"الأطفال محرومون من التعليم والترفيه" (مانشيت القبس أمس)... هل هم الأطفال وحدهم الذين حُرموا من التعليم والترفيه؟! الديرة بكل من فيها من شبابها من الجنسين ومن متوسطي الأعمار ومن كهولها وعجائزها محرومون من الثقافة والترفيه. أي ترفيه وأي لحظات فرح يمكن أن نجدها في بلد أعظم شعاراته الفكرية هي "أغسل يدي قبل الأكل وبعده"، و"وصل إلى البلاد وكان في استقباله..."؟!ليس وباء كوفيد هو الذي حرم الناس من الترفيه، فقبل الوباء وبعده وإلى يوم غير معلوم، ستظل الديرة سجناً كبيراً بلا أسوار يمكن أن تقضي فيه عقوبتك! هل مجرد إنشاء دار أوبرا ومتحف أو معرض هنا وهناك يعني أن حزب البخاصة أدخلوا البهجة والثقافة إلى قلوب الناس؟
بلدنا حار ملتهب، وناشف قاس وثقيل الدم، تخنق سكانَه نمطيةُ الحياة اليومية بتكرارها وتفاهتها وباليأس من تغير الأحوال بها، فأين الجديد لنشعر بملل الأطفال وحرمانهم من الترفيه؟ أي بهجة وأي حقوق للناس في الفرح وأي بطيخ تتحدثون عنه، إذا كنت لا تملك قصراً أو شاليهاً على الشاطئ، وليس عندك مزرعة ولا إسطبل ولا كم مليون تهرب بها من الديرة في أي مناسبة، كي تجد في الغربة اللهو البريء وغير البريء؟ وكأن البهجة هنا ببلد الرياء متهم ينتظر نتيجة الحكم عليه!اشتر واشتر دون توقف من السوق والمولات، كي تنسى نفسك بسلعة جديدة، متوهماً أنها ستنقذك من مللك اليومي، إنه استهلاك متواصل للسلع يستعبدك بصوره وخيالات إعلاناته حتى تصير نفسُك ذاتها سلعة.الكاتب النمساوي الكبير ستيفان زفايغ، الذي أنهى حياته في الغربة بعد ملاحقة النازيين لليهود، وهو يهودي، كتب عن نيويورك في الثلاثينيات أو عند نهاية الحرب، وهي المدينة التي قضى بها بعض الوقت في آخر مؤلفاته "العالم بالأمس"، على أنها فارغة؛ فلا مسرح ولا سينما ولا مقهي ثقافي!! أتصور أنه كانت توجد بها تلك الأمور، لكن زفايغ كان يقارنها بعمق الفكر والثقافة والتاريخ الأوروبي... الله يذكره بالخير، لو كان حياً وجاء بالغلط للكويت... فماذا تتصورون سيكتب عنها؟
أخر كلام
الأطفال فقط؟!
27-07-2021