على وقع المعارك الطاحنة بين الطرفين في جبهات عدة، اجتمع ممثلون عن الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في الدوحة، أمس، واتفقوا على تشكيل لجنة مكونة من 14 عضوا بالتساوي، لمناقشة أجندة المفاوضات التي تبحث «ملفات مصيرية».

وفي كلمة له في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات، قال رئيس لجنة المصالحة الأفغانية رئيس وفد الحكومة عبدالله عبدالله إن تحقيق السلام يتطلب مرونة من الطرفين، مشددا على أنه «لا حل عسكريا» للأزمة، وأن «الشعب الأفغاني هو الخاسر من محاولة طالبان الانتصار عسكريا».

Ad

من جانبه، ذكر رئيس المكتب السياسي لـ»طالبان» في الدوحة الملا عبدالغني بارادار أن حركته تملك القدرة للسيطرة على كل الأراضي الأفغانية لكنها تريد السلام، مشددا على أن «طالبان» لن تسمح بأي محاولة للنيل من وحدة الأراضي الأفغانية.

وبالتزامن مع جولة المحادثات الجديدة في الدوحة، احتدمت المعارك على الأرض، وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، أمس، أن قواتها استعادت السيطرة على عدة مناطق سقطت سابقا في قبضة مسلحي «طالبان».

في المقابل، أعلنت «طالبان» سيطرتها على كل مديرية دند في ولاية قندهار جنوب البلاد، كما قتل دانيش صديقي، الصحافي في وكالة رويترز، أمس الأول، أثناء تغطيته اشتباكا قرب الحدود مع باكستان.

باكستان

وبينما يحتدم القتال في الداخل الأفغاني، تتصاعد حرب كلامية بين إسلام أباد وكابول، التي تتهم الجيش الباكستاني بتقديم دعم جوي للمتمردين في بعض المناطق.

في هذا السياق، أعلن النائب الأول للرئيس الأفغاني عمر الله صالح أن باكستان وجهت إنذارا إلى كابول توعدت فيه بالرد على أي غارات جوية محتملة على مواقع «طالبان» في محيط معبر «تشمن» الحدودي الرئيسي بين الدولتين.

وأعرب عن استعداده لنشر أدلة تؤكد أن باكستان طلبت من طائرات حربية أفغانية كانت على بعد 10 كلم عن سبين بولداك إما التراجع أو التعرض لاستهداف بصواريخ جو - جو.

ونفت وزارة الخارجية الباكستانية صحة هذه الأنباء، مشددة على أن إسلام أباد تعترف بحق أفغانستان في تنفيذ عمليات داخل أراضيها.

في غضون ذلك، أعادت باكستان، أمس، جزئيا فتح معبر «تشمن»، الذي أغلقته بعد سيطرة «طالبان» على بلدة سبين بولداك الحدودية في ولاية قندهار جنوب البلاد الأسبوع الماضي.

وفي دليل آخر على التوتر بين البلدين، أعلنت وزارة الخارجية الأفغانية، في بيان امس، أن ابنة سفيرها لدى باكستان سلسلة علي خيل "اختطفت وعُذّبت بشدة على مدى ساعات على أيدي مجهولين، عندما كانت في طريقها إلى منزلها".

ودعت الوزارة الحكومة الباكستانية إلى "تحديد المسؤولين عن الحادثة ومعاقبتهم وتأمين سفارة أفغانستان وقنصلياتها بالكامل، وضمان حصانة الدبلوماسيين الأفغان في أراضيها، وفقا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية".

وصرح المسؤول في مجموعة شبه عسكرية باكستانية محلية محمد طيّب: «فتحنا الحدود عند تشمن حتى المساء، بما يسمح لما يصل إلى 4 آلاف أفغاني، بمن فيهم نساء وأطفال، بالعبور إلى أفغانستان للاحتفال بعيد الأضحى مع عائلاتهم، لأسباب إنسانية بحتة»، مشيرا إلى أن القرار اتخذ بسبب «الهدوء النسبي السائد في الجانب المقابل»، إلا أنه شدد على أن المعبر سيبقى مغلقا أمام الأعمال التجارية.

الاستخبارات الأميركية

في غضون ذلك، كشف تقرير لشبكة CNN أن أحدث تقييمات دوائر الاستخبارات الأميركية تحذر من تقدم «طالبان» في أفغانستان «بوتيرة متسارعة»، وحذرت من أن الحركة قد تسيطر قريبا على جزء كبير من البلاد في أعقاب انتهاء انسحاب القوات الأميركية نهاية الشهر المقبل.

وأشارت CNN إلى أن مصادر عدة مطلعة على آخر التقييمات اعتبرت أن العاصمة كابول ستكون «محطة أخيرة» للحركة التي من المرجح أن تستهدف مراكز سكانية كبيرة قبل التقدم نحو العاصمة.

ووسط حديث عن «هجمة» استثمارية صينية محتملة على أفغانستان في المرحلة المقبلة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن أميركا وأفغانستان وباكستان وأوزبكستان شكّلت «منتدى دبلوماسيا جديدا» لدعم السلام والاستقرار في أفغانستان وتعزيز العلاقات الإقليمية في التجارة والأعمال.

ترويكا موسعة

في المقابل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر بأوزبكستان، إن «موسكو ستواصل العمل مع الأميركيين والصين، على شكل ترويكا موسعة» حول الوضع في أفغانستان، مؤكدا أن بلاده «جاهزة للمساعدة في تسهيل الحوار بين الأطراف المتحاربة بهدف إنهاء الحرب الدائرة منذ سنوات والتأسيس لأفغانستان سلمية ومستقلة ومحايدة».

من ناحيته، أعرب مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف عن اعتقاده أن «طالبان» لا تسعى من وراء الهجوم الكبير الذي شنته مع بدء الانسحاب الأميركي والأطلسي للاستيلاء على السلطة بل تعزيز موقفها في مفاوضات السلام.

إلى ذلك، قالت وسائل إعلام روسية، إن الرئيس فلاديمير بوتين عرض على نظيره الأميركي جو بايدن استخدام قواعد روسية في آسيا الوسطى لمتابعة الأوضاع في أفغانستان.

ووجهت روسيا في الأيام السابقة انذارات لواشنطن بضرورة ألا يتحول الانسحاب من أفغانستان إلى عملية إعادة تموضع أميركية في دول بآسيا الوسطى حيث لدى موسكو نفوذ تاريخي.

من ناحيته، دعا وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو الى «ضرورة تشجيع آليات التعاون الثلاثية بين دول المنطقة، مثل ​أفغانستان​، أذربيجان، جورجيا، إيران، باكستان وتركيا»، مشددا على «أهمية التواصل في سبيل تعزيز التجارة والرفاه والتفاعل بين دول المنطقة»، مستذكرا طريق الحرير التاريخي والمبادرة الصينية الحالية.

وجدد استعداد تركيا لمواصلة تشغيل وضمان أمن مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة كابول «من أجل مصلحة الأشقاء الأفغان».