يرتفع منسوب الضغط الدولي على القوى السياسية اللبنانية، متخذاً أشكالاً ومضامين متعددة، خصوصاً على الصعيد السياسي، في سبيل تشكيل حكومة جديدة.

ويفترض أن يكون هذا الأسبوع مفصلياً فيما يتعلق بالقرار، الذي سيتخذه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لناحية المضي في محاولة تشكيل حكومة أو الاعتذار عن التكليف، على إيقاع حركة دولية متعددة الاتجاهات، بينها الاجتماع، الذي جرى أمس في بيروت، بين سفراء السعودية والولايات المتحدة وفرنسا، واجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي تطرق إلى الأزمة اللبنانية، وصولاً إلى زيارة مرتقبة للعاصمة اللبنانية من جانب الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، المستشار في قصر الإليزيه والمكلف بمتابعة الملف اللبناني.

Ad

وفيما يخص اجتماع السفراء الثلاثة، تؤكد المعلومات أن البحث تركّز على نقطتين أساسيتين: الأولى تتعلق بكيفية التعاون في سبيل تقديم مساعدات إنسانية ومعيشية وطبية للبنانيين، وإنجاح المؤتمر الدولي، الذي دعت إليه باريس في العشرين من الشهر الجاري لمساعدة لبنان، وسط محاولات بإقناع السعودية بالمشاركة وإعلان تقديم المساعدات.

أما النقطة الثانية، فتتعلق بما يمكن اجتراحه من حلول على خطّ تشكيل الحكومة، وهذا ما سيتقاطع مع زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي، الذي سيحاول الضغط على كل القوى السياسية، في سبيل تقديم تنازلات متبادلة لتشكيل الحكومة قبل حلول موعد الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت، في الرابع من أغسطس، وانطلاق المبادرة الفرنسية.

وفيما يخص الاجتماع الوزاري الأوروبي، الذي جرى أمس في بروكسل، فإن البحث تركز على ضرورة الضغط على اللبنانيين لتشكيل حكومة تحظى بموافقة دولية، وتكون قادرة على وضع الأسس الأولية للإصلاح، من خلال الاتفاق على خطة اقتصادية تتلاءم مع شروط صندوق النقد الدولي وتوحي الثقة للمجتمع الدولي، مع استمرار عدم التوافق الأوروبي بخصوص فرض عقوبات على سياسيين لبنانيين.

وبانتظار زيارة إلى القاهرة بعد غد، سيلتقي خلالها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وإطلالة تلفزيونية سيعرض فيها مجمل المسار الذي سلكه، ويضع النقاط على الحروف حول مسألة تعطيل مهمته، استمر الحريري في إسماع من يلتقيهم أنه ينوي الاعتذار، بسبب حالة القرف وعدم وجود أي بوادر للحل، مادام رئيس الجمهورية ميشال عون رافضاً للتعاون معه.

من جهته، لايزال رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض فكرة أن يعتذر الحريري ويغادر، إلا بعد أن يسمي بديله، في إطار اتفاق على تشكيلة حكومية مكتملة.

ويحاول بري إقناع الحريري بأن يقدم لعون، في الساعات المقبلة، تشكيلة حكومية «مرنة ومقبولة من مختلف الأطراف»، فإما أن يوافق عون عليها وبذلك تنتهي الأزمة، أو يطلب مهلة لدراستها وربما إدخال تعديلات عليها، وبذلك سيكون هناك مرحلة جديدة لكسب الوقت وجولة جديدة من المفاوضات والمشاورات.

أما في حال رفَضها عون فسيتحمل مسؤولية التعطيل، وإذا قرر الحريري الاعتذار حينها فسيلقي بالمسؤولية كاملة على رئاسة الجمهورية.

وفي الوفت نفسه، لا يزال رؤساء الحكومة السابقون على موقفهم الداعم للحريري والرافض للاعتذار. كما يرفض الرؤساء السابقون اقتراح بري بأن يسمي الحريري بديلاً، معتبرين أنه يعني تكريس أعراف جديدة لا علاقة لها بالدستور، وأنه بمثابة مكافأة أو مخرج لرئيس الجمهورية مقابل تعطيله التشكيل.

وعلمت «الجريدة» أن رؤساء الحكومة السابقون جددوا مواقفهم هذه في اجتماع عقدوه، أمس، بغياب الرئيس السابق نجيب ميقاتي الموجود خارج البلاد. كذلك كانت التطورات اللبنانية محل بحث على مائدة عشاء دعا إليه السفير المصري ياسر علوي، بحضور شخصيات سياسية مختلفة، وهنا تشير المعلومات إلى أن مصر لا تحبذ اعتذار الحريري، بل الاستمرار في مهمته والسعي إلى تشكيل حكومة، خصوصاً أن الاعتذار سيؤدي إلى تعميق الأزمة أكثر، ولن يكون هناك أفق لوجود أي حلّ أو توافق على بديل.

منير الربيع