«طالبان» تدعو سكان المدن للاستسلام وتهدد تركيا

فرنسا تحث مواطنيها على مغادرة أفغانستان... وواشنطن تتخوف من حرب بالوكالة

نشر في 14-07-2021
آخر تحديث 14-07-2021 | 00:03
عناصر من الوحدات الخاصة يشربون الماء بعد مواجهات عنيفة مع «طالبان» في قندهار أمس	 (رويترز)
عناصر من الوحدات الخاصة يشربون الماء بعد مواجهات عنيفة مع «طالبان» في قندهار أمس (رويترز)
هددت حركة «طالبان»، تركيا بالتعامل معها كمحتل بحال قررت الإبقاء على جنود أتراك لحماية وتشغيل مطار كابول، في حين بدا أن الحركة المتشددة تريد استعادة الاستراتيجية التي استخدمتها لدى استيلائها على السلطة في منتصف التسعينيات وهي محاصرة المدن وإرغام الزعماء التقليديين على التفاوض على استسلام.
دعت حركة طالبان، أمس، سكان المدن الأفغان إلى الاستسلام لتجنب المعارك داخلها، وحذرت تركيا من إبقاء قواتها في البلاد بعد إنجاز الانسحاب الأميركي الكامل.

وقال أمير خان متقي، وهو مسؤول كبير في الحركة في تغريدة نشرها ناطق باسم «طالبان»:»الآن ومع انتقال المعارك من الجبال والصحــــــارى إلى أبواب المدن لا يريد المجاهدون القتال داخل المدن من الأفضل أن يستخدم مواطنونا والعلماء كل القنوات للدخول في اتصال» مع طالبان بهدف «التوصل الى اتفاق منطقي لتجنيب تعرض مدنهم لأضرار».

وأمير خان متقي وزير الإعلام والثقافة السابق في نظام طالبان السابق (1996-2001) يدير «لجنة الدعوة والإرشاد» في الحركة، التي يتوجه إليها عسكريون أو رجال الشرطة ومسؤولون حكوميون وموظفون في القطاع العام أو مجرد مواطنين، إذا كانوا يريدون الانشقاق أو الاستسلام للمتمردين. وتابع في رسالة صوتية نشرها على «تويتر» ذبيح الله مجاهد الناطق باسم الحركة، أن طالبان «تؤكد لكل السكان أن أفغانستان ستكون وطنهم جميعاً وأنه لن يسعى أحد للانتقام».

بعد الاستيلاء في الشهرين الماضيين على مناطق ريفية واسعة خلال هجوم أطلقته مع بدء الانسحاب النهائي للقوات الأجنبية من البلاد في مطلع مايو، تطوق «طالبان» عدة عواصم ولايات.

لا يبدي الجيش الأفغاني الذي بات محروماً من الإسناد الجوي الأميركي المهم، مقاومة شديدة ولم يعد يسيطر سوى على المدن الكبرى ومحاور الطرق الرئيسية.

هذه الدعوة من «طالبان» تذكر بالاستراتيجية التي استخدمتها عند استيلائها على السلطة في منتصف التسعينيات: محاصرة المدن وإرغام الزعماء التقليديين على التفاوض على استسلام.

سقطت عدة مناطق في ولاية مجاورة لكابول في الآونة الأخيرة في أيدي «طالبان» مما أثار مخاوف من أن تهاجم قريباً العاصمة أو مطارها، الذي يشكل طريق الخروج الوحيد للرعايا الأجانب من المدينة.

وفي يوليو هاجمت «طالبان» للمرة الأولى منذ بدء هجومها الحالي عاصمة ولاية، قلعة نو (شمال غرب)، لكن وزارة الدفاع الأفغانية أعلنت أمس، أن القوات الأفغانية طهرت بالكامل المدينة، عاصمة ولاية بادغيس، بعد عدة أيام من المعارك.

لكن المتمردين سيطروا أيضاً على منطقتين في ولاية باميان (وسط) بعد «انسحاب تكتيكي» للقوات الأفغانية. وهذه الولاية تسكنها أقلية الهزارة الشيعية التي تعرضت لتجاوزات كثيرة من جانب طالبان خلال حكمها.

منذ سقوط نظامها، لم تتمكن حركة طالبان من دخول هذه الولاية حيث فجرت في مارس 2001 تمثالين عملاقين بوذيين مما أثار موجة تنديد عالمية.

في موازاة ذلك، قتل أربعة مدنيين وجرح خمسة آخرون في انفجار في العاصمة الأفغانية أمس، حسبما أعلنت الشرطة.

وبعد يوم من إعلانها القضاء على رئيس استخبارات «طالبان» قاري شاغاسي واثنين من مرافقيه في عملية أمنية بولاية لوغار شرق البلاد، أفادت وزارة الدفاع الأفغانية أمس، بمقتل قائد ميداني كبير في الحركة يدعى عزيز رحمن الملقب «بادشاه»، في غارة جوية في منطقة ألينغار بولاية لغمان شرق البلاد.

