في محاولة لعرقلة هجوم طالبان على المدن الكبيرة أعلنت السلطات الأفغانية أمس، فرض حظر تجول ليلياً في 31 من ولايات البلاد الـ 34، مستثنية ولايات كابول وبانشير وننغرهار.في حين جدّد الرئيس الأميركي جو بايدن دعمه لنظيره الأفغاني أشرف غني.
وأعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، أن بايدن وغني اتّفقا خلال مكالمة هاتفية مساء أمس الأول، على أن "هجوم طالبان يتعارض مع مطالب الحركة بدعم تسوية تفاوضية للصراع".وأضافت أن الإدارة الأميركية تدعم القيادة الأفغانية، كما تدعم المفاوضات الجارية بين الأطراف الأفغانية للوصول إلى تسوية سياسية دائمة وعادلة"، وأن بايدن جدد "التزام الولايات المتحدة بدعم القوات الأفغانية، واستمرارها في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية".جاء ذلك، بعدما صدرت عن "طالبان" تصريحات متضاربة بشأن اشتراطها إقالة الرئيس غني لوقف النار، في خطوة تسلّط الضوء مجدداً على الانقسامات في صفوف الحركة. وكان الناطق باسم الحركة، محمد شاهين، قال أمس الأول إن السلام في أفغانستان لن يتحقق قبل إقالة غني وتشكيل حكومة جديدة تحظى بقبول جميع الأفغان.إلا أن المتحدث باسم المكتب السياسي للحركة المقيم في الدوحة، محمد نعيم، قال إن وسائل إعلام فسرت تصريحات شاهين بشكل غير صحيح.
تكتيك هجومي
ميدانياً، قال غني خلال الاجتماع الأمــــني المعــــروف بـ «اجتماع السادسة والنصف صباحا»، في القصر الرئاسي، أمس، إن الأمن في المناطق المحيطة بالعاصمة كابول قد تحسّن،في المقابل، اتهمت "طالبان" غني بالتصعيد بإعلانه خططا لشن عملية كبيرة ضدها في الأشهر المقبلة. وشدّدت على أنها "ستدافع بكل قوة عن مناطق سيطرتها، وستختار لأجل ذلك استراتيجية الهجوم بدل الدفاع".الى ذلك، هدّدت "طالبان" الولايات المتحدة بـ "عواقب" بعد الغارات الجوية التي نفذها الجيش الأميركي في قندهار. وفي السياق نفسه، قال مسؤول دفاعي أميركي، إنه "على مدار الـ30 يوماً الماضية، نفذت الولايات المتحدة نحو 7 غارات جوية ضد طالبان بطائرات من دون طيار، استهدفت معدات عسكرية استولت عليها الحركة".جرائم حرب
في غضون ذلك، نفى نعيم أن تكون الحركة قد ارتكبت جرائم حرب من خلال قتل واعتقال عشرات المدنيين بعد سيطرتها على منطقة سبين بولداك في قندهار الجنوبية الواقعة على الحدود مع باكستان.وكان الناطق باسم شرطة قندهار قد كشف، أمس الأول، أن مسلحي "طالبان" زاروا منازل في سبين بولداك خلال الليل بحثا عن موظفين حكوميين لقتلهم. وأضاف إن المسلحين قتلوا حتى الآن أكثر من 100 رجل، ولا يزال بعض الأشخاص في عداد المفقودين. وتحدثت تقارير محلية عن إقدام عناصر الحركة على قطع رأس مترجم أفغاني كان يعمل لمصلحة الجيش الأميركي. وحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سيطرت "طالبان" على أحياء في قندهار، واحتجزت مئات السكان الذين اتهمتهم بالارتباط بالحكومة. وأكدت أن "طالبان قتلت بعض المعتقلين بمن فيهم أقارب مسؤولين حكوميين محليين وأفراد من الشرطة والجيش".بلينكن والهند
وبعد تشديده على أن بلاده حريصة على ألا تتحوّل أفغانستان إلى ساحة تدريب للإرهابيين، يستعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء المقبل للقيام بأول زيارة له منذ توليه منصبه إلى الهند، في موازاة تصاعد مخاوف نيودلهي بشأن الوضع في أفغانستان.وكانت الهند من بين أكثر مؤيدي حكومة أفغانستان التي تولت السلطة بدعم دولي بعد الغزو الأميركي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. وكانت "طالبان" قد أوت المتطرفين السنّة المناهضين للهند إبان حكمها أفغانستان منذ عام 1996 إلى عام 2001، وخلال تلك الفترة خُطفت طائرة ركاب هندية مدنية إلى معقل "طالبان" في قندهار عام 1999.وضخّت الهند ثلاثة مليارات دولار في أفغانستان منذ عام 2001، بما في ذلك للمساعدة في بناء مبنى جديد للبرلمان، مما أغضب منافستها التاريخية باكستان التي كانت الداعم الرئيسي لـ "طالبان".وأجلت الهند أخيرًا 50 دبلوماسيًا وموظفين آخرين من قنصليتها في قندهار، رغم إصرارها على أن البعثة ستبقى مفتوحة، وأن الموظفين سيعودون فور تحسُّن الوضع الأمني. ويتحدث مراقبون هنود عن تقارب بين الهند وإيران بالنسبة إلى الوضع في أفغانستان، إذ تلتقي مصالحهما حول ضرورة عدم السماح لأي وضع جديد بازدهار المجموعات السنيّة المسلحة المتشدة.طاجيكستان
