بانتظار الحلاق

"لنحلق رؤوسنا قبل أن يحلقها لنا الآخرون"، عبارة شهيرة وعقلانية لرئيس دولة خلت إدارته من العقل، هو الرئيس السابق لليمن علي عبدالله صالح، قال هذه العبارة مع أيام الربيع العربي، داعياً للإصلاح الذاتي قبل أن يفرض على دولنا من الخارج. لم يصلح علي عبدالله صالح الوضع في اليمن، وتحالف مع الحوثيين ولم يحلق رأسه، بل طارت رقبته من حلفائه، إلا أن حكمته تظل قائمة، والحديث هنا عن وضع دول الكارتل "الأوبك".

خلاف على حجم الإنتاج بين المملكة العربية السعودية، التي تريد المحافظة على سعر البرميل اليوم بالاستمرار في تحديد سقف الإنتاج لدول المنظمة، والإمارات العربية التي تريد زيادة حصتها من الإنتاج لتزيد مواردها المالية، وإذا لم يمكن هذا فهناك تهديد بخروج الإمارات من المنظمة، وهذا سيضعف كيان الكارتل النفطي، إن لم يقضِ عليه. أياً كانت نهاية الأمور بين الدول الأعضاء، فهناك تحذير من أن ارتفاع سعر البرميل هذه الأيام سيكون محدوداً في عمره، والدول المتقدمة تتسابق في العمل والبحث عن بدائل للنفط، وأن أيام العز والرفاهية لدول الخليج انتهت من غير رجعة، وعلى هذه الدول أن تشد الحزام للأيام الصعبة القادمة.

معظم دول المنطقة شرعت في الإصلاح الاقتصادي، ولم تنتظر الفأس حتى يقع على الرأس. أخبار المشاريع الاستثمارية الضخمة وروح الانفتاح في المملكة العربية السعودية تملأ كل يوم صفحات وسائل الإعلام، أيضاً في الإمارات التي سبقت دول المنطقة في خلق مصدر رديف لدخل النفط من السياحة وتسهيل الاستثمار الأجنبي بها، ومثلها سلطنة عمان والبحرين وقطر.

لم يبق غير "هذي الكويت صل على النبي" تراوح في مكانها وتؤجل مواجهة الواقع، الحكومة تلوم المجلس والمجلس يؤشر على حكومة البركة، والمكتوب على الجبين لازم تشوفه العين، وتظل السلطة على حالها تنتظر وتحلم بارتفاع سعر البرميل، محتارة كيف تخصص بعض المرافق وكيف تفتح البلد، مترددة حول ردود الفعل المحتملة على التخصيص والانفتاح، أو خيار إصلاح إدارة القطاع العام "الخارب من عرجه"، لتنتهي قمة العبقرية التنموية الكويتية بإضافة الروبيان بالبقصمات للبطاقة التموينية. بالتأكيد الكويت هي الدولة الوحيدة من دول المنطقة، التي تنتظر الآخرين كي يحلقوا لها شعرها الأبيض.

حسن العيسى