إلى ذلك، أظهر فيديو بثته شبكة CNN الإخبارية الأميركية عناصر من «طالبان» وهم يعدمون عدداً من القوات الخاصة الأفغانية رغم استسلامهم.

تركيا ومطار كابول

إلى ذلك، حذرت «طالبان» أمس بشدة تركيا من إبقاء قوات لحماية مطار كابول بعد انجاز انسحاب القوات الأجنبية المرتقب بحلول نهاية أغسطس المقبل.

وأعلنت الحركة، في بيان، أن «قرار القادة الأتراك ليس حكيماً، إنه انتهاك لسيادتنا ولوحدة وسلامة أراضينا وهو مخالف لمصالحنا الوطنية»، وذلك بعد أيام على إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن أنقرة وواشنطن اتفقتا على «سبل» ضمان أمن مطار كابول في المستقبل بعد انسحاب القوات الأجنبية.

وأضافت «نعتبر إبقاء قوات أجنبية في وطننا من أي دولة كان ومهما كانت الذريعة على أنه احتلال، والمحتلون سيعاملون على هذا الأساس».

وتابعت الحركة «إذا لم تعد السلطات التركية النظر في قرارها مواصلة احتلال بلادنا» فإن طالبان «ستقاومها كما قاومت 20 عاماً من احتلال» أجنبي.

ورداً على هذا التهديد، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس، إن بلاده «تنفّذ جميع أنشطتها في أفغانستان بما يتماشى مع مصالح الأفغان».

وأضاف أن القوات التركية موجودة في أفغانستان منذ 20 عاماً، واقتصر نشاطها على أعمال الصيانة والإصلاح والبناء، من دون تولي أي مهام قتالية، موضحاً أن تركيا تشغل مطار كابول منذ 6 سنوات.

وتفيد المعلومات بأن انقرة ستسحب جنودها بالفعل حسب الأجندة الأطلسية لكنها ستعيد قوة جديدة وقف اتفاق مع حكومة كابول.

وفي واشنطن، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن المناقشات بين حول حجم الدور الأمني لتركيا في حماية مطار كابول مستمرة.

الدوحة

سياسياً، أجرى المبعوث الأميركي للسلام في أفغانستان زلماي خليل زاد مفاوضات منفصلة في الدوحة مع وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن ووفد الحكومة الأفغانية، بينما أفادت معلومات قطرية بأن الرئيس السابق حميد كرزاي ورئيس لجنة المصالحة الأفغانية توجها إلى الدوحة للقاء وفد «طالبان».

إلى ذلك، برز تصريح للسفير الأميركي في كابول، روس ويلسون، قال فيه: «لا نريد حروباً بالوكالة في أفغانستان. نريد من الدول المجاورة لأفغانستان المساهمة باستقرارها».

وهناك مخاوف من أن تبادر دول جوار أفغانستان مثل إيران وباكستان وروسيا والصين إلى التدخل عبر قوات محلية لحماية نفسها من أي امتداد للعنف أو من تكرار سيناريو نمو المنظمات الارهابية برعاية أو غض الطرف من «طالبان».

إيران

وفي طهران، قال أمس، الناطق باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي: «نراقب التطورات الأمنية والسياسية والاقتصادية على الحدود مع أفغانستان واتخذنا الاستعدادات اللازمة لكل السيناريوهات». وأكد أن بلاده «تدين الحرب والعنف والصراع الداخلي في أفغانستان، ونسعى لتتمكن حكومة قوية تدعمها أصوات الشعب من تجاوز التحديات».

رفض روسي

في غضون ذلك وبينما أعلنت وزارة الخارجية الأوزبكية، أمس، إجلاء الدبلوماسيين الروس العاملين في القنصلية العامة في مدينة مزار الشريف إلى أوزبكستان، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي، أن واشنطن ترغب في إنشاء قواعد عسكرية جديدة لها في منطقة آسيا الوسطى بهدف مهاجمة أفغانستان مستقبلاً.

أضاف: «لا أعتقد أن ظهور قوات ومنشآت أميركية جديدة في آسيا الوسطى قد يصب في مصلحة الأمن في هذه المنطقة».

وفي مؤشر على خطوة الوضع الأمني، دعت فرنسا، أمس، جميع مواطنيها في أفغانستان إلى مغادرة هذا البلد، في خطوة سبقتها إليها الصين، بينما بدأت قنصليات عدة تغلق أبوابها في المدن الأفغانية.

الجيش الأفغاني لم يعد يبدي مقاومة شديدة بعد فقده الإسناد الجوي الأميركي
back to top