1968، زار أمير الكويت الشيخ صباح السالم طهران رسمياً، استكمالا لما بدأه في زيارات خليجية، وعربية، ودول الجوار، والدول الكبرى. وكان الشيخ صباح الأحمد الرجل الثاني في الوفد، وكنت مع المرحوم عيسى الحمد، الذي تولى الشؤون السياسية في الخارجية، من ضمن الوفد.وجدنا من الزيارة أن موضوع البحرين طرح بشكل إيجابي نحو الحل عبر آلية الأمم المتحدة، مع تصاعد في مبنى العلاقات الكويتية - الإيرانية، وكانت العلاقات الإيرانية مع الأنظمة القومية العروبية ليست على ما يرام، فيها تبادلية الشكوك في النوايا، وكان هم الكويت الوصول إلى تفاهم إقليمي بين جميع الدول المطلة على الخليج، بما فيها عمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت والعراق وإيران.لم يكن هذا الخط سهلا، فالعلاقات العراقية - الإيرانية منذ مذبحة الهاشميين 1958 تدهورت وحلت الشكوك والخصومات مكان التعايش، وكانت الكويت تراقب ما أصاب هذه العلاقات من عطب، لأن في إصلاحها مكسبا للكويت، كما بدأ الشاه يطالب بتنصيف شط العرب، بحيث يكون هذا التقسيم هو الخط الفاصل بين إيران والعراق في تحد لاتفاق 1937، الذي يعطي العراق حق السيادة على شط العرب كله. بدأت تظهر الحساسيات بين العراق وإيران، وكنا في الكويت نشعر بمتاعبها، وعدنا إلى الكويت ونحن أكثر معرفة بنوايا الشاه الحريص على سيادة الكويت وحمايتها من تهور إقليمي غير مستبعد، في ضوء تصاعد الفوضى بالعراق.في عام 1969، قام شاه إيران برد الزيارة للكويت، قادماً من المملكة العربية السعودية التي زارها رسميا قبل وصوله إلى الكويت. منذ زيارة سمو الشيخ صباح السالم لطهران 1966 وإلى عام 1969، شهد العراق تحولات بدأت تطفو تأثيراتها على السطح، لاسيما في منطقة شط العرب وظهرت انعكاساتها علينا، فقد أزاح حزب البعث صاحب الأيديولوجية القومية الشوفينية، الرئيس الواهن عبدالرحمن عارف في عام 1968، بتآمر مسؤول المخابرات عبدالرزاق النايف مع الحزب، وإبعاد الرئيس عارف إلى تركيا، وانحصر الحكم في يد البعث، مع بدء خطوات في الاحتراز من النوايا الإيرانية في شط العرب، وأبقى البعث على النايف رئيسا للوزراء يتحين الفرصة المناسبة، وما لبث البعث أن أبعد النايف إلى لندن، فقد انقلب البعث على عبدالرزاق نايف بعد أسبوعين من انقلابه على عبدالرحمن عارف، وتم إبعاده إلى لندن، وقد اغتيل من قبل المخابرات العراقية عام 1978. نجحت زيارة الشاه للكويت، وجدد الشاه دعمه لسيادة الكويت والحفاظ على هويتها المعتدلة، وكنت حاضرا في المفاوضات التفصيلية التي جرت بين الشيخ صباح ووزير خارجية إيران أرد شير زاهدي، الوزير المقرب من الشاه وزوج ابنته، وابن الجنرال زاهدي الذي كان له الدور الأكبر في إعادة الشاه إلى الحكم عام 1953 بعد ثورة مصدق. كان لهذا الوزير مكانة خاصة لدى الشاه، وكانت له مواقف إيجابية تجاه الكويت، كررها خلال هذه الزيارة، وكانت طباعه في الانفتاح وخفة الدم والتلقائية تشبه كثيرا طباع الشيخ صباح، ولهذا فقد ظهرت الكيمياء الشخصية بينهما بشكل إيجابي وقوي.العراق المضطرب