وبينما أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ناقش مع نظيره الطاجيكي، شير علي ميرزو، الوضع على الحدود الأفغانية - الطاجيكية، أبدى المسؤول الثاني في اللجنة الطاجيكية المكلفة الأوضاع الطارئة إيمومالي زودا، استعداد بلاده الواقعة في آسيا الوسطى لاستقبال 100 ألف لاجئ أفغاني.باكستان
وفي إسلام آباد، أعلن وزير الداخلية شيخ رشيد أحمد أن بلاده أرسلت قوات عسكرية إلى حدودها مع أفغانستان لمنع أي عبور لها من جانب مسلحين أو عسكريين أفغان.وقال: «الآن قوات الجيش النظامي تحرس الحدود بدلا من القوات شبه العسكرية»، مضيفا أن القرار اتخذ في إطار التجاوب مع الوضع المضطرب في الجانب الأفغاني من الحدود.سيدات أعمال يخشين عودة «العصر المظلم»
مع تقدم حركة "طالبان" بسرعة عبر أفغانستان، تعبر سيدات أعمال عن مخاوفهن من العودة إلى فترة حكم الحركة المتشددة المظلمة، التي منعت خلالها النساء من حقهن بالتعليم والعمل والحركة. ووفقاً لتقرير نشرته مؤسسة "طومسون رويترز"، فقد عبرت المصممة مرضية حفيظي عن القلق بشأن استمرار عملها في مجال الأزياء والمكاسب التي حققتها النساء في السنوات العشرين الماضية.وافتتحت مرضية (29 عاما) متجر الملابس الخاص بها في العاصمة كابول عام 2018، محققة حلما طال انتظاره بأن تصبح سيدة أعمال في بلدها المحافظ الذي يسيطر عليه الرجال، وهو إنجاز لم يكن من الممكن تصوره خلال حكم "طالبان" من 1996 إلى 2001.ويعمل لدى حفيظي رجال ونساء يقومون بقص أحدث تصاميمها وخياطتها وكيها، وتقول "إذا عادت طالبان إلى السلطة، وفرضت عقليتها القديمة المظلمة، فقد أضطر إلى المغادرة".وأضافت "ينصحني جميع أصدقائي وعائلتي بالاستقالة ومغادرة البلاد، لكن تصميمي على تعزيز الأعمال التجارية النسائية، وخلق فرص عمل لهن، ورؤية بلادي أفغانستان التي تعتمد على نفسها، تجعلني هنا وأكافح من أجل البقاء".وفرضت "طالبان" أحكاما صارمة شملت الجلد العلني والرجم، وفرض على النساء تغطية أجسادهن ووجوههن، كما منعن من الدراسة أو العمل أو مغادرة المنزل دون أزواجهن أو أقاربهن، حتى أطاح بالحركة التدخل الأميركي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.فوزية كوفي هي إحدى المفاوضات القلائل في محادثات السلام بين السياسيين الأفغان و"طالبان"، وهي الناجية من محاولتي اغتيال، تقول إن "المقاومة التي تتمتع بها نساء أفغانستان لن تعود بهن إلى نقطة الصفر".وأضافت "سنبذل قصارى جهدنا للحفاظ على وجود المرأة في المجتمع وفي الحياة السياسية والاجتماعية، ولن نعود إلى الماضي المظلم".وخطت النساء خطوات كبيرة خلال العقدين الماضيين، حيث أنهت أعداد متزايدة منهن تعليمهن ودخلن إلى سوق العمل وإلى عدة مجالات أخرى، منها السياسة والإعلام والقضاء والضيافة وتكنولوجيا المعلومات.وتشغل النساء 27 في المئة من مقاعد مجلس النواب بالبرلمان، وتمتلك ما يقرب من 60 ألف شركة، معظمها في كابول، بما في ذلك المطاعم والصالونات ومحلات الحرف اليدوية.نيلوفر أيوبي (28 سنة)، تدير شركة تصميم داخلي اسمها "ماريا للأقمشة"، وتحظى بشعبية في العاصمة، قالت: "مهما كانت الظروف فلن أتخلى عن عملي".وأضافت "إذا وصلت طالبان إلى السلطة، فسيتعين عليهم إما قتلي أو السماح لي بمواصلة عملي".وقالت معصومة جعفري (23 عاما) التي تبيع المجوهرات والمكياج في كابول، إنها تعرف "الثمن الذي ستدفعه النساء إذا استولت طالبان على السلطة، ونأمل وندعو الله ألا يعود العهد المظلم أبدا".