كان السلطان تيمور بن فيصل بن تركي البوسعيد، يرحمه الله تعالى (1886/ 1965) حريصاً على تعليم ابنه الأكبر سعيد (الذي أصبح سلطانا بعد تنازل والده عام 1932) تعليماً يؤهله ويساعده في قيادة عمان في يوم من الأيام. لذلك، أدرك السلطان تيمور أن ابنه سعيد يجب أن يتقوى بالتعليم العربي، وأن يركّز على التاريخ العربي والدين الإسلامي، بدلاً من الدراسة باللغتين الإنكليزية والهندية.

كان ذلك عام 1926 عندما كان عمر سعيد 16 عاماً، كما ورد في وثائق الأرشيف البريطاني.

Ad

ففي المرجع رقم IOR/R/15/1/438 في الأرشيف المذكور، توجد عدة رسائل معظمها باللغة الإنكليزية تتناول رغبة السلطان تيمور في نقل ابنه سعيد من الهند، حيث كان يدرس في كلية مايو بمدينة أجمير، التي يرتادها أبناء الحكّام والملوك الهنود، إلى مدرسة أخرى عربية.

وفي إحدى الرسائل المؤرخة بتاريخ 30 مارس 1926، أبلغ الوكيل السياسي البريطاني في مسقط، الميجور باريت، حكومته أن السلطان تيمور زاره الليلة الماضية لمناقشة مستقبل تعليم ابنه سعيد الذي كان يدرس في كلية مايو منذ عام 1922.

تقول الرسالة "فيما ابدى السلطان تيمور تقديره الكبير للعناية والاهتمام الذي يتلقاه ابنه سعيد، الا انه يرى ان الوقت قد حان لنقله الى مدرسة عربية في دولة عربية".

ويوضح الميجور باريت في رسالته أن السلطان تيمور كان مدركاً أن المشرف الخاص على تعليم ابنه، وهو خان بهادور صادق حسن، لم يكن عربياً، وكان يتحدث العربية بلهجة أجنبية. ويؤكد المسؤول البريطاني "أن جلالة السلطان يأمل أن السيد سعيد سيتقلد يوماً ما الحكم، ويرى أنه من الخطأ الكبير أن يكون تعليمه هندياً بشكل كامل".

وقد ظل هذا الأمر موضوعاً للنقاش وتبادل الرسائل لفترة قصيرة، وكان موضوع النقاش هو هل من الضروري تعديل مسار تعليم سعيد بن تيمور، وأين يمكن إكمال تعليمه، هل ينقل إلى مصر، أم لبنان، أم العراق؟ وهي الدول العربية (الوحيدة ربما) التي يتوافر فيها تعليم قوي وعال ويناسب تعليم أبناء الحكام العرب.

وبعد عدة رسائل متبادلة، اتفق الوكيل السياسي البريطاني في مسقط مع وجهة نظر السلطان تيمور، وقال في رسالته "السيد سعيد، المولود في 13 أغسطس 1910، وصل الى عمر ينبغي فيه ان يتلقى تعليما خاصا باللغة والتاريخ والادب العربي أكثر من التعليم الذي يتلقاه حاليا في كلية مصممة اساسا لتعليم أبناء الحكّام الهنود. لذلك، فإنني أؤيد طلب جلالة السلطان".

ولا شك في أن اهتمام السلطان تيمور بتعديل مسار تعليم ابنه في الوقت المناسب قد أثر تأثيراً كبيراً في ثقافة سعيد الذي تقلّد منصب رئيس وزراء عمان بعد عدة سنوات، ثم خلف أباه في الحكم عام 1932. في المقال المقبل سنتحدث عن الكلية أو المدرسة التي التحق بها سعيد بن تيمور بعد تركه الهند وبعض التفاصيل الأخرى المرتبطة بذلك.

الصفحة الاولى من رسالة الميجور باريت عام 1926 بخصوص تعليم السلطان سعيد بن تيمور

باسم اللوغاني