صعدت أسعار النفط، أمس، لتعوّض معظم الخسائر، التي تكبدتها في اليوم السابق، إذ تلقى السوق الدعم نتيجة شح الإمدادات وتوقعات بمزيد من السحب من مخزونات الخام الأميركية، بيد أن المخاوف من انتشار سلالات "كوفيد 19" كبحت المكاسب.

وارتفع خام برنت تسليم سبتمبر 36 سنتاً أو ما يعادل 0.5 في المئة إلى 75.52 دولاراً للبرميل بعد أن خسرت 0.5 في المئة الاثنين.

Ad

وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 74.45 دولاراً للبرميل بزيادة 35 سنتاً أو ما يعادل 0.5 في المئة ، بعد أن هبط 0.6 في المئة في الجلسة السابقة.

من جانبه، ارتفع سعر برميل النفط الكويتي 51 سنتاً ليبلغ 74.81 دولاراً في تداولات، أمس الأول، مقابل 74.30 دولاراً في تداولات يوم الجمعة الماضي وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية. وقال توشيتاكا تازاوا المحلل لدى فوجيتومي للسمسرة: "التفاؤل بشأن شح الإمدادات وانخفاض مخزونات الخام الأميركية يقدمان الدعم".

وأضاف: "لكن المخاوف الآخذة في التنامي بشأن ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد 19 عالمياً والضبابية المحيطة بخطط الإنتاج الخاصة بـ"أوبك+" ستكبح المكاسب على الأرجح".

وكشف استطلاع مبدئي أجرته رويترز أمس الأول، أن من المتوقع أن تنخفض مخزونات الخام الأميركية للأسبوع الثامن على التوالي، بينما ستهبط أيضاً مخزونات البنزين.

وتتراجع مخزونات الخام على نحو مطرد عدة أسابيع، فيما هبطت المخزونات الأميركية لأدنى مستوى منذ فبراير 2020 في الأسبوع المنتهي في الثاني من يوليو.

وارتفعت واردات الصين من الخام في يونيو من مايو، بيد أنها انخفضت بشدة مقارنة مع مستواها قبل عام حين اشترت شركات التكرير نفطاً رخيصاً لإمداد السوق الذي يتعافى من فيروس كورونا.

وتجاهل المستثمرون تقريراً شهرياً بشأن أنشطة الحفر لوكالة الطاقة الدولية ذكر أن إنتاج النفط من سبعة تكوينات صخرية رئيسية من المتوقع أن يرتفع 42 ألف برميل يومياً في أغسطس إلى 7.907 ملايين برميل يومياً مقارنة مع زيادة 28 ألفاً في يوليو.

لكن التقارير من أنحاء العالم بشأن ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا تسبب في استمرار حالة الحذر بين المستثمرين.

في غضون ذلك، لم تحرز "أوبك+" تقدماً بشأن تسوية الخلافات بين السعودية والإمارات، التي منعت التوصل إلى اتفاق الأسبوع الماضي لزيادة إنتاج النفط، مما يجعل عقد اجتماع آخر هذا الأسبوع بشأن سياسة الإنتاج أقل احتمالاً وفقاً لمصادر في "أوبك+".

وقال الكرملين أمس الأول، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن لم يناقشا "أوبك+" أو أسعار النفط العالمية خلال مكالمة هاتفية استغرقت ساعة يوم الجمعة.

وتوقع بنك سيتي غروب أن يصل سعر النفط إلى مستويات 85 دولاراً للبرميل قريباً، في حال لم يرتفع إنتاج تحالف "أوبك+".

وتوقع تقرير للبنك ارتفاع الطلب العالمي على النفط بنحو مليون ونصف المليون برميل يومياً، خلال شهر يوليو الجاري، وأن يرتفع بمعدل أكثر خلال أغسطس ليتجاوز ما كان عليه في أغسطس 2019، قبل جائحة كورونا، مع نمو الطلب من الولايات المتحدة والصين ليتجاوز الطلب مستويات المعروض النفطي في الأسواق.

وتوقف الزخم الصعودي للنفط الأسبوع الماضي بعد الخروج من اجتماع "أوبك+" دون اتفاق بشأن مستويات الإنتاج.

وتكبد النفط الخام أول خسارة أسبوعية له منذ مايو - على الرغم من ارتفاعه نهاية الأسبوع - مع حالة الجمود التي تثير القلق من أن وحدة التحالف قد تنكسر وتؤدي إلى حرب أسعار. وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يستعيد التحالف المزيد من الإنتاج الذي تم تقليصه خلال الوباء. وارتفع النفط بأكثر من

50 في المئة هذا العام، إذ أدى طرح اللقاح في الاقتصادات الرئيسية مثل الولايات المتحدة إلى تسريع الانتعاش من الوباء.

لكن تقرير "سيتي" توقع تراجع الأسعار خلال العامين المقبلين، وسط الارتفاع المتوقع للإنتاج الأميركي بنحو 400 ألف برميل خلال العام المقبل، بالإضافة إلى ارتفاع إنتاج دول "أوبك+" وإيران.