بدأ البعث في العراق يتجه لبناء تحصينات في شط العرب لمواجهة إيران، كان حسن البكر رئيساً ووزير دفاعه صالح مهدي عماش، وحردان التكريتي قائدا لسلاح الجو، وهذان الشخصان لهما علاقات شخصية مع الكويت، كما أشرت عندما قادا الوفد العراقي لزيارة الكويت في مايو 1963، ردا على زيارة الشيخ صباح الأحمد لبغداد للتهنئة بالثورة في أبريل 1963.لكن الوضع المتأزم بين بغداد وطهران بدأ يمتد تجاه الكويت، لأن التحصينات العراقية أخذت في التوسع جنوبا تجاه الكويت ابتعادا عن مواقع الشاه، ثم تصاعد حجم التوسع في اختراقات تجاوزت الخط الذي يحدد الحدود الجنوبية قرب منطقة «أم قصر».عشت التجربة المرة بين 1969 و1971، قبل ذهابي إلى الأمم المتحدة مندوباً دائماً للكويت، ففي الوقت الذي كانت فيه لجان ترسيم الحدود التي اتفق على تشكيلها الطرفان، تجتمع على فترات لبحث الترسيم كانت ضغوط العراق على الكويت تتحرك جنوباً تحت ذريعة حماية التربة العربية واستلهام الترابط العربي، ووحدة الأرض العربية وسلامتها والحفاظ عليها. ولا يحتاج البعثيون إلى من يمدهم بهذه التعبيرات، فلهم باعٌ طويل، ليس فقط في صياغتها، إنما في وحشية التظاهر بالدفاع عنها. كان السفير الكويتي في بغداد السيد محمد حمد الحمد يكتب كثيراً عن مساعي اللجان المشتركة، ويسجل عبثية حزب البعث في التعامل معها، ويشكك في النوايا، ويدرك الشيخ صباح هذا الواقع ملتزماً بالحوار وآدابه، ويعتمد على خزانة الصبر التي يحملها، فكان يتحمل فوق طاقته. حدثت تبدلات في الوزارة البعثية خلال تلك الفترة، وأُبعد حردان التكريتي إلى الخارج، وكان يتردد علينا كثيراً في الكويت، ليكون قريباً من أحمد حسن البكر في تبادلية الرسائل التي كان يتوهم التكريتي أنها ستعيده إلى منصب في بغداد.زرته في آخر زيارة له للكويت عام 1969، وكان ينزل في بيت الضيافة التابع لوزارة الدفاع الكويتية في المنصورية، وجلست معه فترة طويلة أستفسر عن الوضع، كانت ثقته في البكر كبيرة على أمل إنصافه، ولم تكن حساباته دقيقة، فقد كانت مخابرات البعث تلاحقه، ولم يأتِ على باله أنه في الكويت سيكون الصيد السهل.كانت زيارته المتكررة مؤذية لنا ومحرجة مع سلطات العراق، ولم تكن له شكوك حول تآمر البعث عليه، لذلك كانت علاقاته مع السفارة العراقية مفتوحة إلى حد أن السفير العراقي في الكويت مدحت جمعة، أحد كبار البعثيين، أخذه بسيارته من دار الضيافة إلى المستشفى الأميركي، لأنه طلب موعداً للكشف الصحي.وفي داخل المستشفى، كان هناك كمين الاغتيال في انتظاره، وعندما وصل فتح له الباب أحد القتلة، وأطلق النار عليه بالمسدس فسقط قتيلاً، بينما هرب القاتل إلى السفارة العراقية. كانت عملية مرتبة دون علمه، وأعتقد أن السفير مدحت جمعة، الذي ذهب فيما بعد، إلى تشيكوسلوفاكيا سفيراً للعراق فيها، على علم بالتفاصيل وشريكاً فيها. كنا في وضع يصعب علينا فهمه، وزير دفاع سابق ومن أقطاب الحزب يتراسل مع رئيس الجمهورية، وعلى أمل وصول الرد الإيجابي ليعود وزيراً أو مسؤولاً، لكنه عاد جثة حملته طائرة جاءت إلى الكويت، وما يزيد من ألم الحادث أننا تلقينا إشارة إلى أن وزير خارجية العراق آنذاك السيد عبدالكريم الشيخلي، أحد المقربين من صدام حسين دكتاتور العراق المتوحش، سيصل إلى الكويت عن طريق البر، ولم يكن الشيخ صباح سعيداً لتلك المفاجأة، لكنه رجل الأزمات لا يتحجج بالظروف ولا يهاب المواجهة.