عودة الابن الضال طالبان (1)... المخاوف والهواجس
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
كان من تداعيات زلزال عدوان 11 سبتمبر، أن انطلق المارد الأميركي غاضباً ناقماً ليزلزل العالم كله خاصة الأرض العربية والإسلامية التي أخرج خبثها تراكمات السنين من مواريث القمع والإقصاء والتعصب، وتوحد الشعب الأميركي خلف رئيسه كما لم يتوحد منذ كارثة (بيرل هاربر 1941) وفوضه في تعقب الجناة، فدك دولة طالبان وأسقط حكمها وحرر الأفغان، ثم عمد إلى القاعدة فشتّت شملها وشردها وتعقب زعيمها في كل مكان حتى تمت تصفيته، ولاحق فلولها قتلا في مخابئها وأسراً في أقفاص، وحملاً إلى معتقل غوانتنامو الرهيب، وتلك عاقبة الظالمين.طالبان ميليشيات دينية تعصبية منغلقة، تعادي كل مظاهر الحياة المعاصرة، تتبنى الإقصاء والتمييز سياسة ضد كل الأطياف الدينية والعرقية وتتخذ العنف أسلوباً في فرض مفهومها للشريعة على المجتمع الأفغاني بالقوة، عندما حكمت جماعة طالبان، كان أول عمل قامت به هو إصدار دستور دولة طالبان (مرسوم المحرمات)، تضمن هذا الدستور قائمة من المحرمات (الكبائر) التي يعاقب عليها الشخص إذا خالفها، منها: تحريم حلق اللحى، تحريم الشعر الطويل، تحريم الطبول والغناء والموسيقى والرقص، ومن ضبط يستمع إلى الموسيقى يجلد، وإذا ضبط شريط غناء في محل يغلق ويسجن صاحبه، وتحريم الكاميرا والتلفزيون والسينما والفضائيات والشطرنج وجميع وسائل التسلية والترفيه. أما نصيب المرأة من المحرمات فهو الأكبر، فرض الغطاء الأفغاني (البركة) عليها لتصبح شبحاً أسود لا تكاد ترى ولا يرى منها شيء، وتعاقب من لا تلتزم وزوجها بالسجن وتوضع علامة تشهير على بيتها، فرغت المؤسسات التعليمية من المدرسات، والمستشفيات من الطبيبات والممرضات، وأجبرن على ملازمة البيوت وترك أعمالهن، فكانت محنة المرأة الأفغانية كارثية، حتى التسول منعن منه لأنهن قد يكشفن باطن أكفهن للمتصدق!اليوم، بعد عشرين عاماً من وجود (الأميركيين) نعم فيه الأفغان بالسلام والاستقرار والأمان، قرروا سحب قواتهم إيذاناً بالرحيل ليتركوا الأفغان يواجهون مصيرهم المظلم مع طالبان، هناك نقد شديد لهذا القرار ولوم أشد، لكن هذا قرارهم وهم غير ملومين، فإذا كان الأفغان لم يتمكنوا من تطوير أوضاعهم للمواجهة بعد هذه المدة فإن أميركا لا تستطيع البقاء للأبد، كما أنها لا تستطيع مساعدة من لا يساعدون أنفسهم!* كاتب قطري د. عبدالحميد الأنصاري