وقالت وكالة الطاقة الدولية أمس، إن المحادثات المتعثرة بين كبار منتجي النفط بشأن ضخ المزيد من الإمدادات قد تفضي إلى حرب أسعار في الوقت الذي تسهم فيه اللقاحات للوقاية من كوفيد 19 في ارتفاع الطلب على الخام.

وسجل الطلب على النفط الشهر الماضي ارتفاعاً في وقت ساهم تسارع وتيرة التلقيح في تحقيق نشاط اقتصادي قوي، لكن مع ضخ دول "أوبك +" أقل من الكمية المطلوبة يتوقع أن تشهد الأسعار تقلبات إلى أن تتوصل المجموعة لاتفاق بشأن رفع الإنتاج، كما حذرت الوكالة.

وكان اجتماع لدول "أوبك +" مطلع الشهر انتهى من دون التوصل لاتفاق بشأن تخفيف قيود الإنتاج تدريجياً، التي كانت قد فرضت لوقف انهيار أسعار النفط في بداية الأزمة الوبائية مع تدهور الطلب.

لكن الطلب على النفط يسجل انتعاشا الآن، وقدرت الوكالة الدولية أنه ارتفع بنحو 3.2 ملايين برميل يومياً الشهر الماضي، أي أكثر من ثلث التراجع الإجمالي على الطلب العام الماضي. وتتوقع الوكالة أن يرتفع الطلب على النفط 3.3 ملايين برميل إضافي يومياً في الأشهر الثلاثة اعتباراً من يوليو.

وهذا أكثر من ضعفي الزيادة الموسمية المسجلة خلال الفترة نفسها من 2019، وهو ما اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة أنه نتيجة تخفيف القيود المفروضة لمكافحة الجائحة وتسارع وتيرة التلقيح.

وكان من المتوقع أن ترفع مجموعة "أوبك +" الإنتاج تدريجياً، لكن الأزمة تعني إبقاء الإنتاج عند مستوياته الحالية إلى حين التوصل لاتفاق.

وذكرت الوكالة في تقريرها الشهري الأخير "تفاعلت أسعار النفط بقوة مع أزمة "أوبك +" الأسبوع الماضي، أمام احتمال حصول نقص كبير في الإمدادات إذا لم يتم التوصل لاتفاق".

ويتم التداول بأسعار النفط في الأسواق العالمية عند 75 دولاراً للبرميل، ويرى بعض المحللين أن من الممكن أن تصل إلى 100 دولار.

لكن ثمة احتمالاً آخر، وهو أن ينهار اتفاق "أوبك +" برمته ويتخلى المنتجون عن حصص الإنتاج سعياً لتحقيق مكاسب في السوق ما من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الأسعار.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة "في الوقت نفسه يرخي احتمال حصول نزاع على حصص السوق، وإن كان ذلك بعيداً، بظلاله على الأسواق، كذلك احتمال أن تؤدي أسعار وقود مرتفعة إلى تضخم وإلحاق الضرر بانتعاش اقتصادي هش".

ويشعر المستثمرون بقلق من أن ارتفاع التضخم يمكن أن يجبر البنوك المركزية على رفع معدلات الفائدة المنخفضة جداً، بالتالي إزالة أحد أهم الدعائم الأساسية للانتعاش الاقتصادي.

وقالت الوكالة، إنه في غياب رفع الإنتاج من جانب دول "أوبك +"، يتوقع أن تتقلص سوق الخام، فيما تفرغ الكميات الإضافية المتراكمة خلال الوباء وتتراجع الكميات الاحتياطية دون المعدل طويل الأجل في الدول الصناعية. إضافة إلى ذلك، تتوقع الوكالة أكبر عملية سحب للمخزون خلال عقد على الأقل، خلال الربع الحالي في وقت تضخ "أوبك +" كمية تقل بمليوني برميل يومياً تقريباً عن طلب السوق. وستتوسع الفجوة إلى 3.2 ملايين برميل يومياً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام.

وحذرت الوكالة من أن "أسواق النفط ستبقى على الأرجح متقلبة حتى تتضح سياسات أوبك + المتعلقة بالإنتاج".

وألمحت أيضاً إلى أن ارتفاع الأسعار لن يكون على المدى البعيد في مصلحة منتجي النفط.

وجاء في التقرير "فيما قد تسرّع الأسعار عند هذه المستويات وتيرة اعتماد الكهرباء في قطاع النقل وتساهم في تسريع التحول في مجال الطاقة، فإنها قد تشكل عبئاً على الانتعاش الاقتصادي، وخصوصاً في دول ناشئة ونامية". وإذ تتوقع الوكالة، التي تقدم المشورة لدول مستهلكة للنفط، انتعاش الطلب على النفط بموازاة انتعاش الاقتصاد العالمي، فإنها لا تستبعد أن يواصل الوباء ضغوطه على السوق.

وأشار التقرير إلى أن "كوفيد 19 لا يزال يمثل تهديداً ملحوظاً لنمو الطلب على النفط على المدى القريب إلى المتوسط، وخصوصاً خارج منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي".

وساهمت الدول الناشئة من خارج منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، مثل الصين والهند، في الجزء الأكبر من نمو الاقتصاد العالمي قبل الجائحة.