جاء الشيخلي إلى وزارة الخارجية الكويتية، في شارع السور، مساء اليوم التالي، واجتمع مع معالي الوزير، حيث وصل إلى الوزارة وسط حماية عراقية كثيفة ومتوترة، كأنها في معركة، كنت أدون الملاحظات، ولم تخن الذاكرة في استذكار ما قاله الوزير العراقي في ذلك الاجتماع، نفى بقوة دور الحكومة في الاغتيال، ونفى بأن القيادة العراقية نصبت له كميناً في الكويت، وظل يردد «بأننا لم نستدرجه وأنه جاء بمبادرة منه»، ولم يتطرق إلى الخلافات بين القيادة في بغداد والضحية، وظل يلوم القتيل على تحركاته التي سببت له هذا المصير. طلب الشيخ صباح بقوة من الشيخلي أن يبعد الحراس العراقيين الذين أتوا معه في سيارته، كان سلوكهم مستنكراً، فيه الاستخفاف بمقام الكويت، والتطاول على سيادتها.وخرج الوزير العراقي إلى دار السفارة ليرافقه في سيارته القتلة العراقيون إلى بغداد. صار هذا الحادث محفوراً في حياة الكويت، مؤشراً على النظرة اللئيمة التي يحلمها البعثيون للكويت، ولنظامها ولسيادتها. أستطيع القول بأن الشيخ صباح الأحمد أكثر الناس وعياً لمخاطر النظام العراقي، وأحرصهم على اتقاء شره، وأكثرهم عرضة لمناكفات ممثلي حزب البعث ووقاحتهم، ولكنه يتعامل مع مجموعة لا تتردد بتوظيف المواجهة الدموية مع غلاظة التعبير والتسلطية المفرداتية، وتحقير كل القيم التي تربينا عليها في احترام الانضباط الأخلاقي، وتقدير المقام الإنساني والتعامل بأجمل النوايا، وأنظف أسلوب مع البشر، ومع الدول ومؤسساتها. أصبحنا أصدقاء
ذهبت إلى نيويورك سفيراً للكويت في الأمم المتحدة في سبتمر 1971، وكان السفير العراقي في الأمم المتحدة الوزير البعثي السابق طالب شبيب، وهو مبعد عن الساحة العراقية، وبعد فترة تحول إلى مدير مكتب الجامعة العربية في نيويورك، ويأتي بعده عبدالكريم الشيخلي، الذي كان وزيراً للخارجية، ومقرباً من رئيس قيادة الثورة صدام حسين، لكنه أزيل من وزارة الخارجية، وحل مكانه وزير آخر توفيَ بعد فترة قصيرة، ثم جاء الوزير مرتضى سعيد الحديثي، الذي زار الكويت مرتين، الأولى عام 1972، والثانية في أعقاب حادثة الصامتة في مارس 1973، ووصف العلاقات بين العراق والكويت، ليست مسألة الحدود وترسيمها، إنما الكويت كلها قضية نزاع.المهم أننا أصبحنا أصدقاء مع عبدالكريم الشيخلي وزوجته بعد أن أصبح سفيراً في نيويورك، لكننا حرصنا على عدم فتح جروح الماضي، ولم يبقَ الشيخلي أكثر من سنتين، وتم اغتياله بطريقة متوحشة في بغداد عندما ذهب ليدفع فاتورة الكهرباء بعد أن قطعت المخابرات التيار عنه، ليكون صيداً سهلاً. بريطانيا والكويت في الستينيات
