نار المردم ولا جنة المحرقة
أستمتع بين الفينة والأخرى بالكتابة في مجال تخصصي الدقيق وبالأخص فيما يخص معالجة النفايات وتثمينها وتحويلها الى كل ما هو مفيد، ولعل من أبرز ما كثر الكلام حوله هو موضوع حرق النفايات الصلبة ولا سيما البلاستيكية منها والمضار المتعلقة بهذا كله من أبخرة وملوثات تنجم عن عمليات الحرق التي تهدف (عادة) إلى تحويل هذا اللقيم الخسيس الى حرارة وكهرباء، كما تشرفت شخصيا في تناول هذا الموضوع مرات عدة ولا سيما في تشخيص وتشريح هرم معالجة النفايات بالتحديد النفايات البلاستيكية الصلبة والذي يتربع على أعلى درجاته موضوع تحويل النفايات الى طاقة متجددة بديلة من خلال عمليات الحرق تلك. المشكلة الحاصلة الآن هي التنبؤات التي تحوم حول موضوع كهذا خصوصاً أن دولاً عديدة (عربية، آسيوية، أوروبية) كانت تستخدم الحرق رغم مساوئه لمعالجة النفايات التي ينجم عنها ملوثات بسيطة وتصدر العديد من الشق الآخر إلى الخارج (الصين عادة)، فهذا الأمر الذي بدأ يضمحل شيئا فشيئاً والمتوقع أن ينتهي في عام 2035 مع الصحوة البيئية الناجمة لدى العديد من الدول والتي ستجعل أصحاب المحارق يضطرون إلى حرق كل نفاياتهم مما يزيد بصمتهم الكربونية والملوثات المصاحبة لتلك العملية كذلك. طبعا كل هذا سيجعل من عملية إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري (الكلاسيكي) مقارباً لذلك من النفايات الصلبة، وفي النهاية نكون من منظور بيئي (مكانك راوح).
المصيبة أننا ما زلنا في بلداننا لم نصل إلى هذه المرحلة من التصميم الهندسي الموائم للبيئة والتفكير الجدي في المحافظة أو حتى استغلال موارنا بشكل مثالي، وكل تلك التنبؤات تطرح سؤالاً جدياً للمستقبل القريب وهو: مع نضوب النفط والتحول التدريجي عن مشتقاته، هل سنستخدم أراضينا لردم النفايات أم سنقوم باستيراد النفايات بدلا من التخلص الآمن لها؟! وهل سنفكر بالملوثات المصاحبة لهذا كله ونحمي أجيالنا القادمة من الأضرار البيئية لمثل تلك الممارسات؟! على الهامش: سلاح السلطات في شتى بلدان العالم خصوصاً لدى الأنظمة الأحادية التفكير القمعية، كان وما زال تجار الدين بكل أطيافهم وتوجهاتهم، إذ تجدهم بعيدين كل البعد عن قضايا الشعوب وهمهم الأول والأوحد هو (دخول الخلاء بالقدم الصحيحة)، فاحذروهم ولا تصدقوهم.