في الصميم: ما دخل الشريعة بكورونا؟
تصريح منظمة الصحة العالمية بأن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا حلال يفتح باب التأويلات الدينية المتشددة، ويفتح علينا أبوابا واسعة مستقبلا على أي عقار ينقذ الأفراد أو البشرية لا يتوافق مع أحكام الشريعة، فالخبر على بساطته وعدم أهميته الصحية لا يسترعي الانتباه فقط، لكنه يثير الكثير من التساؤلات.
نشر مؤخراً خبر غريب منسوب إلى منظمة الصحة العالمية تؤكد فيه أن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا حلال، وأنها لا تحتوي على أي مكوّن حيواني من أي نوع كان، وأن هذه اللقاحات متوافقة مع قوانين الشريعة الإسلامية.الحقيقة أن الخبر ليس له أي مسوغ، فالعالم أجمع، مسلمون ومسيحيون وغيرهم من الديانات، يواجهون وباء عالمياً لا مجال فيه لأي تأويل أو طلب رخصة دينية، ولم نسمع بأن هناك من طلب فتوى أو رأياً في مكوناته، وما إذا كانت حيوانية أم لا، فالضرورات تبيح المحظورات وهو تشريع إلهي، فالأولى، ومن دون سفسطة، أن يؤخذ العلاج على علاته، وهذا الإعلان يوحي بأنه لو أن اللقاحات أخذت من مكونات حيوانية، ومنها الخنازير، لأصبحت حراما على المسلمين واليهود تحديدا.
هذا الخبر حقيقة ليس له محل من الإعراب، فهو يفتح باب التأويلات الدينية المتشددة، ويفتح علينا أبوابا واسعة مستقبلا على أي عقار ينقذ الأفراد أو البشرية لا يتوافق مع أحكام الشريعة كما سيدعي المتفيقهون، فالخبر على بساطته وعدم أهميته الصحية لا يسترعي الانتباه فقط، ولكنه يثير الكثير من التساؤلات، فما دخل منظمة الصحة العالمية في الأمور الشرعية والدينية، ولماذا صيغ بطريقة تبرئ اللقاح من مكوناته الحيوانية، وهو أمر محير، فلم يحصل أن صدر أي تصريح لتلك المنظمة حول أي من اللقاحات لا قديما ولا حديثا يدور حول ما إذا كان يتوافق مع الشريعة أم لا.الضرورات تبيح المحظورات، إنها رخصة ربانية أكدها الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة بعد أن ذكر محرمات الطعام من الميتة والدم ولحم الخنزير، فقال جل وعلا: «إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»، ومن هذه الآيات وأمثالها قرر فقهاء الإسلام مبدأ مهما وهو: «أن الضرورات تبيح المحظورات».