حققت حركة «طالبان» انتصاراً جديداً على حدود أفغانستان مع دول الجوار، بإعلان سيطرتها على معبر استراتيجي مع باكستان، فيما يبدو أنه مخطط تكتيكي للسيطرة على المعابر قبل مهاجمة المدن الكبيرة.وبذلك أصبحت «طالبان» تسيطر على ثالث معبر حدودي، بعد سيطرتها على معبر مع إيران وآخر مع طاجيكستان.
إلى ذلك، وبعد أيام قليلة من استيلائها على إقليم ناءٍ في ولاية تخار شمالي أفغانستان، أبلغت الحركةُ الإمامَ المحلي بقواعدها القاضية بوجوب إطالة اللحى وفرض الوصاية على المرأة.وقال المقيم في إقليم كلافغان، صفة الله (25 عاماً)، لـ«فرانس برس»، إنّ الرسالة «أوردت منع توجه النساء إلى السوق ما لم يرافقهن رجل، وكذلك حظر حلق اللحى على الرجال».وتابع أنّ التدخين صار محرّماً، في حين أكدت طالبان «التصدي بشدّة» لكلّ من ينتهك قواعدها.
وقبل إطاحة حكم طالبان عام 2001، على يد تحالف دولي قادته الولايات المتحدة، كانت الحركة تفرض فهمها المتشدد للشريعة الإسلامية، وحُظِرت الألعاب والموسيقى والصور والتلفزيون، وقطعت أيدي لصوص، وأعدِم القتلة في الأماكن العامة وقتِل المثليون.كما مُنعت النساء من العمل والخروج بدون مرافق، في حين حُظِر على الفتيات الذهاب إلى المدرسة، وتعرضت نساء اتهمن بارتكاب الزنا للجلد والرجم حتى الموت، واضطر الرجال إلى إرخاء اللحى وحضور الصلاة، وأجبِروا على ارتداء الملابس التقليدية، وإلا تعرضوا للضرب.يذكر أن بياناً نسب إلى حركة طالبان تمّ تداوله الأسبوع الحالي، في مواقع التواصل الاجتماعي، يأمر القرويين بتزويج بناتهم أو أراملهم لمقاتلي الحركة.وأعاد هذا النص ذكرى مراسيم وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي أثارت الرعب خلال حكم الحركة.ونفت «طالبان» الحريصة على إظهار صورة أكثر اعتدالاً، في وقت تُوسِّع نطاق سيطرتها وتقترب أكثر من الاستيلاء مجدداً على السلطة، إصدار البيان ووصفته بالدعاية.وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد «هذا اتهام لا أساس له»، مضيفاً «إنّها شائعات». لكن سكاناً في المناطق، التي أخضعتها طالبان في الآونة الأخيرة، أكدوا عودتها إلى الأساليب القديمة.وفي منطقة ياوان الواقعة ضمن ولاية بدخشان -وهي ولاية أخرى لم تطأها الحركة من قبل- جمع المتمردون السكان المحليين في مسجد عند وصولهم، وفرضوا على الفور بعض القواعد الصارمة.وقال نذير محمّد (32 عاما)، لفرانس برس، «يجب على الجميع ارتداء العمائم وإطالة اللحى»، مضيفاً أنّ «فتيات الصفوف الأعلى من الصف السادس (من سن 11 إلى 12 سنة)، تمّ منعهن من العودة إلى فصول الدراسة».وكررت «طالبان» في الماضي تعهداتها باحترام حقوق الإنسان، وحقوق المرأة على وجه الخصوص، طبقاً لمقتضيات «القيم الإسلامية»، في حال عودتها إلى السلطة. لكن ثمة طرقاً عديدة لتفسير وتأويل هذه المسائل في العالم المسلم. ولا تزال بعض المناطق الأفغانية محافظة جداً، حتى من دون سيطرة طالبان.وفي موقف هو الأكثر حدة من موسكو، التي زارها وفد من «طالبان» قبل أيام، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان، مدير قسم آسيا بوزارة الخارجية زامير كابولوف، أمس، إن «روسيا وكل المجتمع الدولي لن يقبلوا بإعادة تأسيس إمارة إسلامية في أفغانستان»، مشدّداً على أن أي محاولة من «طالبان» للإضرار بأمن حلفاء روسيا في منطقة آسيا الوسطى ستكون محفوفة بخسائر كبيرة للحركة.وفي حين أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بلاده ستتعامل مع طالبان، بشرط أن تحترم بعض المعايير الدولية، انتقد الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، أمس، الانسحاب الأميركي والأطلسي من أفغانستان، معتبراً أنه «خطأ».وقال الرئيس الأسبق، الذي أرسل القوات الأميركية إلى أفغانستان خريف 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر، إن النساء والفتيات، وكذلك المتعاونون الأفغان مع الجيوش الغربية «سيُتركون ليذبحوا من قبل هؤلاء الناس المتوحشين جداً، وهذا يحزنني».