بعد أسابيع من إعلانه أن رئيس الحكومة المقبل في العراق سيكون منتمياً الى تياره السياسي، أعلن رجل الدين الشيعي العراقي النافذ مقتدى الصدر، أمس، مقاطعته للانتخابات المبكرة المقررة في العراق في أكتوبر المقبل، محذّراً من تحوّل العراق لمصير سورية وأفغانستان.

وفي كلمة متلفزة، قال الصدر، الذي يتزعم «التيار الصدري»: «لن أشارك في انتخابات إنقاذاً للوطن الذي أحرقه الفاسدون، وأسحب دعمي لكل المنتمين للحكومتين الحالية والمقبلة، لأن الجميع إما قاصر أو مقصر، أو يتبجح بالفساد، والكل تحت طائلة الحساب».

Ad

وأضاف: «الفاسدون لم يرعوا ذمة ولا شرعاً ولا عقلاً أو أعرافا، ولا يريدون إلا المال والسلطة والسلاح»، دون ان يذكر من المقصود بهذا الاتهام.

ومضى الصدر، قائلاً: «ما يحدث مخطط شيطاني دولي لإذلال الشعب وتركيعه، وتكالب للجناة من الداخل والخارج»، مؤكداً أن «البلاء والفساد والظلم لم يعد بالمقدور محوها».

وعلى الفور، أعلن المئات من مرشحي التيار الصدري انسحابهم من خوض الانتخابات، وفي مقدمتهم النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، الذي أوضح في بيان مقتضب أن قراره جاء استجابة للصدر.

وجاء موقف الصدر في وقت تتصاعد الضغوط من قبل «حراك تشرين» الاحتجاجي لتأجيل الانتخابات، الذي يحذر ناشطوه من أن تنظيم الاقتراع في هذه الظروف ومن دون مراقبة دولية فاعلة سيجعلها تفتقر للنزاهة، وسيؤدي الى فوز الفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي عادت الى حمل السلاح في قلب المدن، كما صعدت خطابها المعادي للوجود الاميركي العسكري، وكذلك من هجماتها ضد القوات الأميركية.

كما جاء بعد انتقادات واسعة وجهت للصدر، بعد احتراق مستشفيين، علماً أن وزارة الصحة كانت تقع تحت سيطرة «الصدريين». وفي الحادثين، طلب الصدر بالتحقيق وانزال العقوبات بالمسؤولين وعدم اعطاء غطاء سياسي لأي مقصر، ورغم ذلك تعرض تياره لخسائر معنوية فادحة.

وقبل يومين هاجم رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فصائل موالية لإيران، دون أن يسميها، محملا اياها مسؤولية الهجمات على ابراج الكهرباء وحرائق المستشفيات، معتبرا ان هذه التحركات بالإضافة الى التصعيد ضد الاميركيين محاولة من هؤلاء لتسخين الشارع وتأليبه ضد الحكومة استعدادا لاستحقاق اكتوبر.

وكان الكاظمي قال انه لن يخوض الانتخابات، ويشير مقربون منه الى انه يؤيد التأجيل اذا لم تتحقق الشروط المطلوبة لإجراء اقتراع نزيه.

من ناحيته، قال قائد «كتائب الإمام علي»، شبل الزيدي، إن «الانسحاب من الانتخابات يكون في مفوضية الانتخابات لا في الإعلام ومواقع التواصل، إلا إذا كان المقصود فرض الفوضى واستخدام الشارع الذي يجرّنا الى ما لا تحمد عقباه».

تشكيك

وقوبل قرار الصدر بالتشكيك من قبل ناشطي «حراك تشرين»، الذين اعتبروا أنه مجرد مناورة صدرية سيعود رجل الدين النافذ الى التراجع عنها في وقت لاحق، إذا تبين له ان الانتخابات ستجرى بالفعل. وكتب أحدهم على وسائل التواصل «الصدر يقاطع... جواب نهائي؟».

وكان الصدر قرر مرات عدة اعتزال العمل السياسي، وحلّ فصيله المسلح «جيش المهدي»، ليعود ويتراجع في وقت لاحق.

الحوار الاستراتيجي

من جهة ثانية، بحث رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أمس، مع منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك والوفد المرافق له التحضيرات لجولة الحوار الاستراتيجي المقبلة وآليات انسحاب القوات الأميركية من العراق.

وإضافة للتنسيق والتعاون المشترك في مختلف المجالات، ناقش الكاظمي وماكغورك الأوضاع الإقليمية وحاجة المنطقة لتغليب لغة الحوار والتهدئة ودور العراق المتنامي في هذا المجال، فضلاً عن الانتقال لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي وتطوير العلاقة وتعزيز أمن العراق وسيادته، والتوسع في المجالات الاقتصادية والثقافية والتجارية والصحية.

وفي السابع من أبريل الماضي، نجحت الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي في التوصل لاتفاق يقضي بإنهاء وجود القوات الأميركية وحصر مهام الوحدات المتبقية منها على التدريب وتعزيز التعاون في مختلف المجالات.

وبينما أفاد مصدر أمني في محافظة الناصرية، أمس، بأن عبوة ناسفة استهدفت رتلاً للدعم اللوجستي للتحالف الدولي، أعلنت هيئة الحشد الشعبي صد هجوم لتنظيم «داعش» في محافظة كركوك والقبض على ثمانية عناصر بينهم معالجون طبيون.

تحركات إيرانية في سورية

كشف المرصد السوري أمس عن نقل ميليشيات الحرس الثوري الإيراني أسلحة وذخائر إلى منازل استولت عليها قبل أيام في مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، مؤكدا أنها عمدت مع فصائل الحشد الشعبي العراقي إلى إخراج عدد كبير من الصواريخ «إيرانية الصنع»، من داخل أقبية قلعة الرحبة الأثرية الواقعة في المدينة ذاتها.

ونقل موقع «العربية» عن المرصد أن قوات الحرس في منطقة غرب الفرات نقلت خلال الساعات الفائتة كمية من الأسلحة والذخائر من أماكن تخزينها في منطقة المزارع بأطراف الميادين، إلى منازل مأهولة بالسكان في منطقة شارع 16.

وحذر المرصد من هذه التحركات، التي أجبرت قاطني المنازل المجاورة على المغادرة، مشيرا إلى تخوف المدنيين من عملية الاستيلاء واتخاذ الميليشيات الإيرانية لهم كدروع بشرية.

وعلى وقع الضربات الأميركية، التي طالتها مع الحشد على الحدود العراقية، بدأت الميليشيات الموالية لإيران إعادة ترتيب صفوفها والانتشار مجددا شرقي سورية، وتحديدا بين منطقة الميادين والبوكمال.