ما مصير العلاقات بين تايوان والولايات المتحدة؟
حقق الرئيس الأميركي جو بايدن عدداً من الإنجازات من خلال تجديد دور القيادة الأميركية في آسيا، وكان أبرزها مرتبطاً بتايوان التي عبّرت عن تأييدها القوي لترامب سابقاً، نجح بايدن في كسب تأييد التايوانيين، لكن ذلك لا يعني أن مسار هذه العلاقة سيكون سهلاً في المرحلة المقبلة، إذ تتعدد المسائل الثنائية والعامة التي تثبت أن العلاقات التايوانية الأميركية ستبقى معقدة خلال ثلاث سنوات ونصف على الأقل.قد تجد الولايات المتحدة صعوبة في تحقيق جميع التوقعات المنتظرة منها، فمن الناحية الأمنية، تكثر المطالب المتعلقة بمساعدة تايوان في بناء جيش الجيل المقبل، على أن تشمل هذه العملية بيع الأسلحة بشكلٍ دائم، والقيام بتبادلات عسكرية علنية وسرية، أو حتى المشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة. يتوقع البعض أيضاً أن تساعد الولايات المتحدة تايوان في تحسين قدراتها الدفاعية أو حتى تسهيل الإصلاحات في أوساط الجيش التايواني.على المستوى الدبلوماسي، ستستمر الدعوات إلى إقامة اتصالات رفيعة المستوى لتطبيع هذه العلاقة الثنائية ودعم مشاركة تايوان في منظمات دولية مثل جمعية الصحة العالمية.
لكن تتعلق المسألة الأساسية بطريقة تعامل الولايات المتحدة مع الحملات الصينية المضادة بغض النظر عن توقيتها ونهجها، فقد تابعت الصين تصعيد الضغوط على تايوان بوتيرة تدريجية، فاخترقت الطائرات الصينية مثلاً منطقة الدفاع الجوي التايوانية بدرجة غير مسبوقة غداة قمة مجموعة الدول الصناعية السبع. هل ستتغير طبيعة الضغوط المفروضة إذاً بدل أن تزيد قوتها؟ وإذا غيرت الصين تكتيكاتها فعلاً، فماذا سيكون الرد الأميركي على ما يحدث؟حصلت نقاشات كافية حول استعداد الولايات المتحدة لإنهاء موقفها الاستراتيجي الغامض الذي رفع سقف التوقعات. أعلن كيرت كامبيل الخبير في السياسة الآسيوية حديثاً أن الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان، فقوبل موقفه بدرجة من الاستياء وسط الرأي العام التايواني، حيث تدرك قيادة «الحزب الديموقراطي التقدمي» الحاكم في تايوان أن الولايات المتحدة لن تدعم استقلال البلد بحكم القانون. يتعلق أكبر تحدّ سياسي يواجهه هذا الحزب بالسيطرة على توقعات مناصريه لأن أفضل صفقة مطروحة اليوم تقضي بالحفاظ على نوعٍ من الصداقة والشراكة مع الولايات المتحدة. حققت إدارة بايدن إنجازات عدة في هذا الملف، منها إعطاء طابع دولي لأمن تايوان عبر حصد الدعم من شركاء واشنطن وحلفائها، فقد ذُكِرت مسألة السلام والأمن في مضيق تايوان للمرة الأولى خلال قمة مجموعة الدول الصناعية السبع والاجتماعات التي حصلت بين اليابان والولايات المتحدة، وبين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وبين أستراليا واليابان، وفي تايوان، يدعم الكثيرون خطة تُعتبر أهم استراتيجية لكبح مسار الصين، لكن حين تزداد الجهات التي تتدخل في هذه المسألة، ستزيد الحاجة إلى تخصيص وقت إضافي لحصد الإجماع، ولهذا السبب، يتساءل البعض: هل تملك الولايات المتحدة الوقت الكافي لبناء هذا النوع من التحالفات نظراً إلى سرعة تنامي النفوذ الصيني، علماً أن إعطاء هذا الملف طابعاً دولياً قد يُصعّد الحملة الصينية المضادة على الأرجح؟ ستكون الانتخابات الرئاسية في تايوان في يناير 2024، قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر، آخر اختبار تواجهه إدارة بايدن، وفي حال انتخاب حزب «الكومينتانغ» المعارِض، ستضطر واشنطن لتحديد طريقة تفسير هذه النتيجة، وبرأي هذا الحزب، يجب أن تدرك الولايات المتحدة أن أي شكل من كسر الجليد في العلاقات العابرة للمضيق يجب ألا يُعتبر بمثابة خيانة للمصالح الأميركية.بغض النظر عن هوية المسؤولين في المكتب الرئاسي والبيت الأبيض، ستواجه العلاقات التايوانية الأميركية تحديات مستمرة، وبما أن الدعم المتزايد يرفع سقف التوقعات، ستكون المراحل الإيجابية قصيرة دوماً. باختصار، سيجد بايدن صعوبة دائمة في الحفاظ على الآراء الإيجابية التي حصدها في تايوان.* ميليسا كونلي تايلر