لا يزال رئيس الحكومة اللبناني السابق نجيب ميقاتي، الاسم الأوفر حظاً لنيل تكليف النواب بتشكيل حكومة جديدة، في الاستشارات النيابية الملزمة المقررة غداً، في حال لم تؤجل إذا كانت هناك حاجة لكسب المزيد من الوقت والمشاورات في سبيل التوافق. ويحظى ميقاتي بالأكثرية النيابية، التي تخوله أن يكون رئيساً للحكومة، إذ تؤيده قوى أساسية؛ هي تيار المستقبل وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي، و«حزب الله» - وإن لم يصوت له - وعدد من النواب المستقلين.
لكن ميقاتي، في الوقت نفسه، يواجه مشكلة «ميثاقية مسيحية»، إذ قد يتم تكليفه بدون أصوات الكتلتين المسيحيتين الأكبر في البرلمان، كتلة «التيار الوطني الحرّ» المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون، وكتلة «القوات اللبنانية» التي أعلنت أنها لن تسمي أحداً خلال الاستشارات.وهو يعمل منذ فترة ليكون رئيساً للحكومة، إذ كان يعلم أن زعيم «المستقبل» سعد الحريري لن يتمكن من تشكيل حكومة، بسبب موقف رئيس الجمهورية ميشال عون ولعدم حصوله على دعم خارجي واضح. وكان ميقاتي طرح نفسه قبل أن يترشح الحريري في شهر سبتمبر الفائت، واقترح تشكيل حكومة تكنوسياسية مؤلفة من 20 وزيراً 6 منهم سياسيون و14 اختصاصيون، لكن الحريري قطع الطريق عليه. وهو يعلم أيضاً، بناء على لقاءاته واتصالاته الدولية، أنه مدعوم من الفرنسيين، الذين يفضلونه لتولي مثل هذه الحكومة في مثل هذه المرحلة. وهو ينطلق في مهمته من دعم فرنسي، وتأييد القوى اللبنانية السالفة الذكر.رغم ذلك، فإن هذا الدعم لن يكون كافياً ليتمكن ميقاتي من تشكيل الحكومة، فأمامه مسار طويل ومعقد، يرتبط بسلوك عون، الذي لا يزال على موقفه نفسه الذي تشبث به إبان تكليف الحريري، مما يعني أن ميقاتي سيكون أمام خيار من اثنين: إما التنازل لعون وتلبية كل مطالبه، وهذا أمر شبه مستحيل، وإما الاستمرار في الدوران بحلقة مفرغة، من دون الوصول إلى نتيجة، فيكون تكليفاً بدون تأليف. وقبل عودته إلى بيروت، التقى ميقاتي الحريري طالباً دعمه، بعدما نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في كسب موافقة الحريري على تسمية ميقاتي، وحصل اللقاء للتفاهم على مرحلة التشكيل والتنسيق حول استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة.وفي الساعات المقبلة، سيطلق ميقاتي جولة مشاورات جديدة مع القوى السياسية، ويعقد لقاءات بحثاً عن الوصول إلى تفاهمات حول تسميته، لكن بحسب المعطيات المتوافرة فإن «التيار الوطني الحر» لن يسميه؛ لمجموعة أسباب، أولها -وفق ما يقول رئيس «التيار» جبران باسيل في مجالسه الخاصة- أنه «جزء من المنظومة، وهناك شبهات فساد كثيرة حوله، وماذا سيقول للناس؟». لذلك سيترك باسيل الأمر مفتوحاً للتفاوض خلال مرحلة التشكيل للبحث في إمكانية المشاركة، وهنا ستفرض شروط كثيرة على ميقاتي لن يكون قادراً على تلبيتها، أو السير بها. في المقابل، من الواضح أن عراقيل كثيرة ستوضع في طريق التشكيل، ففي الوقت الذي يعلن فيه رئيس الجمهورية استعداده للتعاون مع ميقاتي، تؤكد مصادر متابعة لموقفه أن أحد شروطه تبقى في التفاوض بين ميقاتي وباسيل بذريعة الحفاظ على حقوق المسيحيين، وهذا المسار سيكون نسخة متكررة عن سيناريو الحريري.ولا بد من الإشارة إلى وجود خلاف داخل «كتلة التيار» النيابية، صحيح أن هناك توافقاً على عدم تسمية ميقاتي، لكن هناك اختلافاً كبيراً حول طرح جبران باسيل تسمية نواف سلام لتشكيل الحكومة، إذ يريد باسيل الإقدام على هذه الخطوة، لإيصال رسائل إيجابية إلى الخارج، وللقول إنه لا يوافق على تسويات المنظومة الحاكمة، كما يوجه ضربة إلى رؤساء الحكومة السابقين. وفي الاجتماع الأخيرة للكتلة، حصل اختلاف حول هذا الأمر، إذ كان الاتجاه لدى الكثير من النواب هو عدم تسمية نواف سلام، لأن ذلك سيؤدي إلى المزيد من الانقسامات الداخلية، وخصوصاً على صعيد العلاقة مع «حزب الله». وبحسب المعلومات فإن كتلة «التيار» أجلت اتخاذها القرار النهائي حتى صباح غد.
أخبار الأولى
لبنان: ميقاتي مهدَّد بسيناريو «التكليف بلا تأليف»
25-07-2021