خلال عملي في مكتب الوزير سمو الشيخ صباح الأحمد في الفترة من 1964-1971، عاصرت عدداً من السفراء البريطانيين المعتمدين في الكويت، لكن هناك ثلاثة سفراء بريطانيين تابعوا أهم الأحداث التي مرت بها الكويت، ساهموا في تشخيص بعضها، وإعداد تقارير عنها مع بعض الملاحظات التي تتطلبها طبيعة التقرير. عُين السفير «جاكسون» سفيراً لبريطانيا في الكويت عام 1964، وانتهت مدته في أبريل 1967، وسبق له العمل في الكويت عام 1943، وقضى في منطقة الخليج 26 سنة، وشاهد تطورها الاقتصادي وتحدياتها الأمنية، وكان سخياً في ملاحظاته.وكانت ملاحظاته تعبر عن متابعة دور الكويت في منطقة الخليج، وحرصها على دفع الجميع نحو صيغة وحدوية تتناسب مع حجم التحديات التي كانت تتمثل - حسب ما يراها السفير- في النهج السياسي الناصري بشعارات راديكالية لم تعتدها المنطقة، وتأثيرها أيضاً على الدبلوماسية الكويتية، فقد كان شعوره بأن مساحة التعاون الدبلوماسي بين الكويت وبريطانيا تتميز بالاتساع دون تخوف، ويعزو ذلك إلى الحياد الجاد الذي تراعيه الكويت في العلاقات العربية، وأن هذا الحياد الجاد يوفر لها مصداقية كبيرة في منطقة الخليج، ولاسيما بعد وضع برنامج المساعدات الكويتية، وتأكيد وجودها الشامل في حواراتها مع قادة الإمارات، كما يثني السفير على دعم الكويت للعملة البريطانية (الاسترليني) والإشادة في العلاقات أمنياً ودفاعياً ومجالات الثقافة والتواصل الاجتماعي. كما تتقارب الكويت مع دبلوماسية بريطانيا في إبعاد التدخل الراديكالي العربي في شؤون منطقة الخليج، بسبب إدراكها للأهداف التي تنشدها الحركة الراديكالية، ومع اكتمال الشكل النهائي للخطوط التي تتبعها الكويت، هناك شعور داخلي كويتي مرتاح لعمق قواعد الاستقرار الاجتماعي والسياسي الداخلي يعززه دعم عالمي، ولاسيما من بريطانيا، والولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية، هكذا كانت تقاريره تحمل الإيجابيات عن الكويت. في عامي 1967، 1968، انشغلت الدبلوماسية الكويتية بمعالجة نتائج حرب 1967ـ وتأثيرها على المنطقة، مع ضياع الأمل وقسوة الهزيمة، تحركت الكويت بوضع أساس جديد لنظام مناسب يتعامل مع آثار الهزيمة، فدعت إلى اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول العربية، حيث عقد في 11 من يونيو 1967 في فندق شيراتون الكويت، بمداولات ليوم واحد، اتخذت فيه الدول العربية قرار التوجه إلى نيويورك للمشاركة في الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على مبادرة من الاتحاد السوفيتي، ووفرت الكويت طائرة خاصة نقلت الوزراء إلى أنقرة، عاصمة تركيا، ومنها تفرق الوزراء في طريقهم إلى نيويورك. ولادة «الاتحاد»
وكانت خطوة ذكية بقرار سريع ملائم لتلك اللحظات المؤلمة، فكانت المداولات في مؤتمر التوجه الجماعي، وتجاهل مواقف الماضي وإغلاق باب الخلافات، كانت خطوة تعويم موفقة اكتملت ضوابطها بقمّة الخرطوم في سبتمبر 1967، بالموقف العربي الموحد، مع الدعم تحمّلت أكثره المملكة العربية السعودية والكويت، كانت هناك مشكلة خلقتها دبلوماسية الهزيمة، وهي اتهام مصر بتدخّل بريطانيا والولايات المتحدة بمساعدة الطيران الإسرائيلي، الأمر الذي أثار الشارع العربي، وهزّ قواعد الهدوء في المدن العربية المختلفة. كانت ردّة الفعل الأميركية والبريطانية قوية في الاستياء، غاضبة من إفرازاتها، ومتخوفة من نتائجها، وقد كان الاتهام ضعيفاً بلا دليل، خاصة بعد الاستماع إلى شريط المحادثة الهاتفية بين ملك الأردن ورئيس مصر.